رئيس التحرير
عصام كامل

دورية أمريكية تكشف علاقة "أردوغان " بتنظيم "داعش " الإرهابي

أردوغان
أردوغان

تساءلت دورية " انتلجنس أون لاين " الأمريكية، المتخصصة في الشأن "الاستخباراتي " ومكافحة الإرهاب، عن حقيقة علاقة الدعم والمناصرة بين النظام الحاكم في (أنقرة ) وتنظيم "داعش" الإرهابي.

وقالت - في هذا الصدد: إن مقتل أبو بكر البغدادي، زعيم "داعش" في مقر اختبائه في منطقة "باريشة " - وهي قرية تقع فى منطقة "إدلب " السورية التي تبعد ميلين اثنين تقريبا عن الحدود التركية - في أكتوبر الماضي ، تطرح تساؤلات مهمة عن مدى التنسيق الخفى القائم بين النظام التركي و تنظيم "داعش " الإرهابي، حيث كانت منطقة اختباء البغدادي تقع في محيط النطاق العسكري الأمني الذي تسيطر عليه القوات التركية في شمال سوريا. 

وقالت الدورية "الأمريكية" في عددها الصادر اليوم  الإثنين /إنه مثلما أثار مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، في مخبأه بمدينة "أبود أباد " الباكستانية ، عام 2011 التساؤلات حول علاقة الاستخبارات الباكستانية بتنظيم القاعدة "الإرهابي " حيث من المستحيل أن يقيم بن لادن على أرض باكستان ، دون علم وموافقة السلطات الباكستانية ، فإنه وبالمثل يثير إقامة زعيم "داعش " حتى قتل لقي حتفه في منطقة "الحزام الأمني " الخاضع للقوات التركية فى سوريا ، تساؤلاء مهمة مشابهة تؤكد ضرورة علم الاستخبارات التركية بمكان البغدادي ، بل وربما قيامها بالنسيق ، والتسهيل لوجود البغدادى فى منطقة توصف بأنها " محمية تركية على الأراضى السورية " ، فضلا عما يثيره ذلك من تساؤلاء حول حقيقة ، وطبيعة الدور التركي في سوريا ، لا سيما على خلفية اتهامات لتركيا بالقيام بنقل وحشد مالا يقل عن ثلاثة آلاف من مسلحي "داعش " من سوريا لدعم "حكومة الوفاق" في (طرابلس) .

وتؤكد التقارير الاستخبارية الغربية أن منطقة " باريشا " السورية التي كانت ملاذا للبغدادي ، كانت خاضعة بصورة كاملة ، ومشددة للقوات التركية منذ عام 2016 مشيرة إلى أنه في عام 2018 تمكنت الفصائل السورية المسلحة - المتحالفة مع الأتراك - توسيع نطاق سيطرتها على مناطق إضافية الى الجنوب من تلك المنطقة التي لا تزال تحت سيطرة المسلحين الموالين لتركيا في سوريا . 

وتتسم المناطق الخاضعة للهيمنة التركية في شمالى سوريا بنظام خاص لتسيير أمور الادارة المحلية بها ، وذلك عبر مجالس محلية تضم خليطا من العناصر العربية و التركمانية والكردية و اليزيدية ، ويتم عبر تلك المجالس انتخاب ممثلين عنها في تشكيل ما أطلقت عليه تركيا " الحكومة السورية المؤقته " التي نصبت نفسها وصية على مقدرات تلك المناطق بدعم كامل من (أنقرة ) والمؤلفة من معارضين سوريين ممن استقدمتهم تركيا من أماكن منفاهم البعيدة ، وحددت لهم بلدة "عزاز " في ريف "إدلب " مقرا لها ، وأمدتهم بكافة أشكال الدعم . 

وكشفت الدورية الأمريكية - في سياق تقريرها - استنادا الى تقارير استخباراتية غربية عن استخدام تركيا لبلدة " عزاز " مركزا للتدريب العسكري لما يعرف ب"قوات الشرطة الحرة " تحت الاشراف الكامل من جهاز الاستخبارات التركي ، وبتسليح وعتاد مقدم بالكامل من (أنقرة ) لمنتسبي تلك "الشرطة الحرة " .

وتعد بلدة "عزاز " بشمالي سوريا ، إحدى البلدات القريبة من الأراضي التركية ، وتقع بالكامل تحت السيطرة التركية العسكرية ، ولا يتجاوز عدد سكانها 30 ألفا من العناصر العربية . كما تشير التقارير الإخبارية إلى أن عناصر ما يعرف ب " الجيش الوطني السوري الحر " المؤلف من 25 ألف مسلح ، تتدرب و تعمل بحرية تامة تحت القيادة و الإشراف التركى الكامل ، وإن ذلك يتم في مناطق الشمال السوري الخاضعة للسيطرة العسكرية التركية ، لافتة كذلك إلى أن تركيا قد عمدت إلى إدماج المئات من مقاتلي "داعش " في صفوف " الجيش السورى الحر " كما أدمجت فيه عناصر من "القاعدة " و" جبهة النصرة " التى تصفها التقارير الغربية ب" القوة المتسلفة الأكثر قدرة بعد داعش " في الميدان السوري . 

كما تكشف التقارير الاستخبارية الغربية النقاب عن دور كبير لتركيا فى دعم ما يعرف ب " تنظيم أحرار الشام " وهو تنظيم جهادي سلفي يضم عشرين ألف مسلح ، ولا يرتبط ببيعة ولاء – معلنة رسميا – من قياداته للقاعدة ، وإن كان هذا التنظيم فى حقيقة نشاطه يشارك "القاعدة" أهدافها على الأراضي السورية . 

و تشير التقارير الاستخباراتية كذلك – حسب الدورية الأمريكية – إلى قيام (أنقرة ) منذ عام 2017 بالسيطرة على نشاط مقاتلي " أحرار الشام " وجعلهم وكلاء قتال عن تركيا ، كما سمحت لهم القيادة العسكرية التركية بإقامة نقاط الارتكاز والتفتيش في مناطق السيطرة التركية شمالى سوريا . 

وتسيطر تركيا فى مناطق الشمال السورى على ما يعرف بميليشيا " حراس الدين " التى تنتمى للتيار الجهادي السلفي ، و المعروف عنها ارتباطها بالقاعدة ، رغم إنكار قياداتها ، و تعمل عناصر " حراس الدين " تحت إمرة القيادة العسكرية التركية في شمال سوريا ، والتي أسندت إليها مهمة ضبط الأمن فى منطقة " باريشا " حيث كان يختبئ زعيم "داعش" . 

وتستبعد التقارير المخابراتية الغربية أن تكون (أنقرة ) على غير علم بمكان اختباء زعيم "داعش " الهالك ، أبو بكر البغدادي في شمال سوريا ، كما أنها لا تستبعد أن تكون (أنقرة ) هي التي كانت تتولى حراسته وإيوائه ، وهو ما يطرح تساؤلات خطيرة تستوجب التحرى حول علاقة تركيا بالارهاب الذى يصور نظام أردوغان بأنه يكافحه " لا سيما و ان كتائب " حراس الدين " قد تبين انها هى التى كانت تتولى تأمين البغدادى فى اقامته بمنطقة "باريشة ". 

وفي سياق متصل ، أكدت صحيفة "نيويورك تايمز " الأمريكية - فى تقرير لها - استحالة إقدام أبوبكر البغدادي ، على العيش لعدة أشهر فى منطقة " باريشة " السورية بعيدا عن اعين ، وربما ترتيب من القيادة العسكرية التركية ، مؤكدة على أن قيام كتائب " حراس الدين " التى تدير نشاطها (أنقرة ) بحراسة وتأمين البغدادي ، تقدم دليلا دامغا على ذلك التعاون ، بل ربما التحالف القوى القائم سرا بين النظام الحاكم في تركيا و تنظيم "داعش " الإرهابي . 

و بينما ينفى الموالون لتركيا على الساحة السورية أي علم للاستخبارات التركية بمكان اختباء البغدادي في منطقة تخضع عسكريا للجيش التركي من الناحية العملية ، تتساءل الصحيفة في سياق تقريرها عن حقيقة ما تم الإعلان عنه ، من أن عميلا للاستخبارات الكردية فى سوريا هو الذى زود بالمعلومات التي ساعدت الأمريكيين على تحديد مكان البغداد ، ومن ثم استهدافه .

وتساءلت "نيويورك تايمز" عن حقيقة العلاقة بين تركيا و المجموعات المسلحة التابعة للقاعدة ، وسماح (أنقرة ) لها بأن تصول و تجول بحرية تامة في منطقة "إدلب " السورية ، وغيرها من مناطق السيطرة العسكرية التركية في شمال سوريا ، وكذلك قيامهم بتقديم " خدمات حماية مدفوعة الأجر " لقيادات "داعش " الموجودين في تلك المناطق . 

وكانت الصحيفة قد دعت الإدارة الأمريكية - في تقرير نشرته في أكتوبر العام الماضي - إلى الانتباه الى الدور التركي الداعم للإرهاب فى سوريا والشرق الأوسط ، وكذلك الانتباه الى دعم (أنقرة ) الخفي للتطرف الاسلامي العنيف ، وهو ما كشفت عنه نهاية زعيم "داعش " في سوريا .

وأكدت نيويورك تايمز" - في ختام تقريرها على ضرورة الانتباه لحقيقة الدور التركي في سوريا ـ مشددة على أنه بات أمرا واجبا على (واشنطن) القيام به ، قبل أن تتعامل مع (أنقرة ) كشريك حرب على الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط .   

الجريدة الرسمية