رئيس التحرير
عصام كامل

الأمريكان و١١/١١ !

عندما اندلعت مظاهرات ٢٥ يناير ٢٠١١ في مصر وطور المتظاهرون مطالبهم إلى المطالبة برحيل مبارك عن الحكم حدث انقسام داخل البيت الأبيض الأمريكي تجاه ذلك.. فقد كان هناك فريق ضم وزيرة الخارجية ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي يرى ألا تتبنى واشنطن مطلب رحيل مبارك عن الحكم، لأنه رأى إن ذلك سوف يكون رسالة لحلفاء أمريكا في المنطقة أنها يمكنها التخلي عنهم، خاصة وأن ثمة احتمال أن يتجاوز مبارك هذه الأزمة.. 

 

بينما رأى الفريق الثانى الذى ضم مساعدى ومستشارى أوباما من الشباب أن واشنطن لا يجب أن تخذل المتظاهرين في مصر وتتخلى عن دعمهم، خاصة وأنها انشغلت لسنوات مضت في إعداد وتاهيل شباب مصرى ليقدر على مجابهة النظام المصرى وإسقاطه.. وقد انتصر أوباما في نهاية المطاف للفريق الثانى، ولذلك عندما اتصل تليفونيا بمبارك في مستهل شهر فبراير عام ٢٠١١ طالبه بالتنحي فورا، أو الآن كما قال! 

 

أما في الثلاثين من يونيه عام ٢٠١٣ فإن واشنطن لم تتردد في اتخاذ موقف مناهض للملايين من المصريين الذين خرجوا في مظاهرات يطالبون بإسقاط حكم الإخوان، لأن إدارة أوباما كانت تدعم علنا هذا الحكم، وحتى بعد أن تمت الإطاحة به حرضت الإخوان على استمرار اعتصام رابعة والنهضة بل وتوسيع نطاقه، ومارست ضغوطا على مصر لإعادة الحكم للإخوان، وصلت ذروتها بتجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر.

 موقف أمريكا 


لذلك يبقى مهما استكشاف موقف أمريكا من أية دعوات لإحداث تغيير سياسى في البلاد، خاصة وأن الإدارة الأمريكية الحالية تعد امتدادا لإدارةَ أوباما التى كان لها دورها في ٢٥ يناير، و٣٠ يونيو وما ترتب عليهما من تغيير سياسي شهدته البلاد.. وبالطبع دولة مثل أمريكا لن تجاهر بموقفها علنا تجاه دعوة للتظاهر في مصر أو غيرها من البلاد، وهنا يصير ضروريا البحث عن موقف أمريكا الآن تحت إدارة بايدن تجاه الحكم المصرى الحالى من ناحية، ومن الخطة الأمريكية السابقة الخاصة بتمكين الإخوان من حكم مصر.

 
وبالبحث يمكننا القول إن موقف واشنطن تجاه الحكم المصرى حاليا يشوبه بالطبع حالة من عدم الرضا لأكثر من سبب يأتى في مقدمتها الموقف المصرى الرافض لفرض عقوبات اقتصادية على روسيا، والداعم للسعودية في اتفاقها مع الروس لتخفيض إنتاج النفط.. لكن عدم الرضا هذا الذى عبرت عنه واشنطن في تجميد مبلغ ليس كبيرا من المساعدات العسكريةَ لم يرق إلى رفض النظام السياسي المصري.. 

 

والأهم من ذلك أن أمريكا مشغولة حاليا بتنفيذ خطة تراها الأولى بالاهتمام الآن وهى الخاصة بإضعاف روسيا التي تعتبرها مع الصين عدوا لها، وإضعاف أوروبا أيضا، من خلال تداعيات الحرب الأوكرانية، ولذلك تعمل مع الرئيس الأوكراني على إطالة أمد هذه الحرب التى طالت أيضا عدوها الثانى وهو الصين.. 

 

 

أى أن خطة تغيير الأنظمة السياسية من الخارج التى أُعدت في عهد بوش الابن ونُفذت في عهد أوباما تراجعت أولويتها الآن لدى الأمريكان في ظل الصراع العسكري الدائر الآن في أوكرانيا والذى خلف للعالم كله أزمة اقتصادية كبيرة، لكنها في الأغلب لم تنته أو تلغى من الأجندة الأمريكية.. ولعل هذا يفسر لنا لماذا تقوم المنابر الإعلامية الإخوانية بتحريض الأمريكان على مصر بسبب سياساتها وموقفها إزاء الحرب الأوكرانية.  
ونكمل غدا   

الجريدة الرسمية