رئيس التحرير
عصام كامل

أحزاب البطاطين والكشاكيل

مع احترام القانون؛ ولست مع خلط ما هو أهلي مدني بما هو سياسي؛ ولا خلط الدين الثابت بتقلبات المتغير كل ساعة، لكننى أجدنى أمام أهل لا سياسة يمارسون ما يأملون به رضاء ناخبين عنهم فى ظروف ارتضوا هم بدورهم فيها.

 

قبل العام ٢٠١١ ظلت المعضلة فى انحسار العمل الخدمي داخل الكيانات التى مارست السياسة بالإشارة؛ الحزب الوطنى وجماعة الإخوان، مقابل حصار غير محدود لنشطاء أحزاب رسمية هربوا من ضعفها وديكتاتورياتها إلى تأسيس منظمات حقوق الإنسان، بينما غادرت الجمعيات التنموية إلى حزب الرئيس وتنظيم الجماعة المرضي عنها منه؛ حتى خلف أسوار الجامعات المصرية ظهرت نسختان للكيانين؛ حورس والفرقان تتنافسان كأسرتين على اجتذاب الطلاب واستقطاب سكان المدن الجامعية.

اقرأ أيضا: مؤتمر رئاسي لإنقاذ الأسرة المصرية

ثورتان ذكرهما دستور ٢٠١٤ لم تقم بهما أية أحزاب؛ وحركتهما الجماهير ذاتها، حتى إن مواطنين مقتنعين بأننا أمام حالة فورة نتجت عنها تلك التشكيلات والتنظيمات التى تجاوزت ١٠٧ كيانات؛ لم تستبعد بالضرورة المنخرطين من قبل فى العمل بالحزب والجماعة المنحلين، فظلت ثقافة حضورها تنهل من معين واحد، فى محاولة للبحث عن الذات بين الجماهير، لكن بعد أن رتبت قياداتها أوضاعها لدى مؤسسات الدولة؛ خلال مرحلة تنفيذ الاستحقاقات الانتخابية المتكررة.

مشهد توزيع البطاطين والكشاكيل المتكرر كل موسم؛ سرا أو علانية؛ ليس وليدا للحظة استثنائية فشلت خلالها حكومات بتحقيق اكتفاء لمواطنيها؛ بقدر ما هو صناعة تراكمات سياسة أسقطت من حسابات الأحزاب هدفها فى بناء كوادر والسعى للوصول إلى السلطة، وناتج عن محاولاتها ملء فراغ فشلت مثيلاتها فيه من قبل؛ تركته مؤسسات المجتمع المدني التى تعرضت لحملات تشويه وتقييد قانوني أكبر على عملها؛ لدرجة أن رئيس الجمهورية نفسه رفض التصديق على قانونها الجديد وطالب البرلمان بتعديله.

واقرأ أيضا: كريسماس بطعم التسامح

فى مصر؛ كانت الأرقام تتحدث عن ٣٢ ألف جمعية أهلية تقريبا قبل يناير ٢٠١١ ؛ مقابل ما يزيد على ٥٠ ألفا حاليا؛ نجد تعاون الأبرز منها والقائمين عليها مع الأحزاب الجديدة في مشاهد توزيع البطاطين والكشاكيل واللحوم، ربما لافتقاد بعضها الثقة والقدرة على إقناع الشارع بدورها؛ أو لانخراط قادتها فى ذات الأحزاب واستقطابها لهم.

ستظل جدلية تفضيل العمل السياسي الجامد للأحزاب أو العمل الخدمي لها؛ قائمة مستمرة؛ وتتزايد خلال المواسم الانتخابية؛ وهى قريبة جدا مع انتهاء دورة البرلمان الحالي وربما إجراء انتخابات المجالس المحلية، وخلالها إما تلقي أحزاب بمرشحيها للشارع أو تدعم وتنتقي لنفسها وقوائمها الفاعلين بين المواطنين، ربما نفس الفكرة تسيطر على جمعيات عمومية لنقابات مهنية تضم صفوة مجتمع ومثقفين، ولا حرج فى مصارحة أنفسنا بذلك؛ فى ظروف اقتصادية ضاغطة، فالرهان على صوت الناخب متقلب الهوى خاسر بالضرورة.

الجريدة الرسمية