رئيس التحرير
عصام كامل

اتركوهم يتحدثون

أفسحوا المجال أمام أصحاب التجارب، فلا أصدق منهم ولا أقدر على توصيل الرسالة، خصصوا لهم مساحات على الشاشات المختلفة، وما أكثرها، وإطلالة واحدة لمصاب كورونا مدتها دقيقة واحدة.. كفيلة بتوعية الجماهير وردع المستهترين.

 

دقيقة واحدة لمصاب أفضل من ساعات ينفرد فيها مذيعون بالشاشة، يهددون تارة ويتوعدون أخرى، وفي الحالتين هم فقدوا مصداقيتهم لدى المشاهد. وهنا أحيلكم إلى الجمعيات الخيرية التي تجمع تبرعات بالمليارات لمجرد أنها تضع طفلاً مصاباً بالسرطان أمام الكاميرا ليتحدث مع الناس، أو سيدة مريضة تطلب المساعدة.

اقرأ أيضا: الرقص الحلال

انفراد المذيع بالحديث والتوعية لم يعد مجدياً، واستضافة المنظرين لم تعد تضيف إلا الملل والهروب من الشاشة، ومصاب كورونا إذا تحدث عن كيفية إصابته وماذا فعل وبماذا ينصح الناس لكان أوقع وأجدى، انظروا إلى بعض التسجيلات المتناثرة على مواقع التواصل الاجتماعي لبعض المصابين وما أحدثته من دوي هائل ونسبة مشاهدة تفوق نسبة مشاهدة القنوات التليفزيونية..

 

ولو اختارت وزارة الصحة بعض المصابين وسجلت تجاربهم بكاميرا موبايل ونشرتها على مواقع التواصل الاجتماعي لحققت التوعية المطلوبة.

 

اقرأ أيضا: عذراً يا أطباء مصر

 

لماذا نتحفظ على استضافة المصابين؟ ولماذا يشعرنا الإعلام أن الحكومة هي المتسبب في انتشار العدوى؟ لا الحكومة مدانة، ولا المواطن مدان، فقد داهمنا كورونا في غفلة، مثلما داهم العالم كله، والشكوى من ضعف الإمكانيات في مصر.. هي نفسها في أمريكا وأوروبا والدول العربية.

 

رئيس أمريكا تحدث عن ضعف منظومته الصحية، ورئيس فرنسا سبقه مع رئيس وزراء بريطانيا والمستشارة الألمانية، ولو خرج رئيس الجمهورية أو رئيس الوزارء وأكد أننا أمام كارثة حقيقية لن يلومهما أحد..

 

فلسنا أفضل من العالم كله، ولن يعيبنا ضعف الإمكانيات، لكن يعيبنا الاستمرار في إدارة المنظومة الصحية بنفس الطريقة التي تدار بها منذ عشرات السنين. وإذا كان كورونا قد فاجأنا.. فليكن بداية لمنظومة صحية لها الأولوية في الإدارة الجيدة والإنفاق.

 

اقرأ أيضا: لا تظلموا الشعب

 

افعلوا مثلما فعل العالم كله، استضيفوا المصابين، والأطباء، وطواقم التمريض، فهؤلاء عنوان الشفافية إذا كنتم تريدونها، وهم الروشتة الحقيقية للوقاية والوعي،  ولا مانع من أن يتحدث بعضهم عن نقص في لوازم تستطيع الحكومة توفيرها، وأخرى لا تسطيع، فربما تحرك مصداقية هؤلاء أصحاب المليارات للتبرع، وشأننا في ذلك شأن العالم كله..

 

فلولا تحرك الأثرياء في الصين وأمريكا وأوربا لظلت حكومات هذه الدول عاجزة عن مواجهة الفيروس، وإن لم يتحرك الأثرياء..فالبسطاء سوف يتحركون، وعلينا ألا ننسي أن المليارات التي تجمعها المؤسسات الخيرية سنوياً أغلبها من جنيهات البسطاء.

besherhassan7@gmail.com

 

الجريدة الرسمية