رئيس التحرير
عصام كامل

كنت خليها بجميلة سعادتك!

طبعا نحن نعيش أصعب أيام العالم فى هذا القرن، فالرأسمالية القذرة التى صنعت فيروس قاتل حتى تجنى منه أرقام فلكية من الدولارات، تنظر للموت والموتى بعين سمجة متلهفة للمزيد من الأرباح القاتلة، لا يعنيها شىء مطلقا سوى تضخم أرصدتها..

 

وإذا كانت الحكومة المصرية قد اتخذت مؤخرا إجراءات جيدة تجاه أزمة تكاد تعصف بأرواحنا جميعا، إلا أن هذا الوزير دوما لا ينظر سوى لصورته فقط، وكأنه وزير منفرد دون مجموعة وزارية تعمل معا لصالح الوطن!

 

اقرأ أيضا: روائع الخيانة في السينما المصرية (3)

 

هذا الوزير هو السيد طارق شوقى وزير التربية والتعليم والذى لا يكترث بشىء غير التابلت الخرافى، الذى سينقل مصر لتجلس محل اليابان فى يوم وليلة.. أو هكذا يخاله ويراه ويؤمن به، فهذا الرجل ظل رافضا وبشدة لفكرة تعطيل الدراسة قبل دقائق من قرار السيد رئيس الجمهورية بتعليقها لمدة أسبوعين، ثم تلى ذلك قرارات محمودة من السيد رئيس الوزراء.. توارى الوزير صمتا وربما خجلا، ثم إذ به فجأة يخرج لنا بما كان متوقعا أو مفترضا منذ اندلاع كارثة القرن، ولكن طبعا بلمسته العبقرية!

 

فجوة تعليمية قادمة!

قرارات السيد الوزير والتى نشرها قبل ساعات تقضى بإلغاء امتحانات النقل حتى الصف الثانى الإعدادى، ثم قيام طلاب (التابلت) العزيز لديه بالاختبار من المنزل مرتين، إحداهما تجريبية والأخرى رسمية، ثم قيام تلاميذ الابتدائى بعمل أبحاث الكترونية عوضا عن الامتحانات!

 

اقرأ أيضا: كباريه الحشمة والأدب

 

قطعا كل تلك الإجراءات لا فائدة عملية أو علمية منها، وتبعد كل البعد عن الواقع المصرى الذى يتجاهله السيد الوزير، فالكثير من البيوت المصرية تفتقر لوجود شبكات إنترنت وخاصة فى الريف والأحياء الفقيرة وما أكثرها، فهل سيذهب التلاميذ الصغار لأماكن خاصة (سايبر) لعمل أبحاث معلبة وجاهزة لإرضاء السيد الوزير، نظامه الرقمى العبقرى، وهل سيرجعون معهم بعدوى قاتلة بلا أدنى شك ينشرونها وسط أسرهم.. قطعا سيحدث هذا، ولكن الوزير لا يكترث!

 

كان أولى بالوزير ووزارته ومستشاريه الكثيرين أن يقوموا بضم مناهج السنة الحالية فى النقل للعام الدراسى القادم تجنبا لحدوث فجوة تعليمية كارثية مؤكدة، وكان بالأحرى به أن يكون سياسيا ومتماشيا مع منهج الدولة فى تخفيف أثار ابتلاء كوورنا ويخفف عن الشعب هم متزايد، ولكن يبدو أن الرجل لا يعرف أنه يعيش فى مصر، أو أنه مصر أخرى خيالية خالية من كل المنغصات وناقصها فقط وزارة التعليم!..

 

اقرأ أيضا: زماكان حواري مصر

 

كان ممكن للسيد الوزير أن يجعلها بجميلة وينقل الطلاب للسنة القادمة مع دمج ضرورى للمناهج التى لم تدرس وإلغاء أجازة السبت مثلا فى مدارس العام القادم.. شىء من السياسة والوطنية والخوف على مصلحة الوطن ومواطنيه!

 

امتحان بارتى!

أما عن إجراء امتحانات على التابلت المبجل والمعظم عند الوزارة للصفين الأول والثانى الثانوى، فالسؤال الأولى بالإجابة هو: كيف يمتحن طالب لا يمتلك راوتر فى منزله المتواضع وهناك الملايين هكذا؟ وحتى إذا كان يمتلك نت منزلى فماذا سيفعل إن تعطل خط التليفون فجأة فتعطل النت الأرضى؟

اقرأ أيضا: على حافة جهنم

السؤال الثانى: ألا يشك السيد الوزير فى إمكانية أن يقوم الطالب الاختبار من منزله وبجواره مدرس المادة لكى يجيب بدلا منه عن كل الأسئلة أو على الأقل يشرك معه كل الأحباب والأصدقاء والوالدين وحتى عم عبده البواب!.. ما فائدة هذا الاختبار المزعوم إذن!

ارحمنا يا رب والطف بالوطن!

fotuheng@gmail.com

 

الجريدة الرسمية