رئيس التحرير
عصام كامل

القيامة أمانة وإخلاص

أهنئكم جميعًا بـ"عيد القيامة المجيد" الذي يحتفل به أقباط "مِصر" ومَسيحيو الشرق اليوم، كما أهنئكم بـ"عيد تحرير سيناء"، ضارعين إلى الله أن يبارك بلادنا ويحفظها من كل شر. واليوم، ونحن نحتفل بـ"عيد القيامة"، ندرك أنها حقيقة أكدتها الأديان، وأن الحياة بعد الموت هي الحياة الحقيقية الدائمة التي سوف يعيشها البشر. فرحلة حياة الإنسان ما هي إلا مدة قصيرة كما ذكر "يعقوب الرسول" في رسالته: "أنتم الذين لا تعرفون أمر الغد! لأنه ما هي حياتكم؟ إنها بخار، يظهر قليلًا ثم يضمحل". 

 

نعم، فحياة البشر على الأرض، مهما طالت فهي وجيزة، ومهما دامت لا تقارَن بالحياة الأبدية التي لا تنتهي بعد أن يقوم الإنسان. ومن هذا المنطلق، تقدم إلينا القيامة رسالة: أن أبدية تنتظرنا امتدادًا لحياتنا الأرضية، على نحو أسمى، فلم يعُد الموت هو النهاية، بل صار عبورًا من الأرض إلى السماء. 

قيمة الحياة 


لذلك علينا أن نُدرك قيمة الحياة التي نعيشها الآن، فكل إنسان سوف يقف أمام الله في القيامة ليحاسَب على أعماله في حياته؛ "فإذًا كل واحد منا سيُعطِي عن نفسه حسابًا لله"؛ لذٰلك فإن الإنسان الحكيم يضع دائمًا نُصب عينيه تلك اللحظة التي سيصدر فيها الحكم عليه، مدركَا نتائج أعماله، فيقوم بمراجعة نفسه وتعديل كل سلوكه أو فكره متى تطلّب الأمر.


والقيامة ترفع نظر الإنسان إلى السماء فتربط حياته على الأرض بما بعد الموت؛ لتصبح طريقًا واحدًا ممتدًا من الأرض إلى السماء، وممتلئًا من المحبة والعطاء وتعضيد الآخرين و... إلخ، وتجعله يعيش لا لنفسه فقط في غير مراعاة للآخرين، بل يهتم بكل ما هو لبناء من حوله وخيرهم. وبهٰذا تصبح القيامة دافعًا للبشر من أجل العمل بأمانة وإخلاص، في الحياة التي منحهم الله إياها. 

 

 

أعجبني قول أحدهم: "عندما تنتهي حياتي وأقف أمام الله، أتمنى ألا تكون لديَّ موهبة تُركت بلا عمل، وأن أستطيع أن أقول لله: إنني استخدمتُ كل ما أعطيتني إياه للخير.". إن القيامة هي نور يُلقي بضيائه في حياة البشر، وينعكس على من يعرفونه فتصير خَُطواتهم علامات في طريق الحياة.
وهٰكذا علينا أن نسأل أنفسنا عما قدمنا من محبة وخير وخدمة إلى الآخرين، فهٰذا مقياس الله كلي المحبة. 
كل عام وأنتم بخير. 

الجريدة الرسمية