رئيس التحرير
عصام كامل

الرقص الحلال

أن يوقف مدير مستشفى عن العمل لأنه أخطأ في حق مريض.. فهذا طبيعي، وأن يوقف لأنه أخل بأحد واجباته الوظيفية.. فهذا وارد، لكن أن يوقف عن العمل لأنه رقص مع زملائه ابتهاجاً بزميلهم الذي جاءت نتيجة تحليله لفيروس كورونا سلبية.. فهذا قرار معيب صدر في غير توقيته، من مسئول اختار أن ينفصل عن حركة المجتمع، غير عابئ بتبعات قراره.

 

الدكتور متولي أحمد أبو رية مدير مستشفى المنشاوي العام بطنطا لم يرقص في ملهى ليلي، فالرجل تقاسم مع طاقمه بالمستشفى قلقاً وتوتراً بسبب زميلهم المشتبه في إصابته بالفيروس، لأن إصابة طبيب يعقبها إغلاق المستشفى وخضوع كل من فيه للكشف، وربما كان هذا سبب فرحة الأطباء وطاقم التمريض الذين استقبلوا زميلهم بالهتاف والغناء..

 

اقرأ أيضا: عذراً يا أطباء مصر

 

واستجاب لهم مدير المستشفى بعد إلحاح لا ليلف الحزام حول وسطه ويقدم وصلة رقص.. ولكن ليهز يديه بطريقة لم تنقص من قدره، ولم تنل من مهنته، وهو عكس ما رآه المحافظ، حيث جاء قراره بوقف الطبيب والتحقيق معه لأنه أساء للمهنة.

 

في مستشفى بورتلاند.. يعمل دكتور جايسون كامبل، هذا الطبيب جعل الرقص جزءا مهما من علاج مصابي فيروس كورونا، يدخل غرف المصابين ويؤدي أمامهم رقصات كلاسيكية قصيرة، ولا يتركهم إلا إذا ضحكوا وشاركوه الرقص..

 

وعندما شعر كامبل بأن رقصه يخفف عن المرضى.. سجل رقصاته على برنامج (تيك توك) ونشرها ليتابعها أكبر قدر من مصابي كورونا الذين أطلقوا عليه لقب (دكتور تيك توك).

اقرأ أيضا: بيزنس الأزمات

 

لم يوقف جايسون عن العمل، ولم يخضع للتحقيق لأنه أساء للمهنة، لكن المجتمع إحتفى به، وقدر جهوده في التخفيف عن المرضى، وحل ضيفاً على برنامج (صباح الخير أمريكا) ليؤكد أنه أقدم على الرقص لأن العالم يفتقد الإبتسامة بسبب كورونا، والحالة النفسية للمرضى يجب أن تكون جيدة، كما أن هذه الفيديوهات تجلب الراحة والسعادة للعاملين في مجال الطب، لأنهم يقضون أغلب وقتهم مع المرضى..

 

وقال جايسون.. أرجو ألا يعتقد أحد أننا لا نتعامل مع كورونا بجدية، فقط..  نحاول العثور على الأمل في الأوقات العصيبة. وبعد أيام.. بدأ عشرات الأطباء يقلدون جايسون ليرسموا الإبتسامة على وجوه المرضى.

 

وفي أمريكا أيضاً.. يستقبل الدكتور توني أدكينز مرضاه بالرقص، ثم يبدأ معهم رحلة العلاج، لذلك أطلقوا عليه لقب (الطبيب الراقص) وهناك من يبحث عنه ليباشر علاجه، وكثيرون استضافوه في منازلهم ليعالجهم بطريقته التي تدخل البهجة على المرضى. ورغم ذلك لم يوقف  (الطبيب الراقص) عن العمل، ولم يخضع للتحقيق.

 

اقرأ أيضا: انتبهوا.. الأسلحة فاسدة

 

وعلى مواقع التواصل الإجتماعي..  تنتشر مئات الفيديوهات لذلك الطبيب المكسيكي، الذي يرقص مع السيدات الحوامل قبل دخولهن غرفة العمليات لإجراء الولادة القيصرية، وعندما سئل عن السبب أكد أن الخوف من غرفة العمليات يتملك السيدات الحوامل، ولذلك اجتهد في إسعادهن، ولم نسمع أن الطبيب المكسيكي أحيل للتحقيق أو أوقف عن العمل.

 

ما فعله الدكتور متولي أبو رية أمراً طبيعياً، يضفي الإنسانية على مهنته الأسمى، أما رقصه فهو الرقص الحلال، وإذا كان لا بد من تحقيق.. ففي قرار المحافظ الذي يمثل ردة إلى الوراء، وتغريد خارج السرب، بل هو رقص، لكنه الرقص الحرام.

besheerhassan7@gmail.com

الجريدة الرسمية