رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رفقا بالفقراء يا دكتور مدبولي

لم أصادف حكومة فى العالم تتعامل مع شعبها بمنطق عدم الشفافية مثلما تتعامل حكومة الدكتور مصطفى مدبولى مع المصريين، وكأنها قد عقدت العزم على إرهاقهم بقرارات يستحيل تنفيذها على أرض الواقع، وعلى العكس تماما مما هو معلن.

 

فلأسباب خفية لا يعلمها سوى الدكتور مصطفى مدبولى ووزرائه، اتخذت الحكومة المصرية قرارا غير معلن بمنع المصريين من البناء، غير أنها لم تعلن ذلك صراحة، بل وضعت شروطا يعجز معها مصري من الحصول على ترخيص بناء، حتى لو تفرغ لإنهاء الإجراءات المطلوبة لسنوات.

ولعل ما يدعو للعجب، أن أول الشروط الجديدة التى وضعتها حكومة الدكتور مصطفي مدبولى للحصول على ترخيص بناء، هو ضرورة تقديم عقد مسجل بالشهر العقارى للأرض المراد البناء عليها، وهو ما يتعارض وتوجيهات "الرئيس" الذى تدخل منذ عدة أشهر وقرر وقف العمل بقانون الشهر العقارى" الكارثى لمدة عامين، غير أن الحكومة أصدرت أوامر غير معلنة بالعمل بالقانون على أرض الواقع، وبدأت مجالس المدن والأحياء تنفيذه، على الرغم من علمها يقينا انه يتطلب إجراءات إداريه طويلة ومعقدة يعجز المواطن على الوفاء بها ولو بعد سنوات، وإغلاق الطريق على كل من يريد البناء من البداية.

 

المضحك فى الأمر، أنه منذ أن شرعت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى فى تنفيذ شروط منظومة البناء الجديدة منذ عدة أشهر، لم يتمكن سوى مواطن مصري واحد فقط من الحصول على ترخيص بناء، فى كل محافظات مصر، بعد أن حددت المنظومة الجديدة شروطا تعجيزية لا تتناسب على الإطلاق والواقع الاجتماعى والتخطيطى لكل مدن وقرى مصر، ولا تتناسب سوى مع واقع البناء فى المدن الجديدة فقط، حيث اشترطت عدم البناء سوى على 70% فقط من الأرض فى حاله تعد مساحتها ال 175 مترا، أى أن المواطن الذى تحويشة العمر فى 200 متر أرض لن يتمكن سوى على ساحة 140 مترا فقط.

شروط مجحفة

ليس هذا فحسب، بل اشترطت منظومة البناء الجديدة إلا يتعدى إرتفاع المبنى 4 طوابق فقط فوق الأرضى، حتى لو وصل عرض الشارع إلى 50 مترا، وعلى ألا يتضمن المبنى أى نشاط تجاري، ويكون الدور الأرضى خاليا من أى محلات، ويحوى جراجا بشكل إجبارى، حيث اشترطت ألا يتعدى ارتفاع المبنى 10 أمتار "أرضى + دورين " فى حالة ما إذا كان عرض الشارع أقل من 8 أمتار، وألا يتعدى 13 مترا "أرضى + 3 ادوار" فى حالة تراوح عرض الشارع بين 8 و13 مترا، وألا يزيد عن "4 أدوار + أرضى" فى حالة زيادة عرض الشارع عن 12 مترا، وهى إرتفاعات تجعل الثمن الكلى للمبنى مرتفعا للغاية، فى ظل الأسعار الباهظة لمتر الأرض فى مصر.

 

الواقع يقول إن تلك الاشتراطات لا يمكن تطبيقها فى ريف وأقاليم مصر، وأنها تمثل إجحافا لحق المواطن البسيط فى بناء منزل يئويه وأولاده، فكيف للحكومة أن تفرض على مواطن أفنى عمره لدفع مليون جنيه فى 200 متر أرض فى حارة ضيقة بعيدا عن العمران لا يزيد سعر الأرض فيه عن 5 آلالف جنيه، وتفرض عليه ألا يقوم بالبناء سوى على 140 مترا فقط، وأن يدفع رسوما تزيد عن الـ 250 الف جنيه لاستخراج رخصة والوفاء باشتراطات الرسومات الهندسية وغيرها، ورسوم لتوصيل الكهرباء والمياه، ليحصل فى النهاية على شقتين تزيد تكلفة الواحدة منهما عن المليون ونصف المليون جنيه، وحرمه حتى من امتلاك محل أو محلين أسفل منزله، وفرض عليه إقامة جراج وهو لا يمتلك حتى دراجة.

 

للأسف الواقع يقول إن الحكومة كانت منفصلة تماما عن الواقع عند وضع شروط منظومة البناء الجديدة، التى لا تتناسب سوى فى المدن الجديدة فقط، وتتعارض تماما وثقافة البناء فى الأقاليم والريف المصرى، وتقضى على حلم المواطن العادى فى امتلاك منزل يئويه وأسرته.. وكفى.

Advertisements
الجريدة الرسمية