رئيس التحرير
عصام كامل

دور المجتمع المدني بين الماضي والحاضر

فيتو

لقد خلق الله الإنسان كائنًا مدنيًّا بطبيعته، ذلك أن كلمة "مدني"، وفقا لتعريفات الباحثين مشتقة من "المدنية"، وهي الشكل المثالي لتنظيم المجتمع الإنساني.. حيث لم تعد القواعد العرفية والمبادئ الأخلاقية قادرة على حل ما بين البشر من صراعات، وظهرت الحاجة الملحة إلى وضع القوانين.


فالمجتمع المدني هو أحد أشكال تنظيم المجتمعات بما يحقق التعاون بين الأفراد والجماعات في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بهدف حماية حقوق ومصالح الفئات المتنوعة والتوفيق بينه.

نشأت رابطة الانتماء في دائرة المجتمع المدنى على الاختيار لا الإجبار، فبينما ينتمي الأفراد إلى الدولة ويحملون جنسيتها بحكم الميلاد دون اختيار، فإنهم يكون ولاؤهم اختياريًا عند الانتماء لمنظمات المجتمع المدني، وذلك بناء على مصالحهم.

هذا الشكل من التنظيم الاجتماعي يتكون من مجموعة من المؤسسات المتنوعة دينية وتعليمية ومهنية وسياسية وثقافية، كالنقابات، والاتحادات العمالية، والجمعيات الأهلية، والجمعيات الخيرية، والأحزاب السياسية.

فالديمقراطية تساوى المجتمع المدني، فديمقراطية أي مجتمع تتوقف على مدى وجود مجتمع مدني. فالمجتمع المدني يسعى دوما إلى إصلاح وتصحيح أخطاء المؤسسات الحكومية والمطالبة بتعديل السياسات من خلال التنبيه إلى أوجه القصور، ووقف الممارسات التي تتعدى على حقوق الأفراد بالكشف عن الأخطاء ومحاسبة المقصر عليها. وهكذا يصبح المجتمع المدني بمثابة محامٍ يدافع عن المواطنين. ورغم ذلك فليست مهمة المجتمع المدني فقط العمل كرقيب، ولكن وظائفه في نفس الوقت تتكامل مع وظائف الدولة.

ميزة المجتمع المدني أنه مدني بمعنى متسامح، أي أنه يقبل اختلاف الآراء، ولا شك أن انتشار أمراض التعصب والتطرف وضيق الأفق داخل المجتمع المدني قد يؤدي إلى دفع الدولة بدورها نحو عدم التسامح مع الاختلاف، فالعنف الناتج من العنصرية وعدم تقبل الآخر لا يولد إلا مزيدًا من العنف.

المجتمع المدني أداة للمبادرة الفردية المعبرة عن الإرادة الحرة والمشاركة الإيجابية النابعة من التطوع.. فمشاركة الفرد داخل المنظمة المدنية تجعله يمارس حقوقه الديمقراطية.

المجتمع المدني هو القسم غير السياسي من العيش المشترك للبشر في المجتمع الحديث، حيث إن "المبادئ العليا" تولي الاهتمام الأكبر للحقوق غير السياسية.

الأدوات التي يستخدمها المجتمع المدنى:

1- وسائل الإعلام السمعية والبصرية: كالصحف والإذاعة والتليفزيون، والحملات الإعلامية.
2- العلاقة مع الدولة والرقابة عليها: بتبادل المعلومات والمشورة وإعداد التقارير والأبحاث حول قضايا هامة معينة.
3-القضاء والمحاكم: حيث تلجأ منظمات المجتمع المدني إلى المحاكم للدفاع عن حقوق وحريات الأعضاء التي تعرضت للاعتداء والانتهاك على يد أي جماعة عنيفة في المجتمع.
صور العلاقة بين الدولة والمجتمع المدني تتعدد وهي:
1- التنسيق: مثل التنسيق بين جمعيات الدفاع عن البيئة ووزارة البيئة (أجريوم).
2- التنافس والصدام: بين منظمات حقوق الإنسان والدولة مثل (إضرابات الضرائب التي تحدث في لبنان الآن).

منذ عدة سنوات قام السياسيون باعتبار عصر العولمة عصرًا يتكون فيه مجتمع مدني عالمي، فبعد أن شاهد العالم جميعًا أحداث سقوط النظم الشيوعية في أوروبا الشرقية على أيدي حركات الاحتجاج الشعبي على شاشات التليفزيون، وبدأت المؤسسات الاقتصادية المانحة للمساعدات أن تشترط على الدول النامية بإدخال بعض الإصلاحات الديمقراطية، ورغم ارتباط الدفاع عن المجتمع المدني ببعض الجوانب السلبية للعولمة فذلك لا يدفعنا لرفضه باعتباره فكرة غربية مستوردة يفرضها الغرب المتقدم على الدول الفقيرة.

وشهدت مصر حركة مدنية واسعة منذ بدأت بتفعيل دور المجتمع المدنى في كافة جوانب الحياة، وقام الشباب بمشاركة الدولة في صنع القرار وتقديم الأفكار عن طريق المؤتمرات الرئاسية والبرنامج الرئاسي والتتطوع الشبابي، حيث دعا “مؤتمر شباب العالم” كافة الشباب إلى تعزيز ثقافة العمل التطوعي، والتي تأتي بإنشاء كيانات داعمة للعمل التطوعي بين شباب العالم والعالم العربى، والتعاون في نشر ثقافة العمل التطوعي في المجتمعات.
الجريدة الرسمية