رئيس التحرير
عصام كامل

قبل 1400 سنة.. تعرف على وصية عمرو بن العاص لمواجهة «الوباء»

فيروس كورونا
فيروس كورونا
مع استمرار انتشار فيروس كورونا وظهور سلالة جديدة من الفيروس المستجد، يتسارع الناس حول معرفة آخر آخبار اللقحات الخاصة بمواجهة الفيروس، والتي يعلق عليها الكثيرون آمال كبيرة في التصدى للفيروس وتحجيم انتشاره. 


وبالعودة إلى سير أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم- نجد أنهم مروا بظهور عدد من الأوبئة والأمراض الفتاكة حيث كانوا سباقين في استخدام طرق الحد من انتشار الوباء ولعل أبرزها تطبيق قواعد التباعد الاجتماعي.

كيف تعامل المسلمون مع الأوبئة في تاريخهم؟

في السنة الثامنة عشرة للهجرة النبوية تفاجأ المسلمون بظهور طاعون عمَواس، وهو وباء ظهر في قرية عَمَواس بفلسطين، ثم تفشَّى في الشام كله، وهو أول طاعون وقع في الإسلام بالشام، وذلك في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذكر أن المسلمين تحركوا في إطار قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون: "إِذا سمعتم به بأرضٍ، فلا تقدموا عليه، وإِذا وقع بأرضٍ، وأنتم بها؛ فلا تخرجوا فراراً منه ".

وهذا الحديث النبوي فيه إشارة واضحة إلى ما يطبق اليوم علمياً وعملياً من الحجر الصحي بهدف مواجهة الأوبئة المنتشرة، فرسول الله لم يكتف بأن يأمرهم بعدم القدوم إلى الأرض الموبوءة، بل أتبعها بأن أمر من كان في أرض أصابها الطاعون ألا يخرج منها، وذلك لمنع انتشار العدوى فينتقل الوباء إلى مناطق أخرى، وبذلك فإن هذا الحديث لفتة إعجازية تضاف إلى سجل الطب النبوي.
 
وصية عمرو بن العاص لمواجهة كورونا 

وقد رجع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بناء على هذا الحديث إلى المدينة ولم يدخل الشام بعد أن كان قد قصدها ولم يكن ذلك هرباً من الموت المقدر أن عمر أجاب أبا عبيدة بن الجراح عندما سأله عن سبب رجوعه إلى المدينة، قائلاً: أفراراً من قدر الله؟، فأجاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لو غيرك يقول هذا، نعم نفر من قدر الله إلى قدر الله… وعليه فقد أباح بعض العلماء الخروج على ألا يكون الخروج فراراً من قدر الله، والاعتقاد بأنَّ فراره هو الَّذي سلَّمه من الموت، أمَّا مَنْ خرج لحاجةٍ متمحِّضَةٍ، فهو جائزٌ، ومن خرج للتَّداوي فهو جائزٌ، فإِنَّ تَرْكَ الأرض الأوبئة، والرَّحيل إِلى الأرض النَّزهة مندوبٌ إِليه، ومطلوبٌ.

وطلب الفاروق بعد ذلك من أبي عبيدة أن يرتحل بالمسلمين من الأرض الغمقة التي تكثر فيها المياه، والمستنقعات إِلى أرضٍ نزهةٍ عالية، ففعل أبو عبيدة.

بينما بقي أبو عبيدة بن الجراح وغيره من الصحابة في الشام ولم يخرجوا منها بعد أن أصابها الوباء، وقد أصاب بعض العلماء عندما ذكروا في حكمة النَّهي عن الخروج فراراً من الطاعون: أنَّ النَّاس لو تواردوا على الخروج، لصار مَنْ عجز عنه بالمرض المذكور أو غيره ـ ضائع المصلحة، لفقد من يتعهَّده حيّاً وميتاً، ولو أنَّه شُرع الخروج، فخرج الأقوياء؛ لكان في ذلك كسر قلوب الضُّعفاء. وقد قالوا: إِنَّ حكمة الوعيد من الفرار من الزَّحف؛ لما فيه من كسر قلب مَنْ لم يفرَّ، وإدخال الرُّعب فيه بخذلانه.

وفي رواية أن الوباء لم يرتفع إِلا بعد أن ولي عمرو بن العاص رضي الله عنه الشام، فخطب النَّاس، وقال لهم: أيُّها الناس! إِنَّ هذا الوجع إِذا وقع إِنما يشتعل اشتعال النَّار، فتجنَّبوا منه في الجبال، فخرج، وخرج النّاس، فتفرقوا حتّى رفعه الله عنهم، فبلغ عمر ما فعله عمرو، فما كرهه.

علاج فيروس كورونا 
ولم ينس الصحابة أهمية التقرب من الله والدعاء إليه والرجاء منه في تلك الأوقات العصيبة، فأخذ أهل الصلاح والعباد من الناس يتوبون إلى الله ويستغفرون ويزيدون من العبادات، ومن أجل التقرب إليه فقد شرع بعضهم في إغلاق حوانيت الخمر، وابتعد الناس عن ارتكاب الفواحش والمنكرات .

وللمسلمين تجارب في تطبيق الحجر الصحي، فقبيل انتشار طاعون 1798م في المغرب، استطاع المغاربة تطبيق حجر صحي واتخاذ إجراءات للوقاية من الوباء الذي قدم من الشرق، فهم وإن لم يستطيعوا أن يتفادوه ولكنهم استطاعوا تأخير قدومه عدة سنوات، فهذا الطاعون أول ما بدأ في الإسكندرية في عام 1783م.

الجريدة الرسمية