رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

كنا نغنى "الله اكبر فوق كيد المعتدى" في الشوارع!

ما هى صورة 23 من ديسمبر التى حفرت في وجداننا؟ في كل عام ونحن في المرحلة الابتدائية كان 23 ديسمبر هو عيد النصر، العيد الذى يجسد صد مصر للعدوان الثلاثى فى عام 1956، كنا أطفالا ولم يكن هذا اليوم أجازة رسمية، كنا نخرج من المدرسة فى صفوف متساوية، وفى المقدمة أحد الزملاء ممن هم فى الصف الخامس والسادس الابتدائى يحمل علم مصر، كنا نطوف شوارع قريتنا، ونردد بصوت قوى الأناشيد الوطنية، كنا نغنى "الله اكبر.. الله اكبر فوق كيد المعتدى"، كنا نغنى "ناصر يا حبيب الكل يا ناصر"، كنا نغنى "بلادى.. بلادى"..

احتفالات عيد النصر

وكان أهل القرية يشاهدوننا في بهجة وسعادة، وكانت بعض النساء يطلقن الزغاريد، كان يوما وطنيا رائعا، وكنا كأطفال نحلم باليوم الذى نكبر ونصبح في أول الصف لنحمل العلم ونقود المهرجان المبهج السعيد الذى يطوف القرية، كنا سعداء بهذه اللحظات ولم نكن ندرك أن هذا يرسخ في داخلنا بذور الإنتماء دون أن ندرى.

وهذا يذكرنى أيضا في الصف الرابع الابتدائى حين أراد الاستاذ عبدالحميد شبل أن يقسم الفصل إلى مجموعات وفرق، فإختار لكل فريق إسم أحد زعماء تاريخنا المجيد، كنت مثلا قائد فريق أحمد عرابى، وزميلى عبدالحليم عصام قائد فريق مصطفى كامل، وصلاح السباعى قائد فريق سعد زغلول، وبالنسبة لفريق البنات فكانت منى رياض قائدة لفريق هدى شعراوى، هذا المدرس لم يكن يتجاوز الرابعة والعشرون من عمره، لك صديقى القارىء أن تتخيل، كل فريق حفظ تاريخ قائده، وأنا منذ تلك اللحظة أعشق الزعيم أحمد عرابى والاقرب إلى نفسى وأدافع عنه بجسارة، أليس هذا ينمى الإنتماء ويرسخ فى داخلنا البذور التى تنمو على حب وعشق بلادنا ونعرف ابطالها الذين ضحوا من أجلها؟!

الهجوم على الزعيم

كل عام تبدأ حملة منظمة من أعداء ثورة 23 يوليو في الهجوم على الزعيم جمال عبدالناصر، قبل ذكرى أى مناسبة وطنية مرتبطة بثورة 23 يوليو، ومن أصعب المواقف في عمر ثورة 23 يوليوكانت هى نكسة يونية 1967.. كيف تعاملت الدولة في ذلك الوقت مع هذه المصيبة؟

لم يتوقف أى مشروع في مصر كان قد بدأ العمل في إنشائه، استطاعت مصر استكمال بناء السد العالى الذى اختير كأعظم مشروع هندسى في القرن العشرن وتم إعلان الانتهاء منه تماما في 23 يوليو 1970، وكان هو مصدر إنارة 75% من كهرباء مصر، وتم بناء مصانع الالمونيوم وهو مشروع عملاق تكلف حوالى ثلاثة مليارات جنية ( 9 مليارات دولار على الاقل فى ذلك الوقت)، وبالرغم من النكسة إلا أن معدل التنمية وصل فى عامى 69، 70 إلى 8 %، وهناك لأول مرة فى تاريخ مصر فائض في الميزان التجارى 47 مليون جنيه فى عام 69، وكانت هذه هى أخر مرة تقريبا يحدث فيها فائض في الميزان التجارى المصرى! 

 

أقول ذلك للأجيال الحالية والتى تسمع أن السد العالى دمر الأرض وحرمها من الطمى وأن توزيع الأرض على الفلاحين أفسد الزراعة، هل تعلمون أن الرقعة الزراعية زادت بنسبة 15 % في نهاية الستينات؟ هل تعلمون أن السد العالى قدم لمصر الكهرباء، وبسببه أقيمت المصانع إعتمادا على الطاقة التى يضخها في شرايين الوطن، ونظم الزراعة، وحمى مصر في نهاية الثمانينات من الجفاف عندما نضبت المياه في نهر النيل وأفريقيا؟!

 

 

هل يعلم الذين يرددون شتائم وقوالب سياسية فارغة أن مصر كانت تلبس فعلا من صنع مصانعها من الرئيس جمال عبدالناصر إلى أصغر مواطن، والجميع كان فخور بذلك، ليس الملابس فقط بل الأجهزة الكهربائية والأثاث وغيرها من صنع مصر بحق، وربما لا يعرف البعض أن مصر في عهد الزعيم جمال عبدالناصر تم بناء أكثر الف ومائتين مصنعا منها مصانع ثقيلة ومنها مصانع تحويلية واستراتيجية، وكانت أكبر قاعدة صناعية في العالم الثالث، وكان الجنيه المصرى بثلاثة دولارات ونصف، ويساوى أربعة عشر ريالا سعوديا، وسعر الجنيه الذهب بأربعة جنيهات، وكانت ديون مصر مليار دولار للروس ثمن أسلحة تم التنازل عنها ولم تدفع مصر مليما، ذلك فى عام 70 عندما رحل جمال عبدالناصر.

لم تنكسر إرادة الشعب المصرى بل واجه العدوان الثلاثى، وواجه أكبر نكسة في تاريخنا، ولم ينكسر لأنه كان لديه إيمان وإنتماء للوطن وثقة في القائد.

Advertisements
الجريدة الرسمية