رئيس التحرير
عصام كامل

دروس من الأزمة.. كورونا مجرد بداية

اضطرت الأزمة حكومات العالم إلى تغيير كثير من سياساتها تجاه مواطنيها؛ وكذا رجال الأعمال قبل مستخدميهم، عدا دول لا تحترم بها قوانين وتشريعات حقوق العمال، بعدما أصبح كورونا كالبلطجى المهدد لحياة من يخرجون إلى الشارع.

 

قبل ظهور وانتشار الفيروس اللعين؛ كانت دول قد ذهبت إلى أنظمة استخدام للمورد البشرى تتفق وحاجتها إلى توفير موارد مادية وطاقة، كأن يقوم موظف بمهام عمله إلكترونيا من منزله فيوفر وسائل الانتقال وتشغيل عمالة داعمة واستهلاك مياه وكهرباء وغاز وغيرها، ويحظى بأجر عادل يزيد معه دخله بالتعاون مع جهة عمل أخرى متى أراد.

 

هذه الرؤية فى إدارة الاقتصاد والأعمال اتبعتها مؤسسات اقتصادية وشركات خاصة أيضا لم تر فى مباشرة موظف مهامه من موقعها خدمة أكبر لعوائدها، كما تحولت مهن كثيرة إلى صفة العالمية مع احتراف التعامل بها مع شعوب دول متعددة الجنسيات واللغات؛ لتختفى تباعا ظاهرة السفر لأجل العمل؛ مقابل تنامى البحث عن فرص الهجرة لتغيير مجتمع العيش أولا.

 

اقرأ ايضا: أحزاب البطاطين والكشاكيل

 

فى مصر؛ قامت الحكومة بإدارة الأزمة؛ حتى الآن؛ بطريقة جيدة فى ظل الظروف والإمكانات المتاحة، خاصة وأن مكافحة فيروس كورونا لم تحظ فيها دول محدودة القدرات بدعم فنى أو مادى من دول العالم الأكثر قدرة والأعلى اقتصادا، والأخيرة هى ما ترتفع فيها معدلات الإصابة والوفيات بشكل كبير ومتسارع..

 

لكن كشفت الأزمة غياب عدالة تشريعات العمل فى مصر وتقديم حقوق أصحاب الأعمال على العمال، مقابل حماية حقيقية لحقوق موظفي الدولة ومؤسساتها وإدارة أفضل لرعايتهم وحمايتهم.

 

الفيروس جعل كثيرا من المهن تختفى فترة الحظر؛ وحاصر ظاهرة التسول كثيرا أيضا؛ ونفى عن المتنطعين فرص البقاء والمواجهة، وفكر معه الأذكياء وحدهم فى تغيير نشاطهم واعتماد خريطة أعمال جديدة ربما تدعم رؤية مغايرة لاقتصاديات مجتمعات الأزمات مستقبلا، ربما أخطر ما فيها أن يستمر مجتمع اقتصاد بئر السلم فى إدارتها.

اقرأ ايضا: الهروب من القاهرة

 

كما كشف ظهور الفيروس المدمر؛ أهمية دور الدولة وتدخل مؤسساتها فى الوقت المناسب وفرض رؤيتها وقراراتها وتصدير إجراءات تكافلية ربما تمتد إلى تغيير البنية التشريعية على المستويين الاجتماعى والاقتصادي، وأظهرت حقيقة مؤكدة مفادها أن قوة مؤسسات المجتمع المدني بكافة أشكالها وتأثير أفكارها المطبقة بفكر مؤسسي؛ تمثل ضرورة فى مواجهة التحديات، واستدعت التفكير مجددا فى إعادة النظر بحجم وعدد أحزاب رفضت ممارسة السياسة ففشلت فى الحضور مع الشارع.

 

الدعوة لشعار عالمي إتحادى لمواجهة كورونا جاءت من مصر عبر المحامى بالنقض عصام البنانى مدير المركز المصرى للقانون؛ والذي قدم مقترحا وطنيا لمنظمة الصحة العالمية ومكتب الأمم المتحدة في القاهرة بشعار "عدو واحد.. مصير واحد"، والمفارقة أن الرئيس الأمريكى دونالد ترمب غرد حول شعار مشابه حد التطابق بعد أن ضرب الفيروس بلاده، لكن ظاهرة الاكتفاء بالذات لا تزال تسيطر على أفكار حكومات دول العالم التى قدمت آلاف الضحايا حتى الآن.

اقرأ ايضا: تشريع عقابي يؤجج الصراع الأسري

 

ليس غريبا أن تقوم حكومة بحظر مؤقت للتجول؛ وربما كانت لنداءات الحظر الكامل وجاهتها وفرص تطبيقها فى وقت تراه مناسبا، لكن اللحظة التاريخية التي تحياها البشرية تجعل حكومات الدول العظمى تراجع سياساتها ومواقفها تجاه قضايا عادلة وأوضاع غير مرضية لشعوب بسبب سياساتها تجاهها..

 

كما تدفع الدول العربية إلى مصالحات معلنة وجادة فيما بينها، ومع شعوبها أيضا، لتبدأ خطوة التكامل التى تأخرت تلبية نداءاتها منذ تحررها من الاستعمار التقليدي القديم، وربما تجددت الدعوة والسعى للوحدة والتسامح والتكامل من حكومة بلدنا، فهى أقدر على الفعل والإجراء حقيقة.

الجريدة الرسمية