رئيس التحرير
عصام كامل

الفيلم المنتظر

مع اقتراب ذكرى انتصارات أكتوبر.. تمر السنوات وتمضي العقود، ولا يزال السؤال مطروحًا دون إجابة: متى نرى أعمالًا سينمائية بميزانيات ضخمة وتقنيات متطورة تجسد البطولات العسكرية المصرية في حرب أكتوبر بما يليق بها وتستحقه؟.. استطاعت الأغاني الوطنية التعبير عن انتصاراتنا في حرب أكتوبر بصورة لم تصل إليها معظم الأعمال السينمائية التي يمكن وصفها –على اختلاف مستوياتها- بالمتواضعة إذا ما قُورنت بحجم الحدث وعظمته.

 

 

ربما عاد الأمل قليلًا في إيجاد إجابة السؤال بعد عرض فيلم الممر عام 2019 الذي رد الاعتبار للأفلام الحربية المصرية بعد تجسيده لواحدة من بطولاتنا في حرب الاستنزاف، ورغم ذلك ظلت السينما المصرية بعيدة عن التعبير عن نصر أكتوبر والتطرق إلى القصص الإنسانية في حياة الجنود والضباط وعائلاتهم وما عاناه الشعب بأكمله ودفعه من أثمان باهظة ليخرج من الهزيمة إلى النصر في سنوات قليلة.

توثيق الملحمة المصرية

أما عند عبور الأطلسي، فإنني أظن أن أي جندي أمريكي قد تعثر يومًا في بندقيته فأطلق بها الرصاص مصادفة في أحد المعارك سوف تهتم هوليوود بتوثيق قصته وصناعة بطولات وهمية عن انتصارات خارقة لجيشها حتى نكاد نصدق أن جندي المارينز لا يُقهر من كثرة ما أصبغت عليه السينما الأمريكية من صفات الشجاعة والإقدام.

صنعت الأفلام الغربية بطولات الجندي الأمريكي على الشاشة فرسختها في عقول المشاهدين حول العالم حتى انطبعت عن جيشهم صورة ذهنية تعكس القوة والتفوق والكفاءة قبل إطلاق رصاصة حقيقية واحدة!

أما نحن فلسنا في حاجة لاختراع بطولات وهمية لجنودنا بل يكفي تسليط الضوء على بطولاتنا العسكرية الحقيقية التي لم تحصل على ما تستحقه من الاهتمام الفني.

كل معركة في أكتوبر تستحق فيلما سينمائيا أو عملا دراميا ضخما يخصص لها عارضًا جوانبها القتالية وقصصها الإنسانية.. من معركة الفردان، وحصن بورتوفيق، ورأس العش مرورًا بمعركة كبريت، والمزرعة الصينية، إلى انتصار قواتنا الجوية في معركة المنصورة.. عشرات المعارك والانتصارات في أكتوبر.. كل ملحمة منهم تستحق التخليد في عمل فني.. وإذا كنا قد قهرنا العدو الإسرائيلي في ساحات القتال عام 1973 فقد حان الوقت لهزيمته فنيًا عبر توثيق الملحمة المصرية.

إن الحاجة إلى تجسيد بطولاتنا في حرب أكتوبر عبر أعمال سينمائية ودرامية يتجاوز الرغبة في التوثيق ليصل إلى أهمية عرض نماذج وطنية تاريخية تستلهم منها الأجيال الجديدة القدوة بعد أن تبث في قلوبهم الأمل والإيمان بقدرة وطنهم على تجاوز أصعب الأوقات والمحن.

الجريدة الرسمية