رئيس التحرير
عصام كامل

سوق العتبة وسوق مجلس الوزراء

يتندر المصريون الافتراضيون -شخصيات السوشيال ميديا- بفيديوهات التقطها مارة للعتبة وسوقها المزدحم بآلاف من البشر يتجمعون في مساحة ربما تقل عن كيلو متر واحد..

ولم يكتف الافتراضيون ونحن معهم بفكرة التندر أو السخرية، بل وصلنا إلى حد المطالبة بإغلاق السوق وتوقيع غرامات على المخالفين، إذ إن الصور توحي بكارثة في الطريق إن لم تكن قد سكنت الديار.. آلاف الديار.

وسوق العتبة واحد من أهم الأسواق الشعبية التي يلجأ إليها محدودو الدخل لتحقيق رغبات شراء ترتبط بأعياد ومدارس ومناسبات وغيرها من التزامات الحياة، ومرتادو هذا السوق جمهور عريض زاد اتساعه عشرات المرات بعد ثورة يناير التي كانت قد قامت من أجل "عيش – حرية – كرامة إنسانية".

اقرأ ايضا: دماء الشهداء تزين رمال سيناء

 

تذكرنى ثورة يناير وشعاراتها بأحداث يوليو ١٩٥٢م التي أطلقت شعارات ستة كان من بينها إقامة حياة ديمقراطية سليمة، وكان أيضا من بينها القضاء على الإقطاع مع أن مصر لم يكن بها إقطاع.

ما علينا.. الأهم الآن هو سوق العتبة الذي اكتسب شهرة بين عوالم الشبكة العنكبوتية بسبب مساحة لا متناهية من اللامبالاة.. قد يقول قائل إن السوق أنشئ عشوائيا من الأساس وإن المساحة التي يشغلها كارثة مرورية وبيئية أصلا وقد يرى آخرون أن وجود السوق في "سُرة البلد" يسهل على أهالينا الوصول إليه بأقل كلفة.

وفريق ثالث يرى أن عددا كبيرا من باعة السوق والمترددين عليه أقل تعليما وثقافة وبالتالي فإن العشوائية هي العنوان الأبرز للسوق، وهي السبب وراء الزحام المهدد لأرواحهم، ومع احترامى لكل مجتهد حول تسبيب الفوضى فإني أرى أن "لقمة العيش" تفرض على طالبها أن يساوي بين الموت جوعا والموت بالوباء.. كلاهما موت ونهاية محتومة.

اقرأ ايضا: سيف البطالة يطارد 12 مليون مصري

هذا عن سوق العتبة فماذا عن سوق مجلس الوزراء؟.. سوق يتورط فيه وزير وأعضاء من مجلس النواب وأساتذة جامعات وباحثون ومناقشون وعدد لابأس به من "عٌلية القوم" الذين يطالبون الجماهير العريضة أن تلتزم بشعار "احمى نفسك..احمى وطنك".

الدكتور أشرف صبحى يشغل منصب وزير الشباب والرياضة في الوزارة الحالية -هذا للعلم أولا- وهو شخصية حظيت بتعليم عال كما نستدل على ذلك بوجود حرف الدال مسبوقا باسم سيادته مما يعنى أنه حاصل على الدكتوراه ومن قبلها طبعا الماجستير.

ماذا فعل أشرف؟ ذهب مشاركا بارك الله فيه لمناقشة رسالة ماجستير بجامعة طنطا، وهو جهد مشكور، لابد وأن يكون الطالب وهو ابن عضو مجلس نواب ممتنا لتلك المشاركة.. ولكن هل في ذلك عيب؟

اقرأ ايضا: الأقنعة في عصر الإنسان الافتراضي

لا بالطبع، المشكلة أن جامعة طنطا وهي للإحاطة أيضا محراب علم وحرم مصون بحكم دورها في المجتمع غير أنها وهي التي يعرف رئيسها وأساتذتها أن الجامعات كلها اقتصار حضور المناقشات العلمية على خمسة أو عشرة على أكثر تقدير فماذا فعل علماء مصر المنتمون إلى جامعة طنطا؟

 

باختصار كسروا القواعد لأن بينهم وزيرا أو لأن الطالب المجتهد مقدم الرسالة يحظى بوالد هو من السادة أعضاء مجلس النواب.. زاد عدد الحضور عن الأرقام المحددة لذلك.. هل انتهى الأمر؟

 

في المساء كما أخبرتني الزميلة شيماء النقباسي مراسلتنا بالغربية.. كان الوزير -وزير الشباب والرياضة- قد نال منه الإرهاق بعد مجهود عظيم بذله في المناقشة التي كسرت بها الجامعة قاعدة علمية وضعتها الدولة وأعلنت الجامعة لها معايير وأسسا..بس أسس في البلالة!!

 

اقرأ ايضا: تجميد مبادرة البنك المركزى

 

هل يعود الوزير إلى القاهرة حيث مقر عمل سيادته.. بالطبع لابد وأن ينال من كرم أهل الغربية وهذا ليس عيبا.. إنما العيب أن يحضر الوزير وأعضاء من البرلمان وأساتذة من الجامعة ولفيف كبير من زحام بشري إلتفوا حول حمام سباحة كلية التربية الرياضية على مأدبة إفطار.. أي والله.

 

المشكلة أن سوق العتبة إنما فرضته ظروف أكل العيش على أصحابه وظروف المعيشة "الضنكة" على رواده، أما سوق يضم وزيرا ونوابا وأساتذة جامعات.. ويقولك وعي المواطن قال.. خلينا في وعي الوزير!!

 

الجريدة الرسمية