رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

اعتزال السلطة!

إذا كان اعتزال لاعب كرة قراراً صعباً جداً لا يقدر على اتخاذه لاعبون كثيرون حتى يتم إجبارهم عليه، فما بالنا بقرار حاكم اعتزال السلطة التي فيها الكثير من المغريات، التي لا يقدر على مقاومتها إلا أشخاص قليلون جدا.. لذلك كانت المستشارة الألمانية ميركل شديدة الشجاعة وهى تتخذ قرار اعتزالها الحكم والعمل السياسي كله، رغم أن القانون لا يمنعها من الاستمرار في الحكم الذي ظلت تحتفظ به ستة عشر عاما.

 

 

وهذا القرار الذي اتخذته الأم ميركل، كما يطلق عليها اللاجئون السوريون بعد أن فتحت أراضى بلادها لهم، لم يقدر على اتخاذه حكام غيرها وظلوا يحتفظون بالسلطة حتى تم إجبارهم على تركها أو الاستعانة بدول أخرى تساعدهم على الاحتفاظ بالحكم.. لذلك تخرج المستشارة الألمانية من السلطة وهى تحتفظ باحترام كبير وواسع داخل بلادها، حتى من الذين عارضوها ورفضوا منحها أصواتهم في آخر انتخابات خاضتها..

شجاعة ميركل

 

وربما يعتبر البعض ذكاء ميركل هو الذي دفعها لاتخاذ قرارها اعتزال السلطة، لأنها تراجعت هي وحزبها كثيرا في آخر انتخابات واضطرها ذلك لتقديم تنازلات لشريكها في الحكم، وهو الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وكان من المتوقع أن يزيد هذا التراجع في هذه الانتخابات، خاصة بعد أن لاقى قرارها باستقبال مليون لاجئ سورى اعتراضات واسعة.. 

 

وقد يكون ذلك صحيحا لكنه لا يلغى شجاعتها عندما اتخذت قرار اعتزال الحكم.. فهناك حكام ينتفض الناس في بلادهم ضدهم مطالبين إياهم بالرحيل ويتشبسون بالسلطة حتى وإن سالت الدماء.. وهناك حكام يخسرون الانتخابات ويقاومون تسليم السلطة بحجة الطعن في هذه الانتخابات والادعاء بتزويرها، لذلك ستظل المستشارة الألمانية ميركل بقرارها اعتزال السلطة استثناء تاريخيا ليس في بلادها فقط، وإنما في العالم كله.. 

 

وإذا كان المحللون الآن مهتمين بما سيحدث في أوروبا والعالم بعدها، فان المؤرخين سوف يتوقفون كثيرا أمام قرارها الذي اتخذته باعتزال السلطة قبل بضعة أشهر مضت وسيتم تنفيذه حال تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة.

Advertisements
الجريدة الرسمية