رئيس التحرير
عصام كامل

"ميخائيل" آخر.. يُنشِدُ في حُبِّ الرَّسُولِ "2"


كما أبدعَ الشاعر السورى المسيحى "ميخائيل خير الله ويردى" في قصيدته الرائعة "أنوار هادى الورى" التي حفلتْ بـ "جمالياتٍ ومفرداتٍ ومعانٍ وتعبيراتٍ مُدهشةٍ"، كما فصَّلنا القول في المقال الأخير، فإنَّ هناك "ميخائيل" آخرَ، سلكَ مسلكًا ثانيًا في مدح رسول الإسلام، إنه المُنشد المصرى الصعيدى المسيحى "جميل ميخائيل" الذي استطاع، عبر موهبته الفطرية، أن يخلق حالة فنية نادرة وفريدة من نوعها، في صعيد مصر، وحقق شهرة واسعة، جعلته موضع اهتمام من وكالات الأنباء العالمية.


"ميخائيل"، أبصر النور في إحدى قرى "أسيوط"، لأسرة فقيرة، ما دفعه إلى العمل مبكرًا في الجبال؛ بحثًا عن قوت يومه، ثم عمل سائقًا. وبالتوازى مع عمله الشاق، كان "ميخائيل" يصنع الآلات الموسيقية "البسيطة" من "البوص" وجريد النخل، ويغنى على أنغامها أشعاره ومواويله. ومع مرور الوقت.. اقتنع "ميخائيل" بموهبته، وولَّى وجهَه شطرَ الغناء والإنشاد الديني في الأفراح والمناسبات المختلفة في قريته وضواحيها، غيرَ أنَّ شهرته الحقيقية اكتسبها من المواويل التي كان يؤلفها ويغنيها في "مدح الرسول"، بمساعدة فرقته الفنية المحدودة.

لا يُنكرُ المُنشدُ الخمسينىُّ، أن مدائحه النبوية، كانت تصادف "اندهاشًا" من المسلمين، و"استنكارًا" من بعض المسيحيين، ولكن سرعان ما استوعب الجانبان الحالة الفنية الاستثنائية لـ "ميخائيل" وتعاطوا معها، ورحَّبوا بها، حتى أصبح قاسمًا مشتركًا في حفلات الأفراح والمناسبات "الإسلامية" مثل: عيدى الفطر والأضحى، والمولد النبوى، وقبل السفر إلى العُمرة أو الحجِّ. وبمرور الوقت غدا المُنشدُ "الأمىُّ" نجمًا تتهافت عليه العروض، من خارج محيطه الصغير إلى آفاقٍ أرحبَ وأوسعَ.

ورغم أنَّ "ميخائيل" لا يجيد القراءة والكتابة، إلا أنَّ موهبته الربانية تُلهمُه بتأليف المواويل والمدائح النبوية، التي تلقى إعجاب الجميع، لما تشتمل عليه من بعض الدروس والحكم والفضائل!

"ودِّيني يا دليل ودِّيني".. واحدة من أشهر مدائح "ميخائيل"، التي يتغنى بها للمعتمرين والحجاج، قبيل سفرهم إلى بيت الله الحرام، وتقولُ كلماتُها: "ودِّيني يا دليل ودِّيني، على النبي أنا أشوفه بعيني، مَدَحت النبي، اوعى تلوم عليَّا، حرام يا نوم ما تشوف عينيا، أنا أزور النبي وتملى بيه عنيَّا، مَدَحت النبي، أبو الخدِّ نديِّ، علشان حبيبي يا بعد البلاد، أنا نفسي أزور النبي، وأعود وأجي الدنيا أفكار، وليها جوار لمحمد، خطرت جميع البلاد، قالوا لقيت كامل الزين، يا محمد خير الأساس، المصطفى كامل الزين، يا محمد حمِّل حمِّل، يا دليل حمِّل على الدرب الطويل، أشوف محمد خير طبيب"، وهذه واحدة من المدائح التي يطلب جمهور "ميخائيل" منه باستمرار..

لا يخلو أحياناَ من بعض "المتعصبين" الذين يأخذون عليه مدح رسول الإسلام، ما دفع "ميخائيل" إلى الردِّ عليهم، بطريقته الخاصة مُرددًا: "يا مداحين في رسول الله، خدوني معاكم وكل مُحبِّ من عند الله، أقعد معاكم وأزور حداكم رسول الله، اوعي يا خلق تلوموا عليَّا، ده مدح النبي لايق عليَّا، أزور النبي وأشوفه بعنيَّا، وأقوله أجرني يا نبي".

بهذا الحضور الطاغى.. تجاوز "ميخائيل" دوره كـ "مُنشد ومدَّاح" إلى دور آخر لا يحظى به كثيرون في الصعيد، وهو استغلال محبة الناس له في إطفاء نار الخصومات الثأرية بين العائلات المتنازعة، وهو ما أضافَ كثيرًا إلى رصيده المُتنامى بين أهله ومُحبيه وجمهوره الكبير.
الجريدة الرسمية