رئيس التحرير
عصام كامل

“سامحني يا ولدي.. لقمة العيش السبب”.. مأساة طفل من عمال التراحيل فقد قدمه بمزارع القصب | صور

مزارع القصب
مزارع القصب

مع زقزقة العصافير، وهدوء ساعات الصباح الأولى يجلس عشرات الأطفال على جانبي الترع، ينتظرون السيارة التي تقلهم إلى حيث مكان عملهم في غيطان القصب بقرى ومراكز محافظة قنا، يرتدون ملابس قديمة تصلح للعمل ويربطون على خصرهم قطعة من القماش لوضع آلات التكسير وعلى رؤوسهم الشال للوقاية من الشمس.

لقمة العيش وفرحة الحصاد 

عند الوصول بعربات متهالكة حيث يتم جمع الأطفال في سيارة نقل غير صالحة، ولكنها تتحمل معاناة السير في طرقات القرى والنجوع الوعرة يتمايل الأطفال مع كل مدق، يبتسمون وقلوبهم تملؤها الهموم رغم صغر السن ولكن الحياة اختارت لهم هذا الطريق.

يسرد محمود عوض سالم، ابن الــ16 عاما أن والده توفي وهو في عمر صغير واضطر إلى ترك الدراسة بعد أن أصبح الطريق إلى المدرسة صعب المنال، خاصة أنهم 9 ابناء، وجميعهم يحتاجون إلى المال ووالدته مريضة ويصعب عليها الخروج إلى العمل.

وتابع: لم يكن أمامي طريق سوى العمل في هذه المهنة التي تعلمتها بسرعه.. نأتي في الصباح ونجتمع عند مقاول الأنفار الذي ينقلنا إلى مكان العمل.. الجميع يتعامل معنا بآدمية ولكن يظل العمل هو العمل.

أصعب المخاطر التي تواجه الصغار

وقال سيد محمد اسماعيل، ابن الــ17 عاما، أن من أصعب ما يواجهنا في العمل هو الثعابين والعقارب التي تخرج علينا، بالإضافة إلى الذئاب التي تكون بين جنبات القصب، والكلاب الضالة المسعورة التي تخرج علينا في فترات الصباح الباكر، فرحلتنا تبدأ مع شق نور الصباح كما يطلق عليه هنا في الصعيد.

وتابع: الوصول إلى أقرب وحدة صحية يستغرق وقتا طويلا وقد تتاخر الحالة والبعض قد يفارق الحياة عند التعرض للاصابة من تلك الحيوانات المفترسة والزواحف السامة.

ونوه سالم محمود علي، أحد العاملين بحقول القصب، إلى أن العربات متهالكة وقاطرات نقل القصب لا تصلح وتحصد العديد من أرواح الأطفال عند النقل، وحتى الجمال التي تنقل المحصول في بعض الأحيان تكون خطر خصوصا صغار السن.

وتابع: في كل عام يقولوا لنا أن الحال سوف يتغير وتتبدل القاطرات وتتطور وسائل نقل المحصول ولكن يبقى هذا دائما مجرد حلم.. نشعر بالحزن بسبب الأطفال الصغار الذين يصابون ولا نجد لهم طبيب أو مستشفى قريب.. وعندما يصلون المستشفى يكون قد فات الاوان.

وقال: اتذكر حادث الطفل ياسر الذي فقد قدمه أثناء النقل في قاطرات النقل ولا أنسى نظرة والدته وهي تحمله وتقول"الحمد لله أنه لا زال على قيد الحياة اشيلك في قلبي يا ولدي، سامحني عشان خاطر ربنا، خليتك تشتغل بسبب لقمة العيش والحياة الصعبة "والدموع تتصبب من عيونها.

الجريدة الرسمية