رئيس التحرير
عصام كامل

حرف وشيوخ عفا عليهم الزمن

فيتو

في مجلة المجتمع العربي عام 1962 نشرت موضوعا عن أصحاب الحرف قالت فيه:

لكل طائفة من أصحاب الحرف الصغيرة شيخ، فهناك شيخ الختامين، شيخ الصرماتية، الحانوتية، الطرابيشية، صناع الفوانيس، وشيخ المكوجية وشيخ السقايين وكل شيخ وله طريقة.


ومع تقدم الزمن بدأت بعض الحرف في الاندثار وقضت المدنية على بعضها، ولم يعد لها وجود سوى على صفحات كتب التراث وأخرى قاربت على اللحاق بها بعد اختفاء محترفيها وقل الإقبال عليها من هذه الحرف التي اندثرت أو قاربت على الإلغاء من الوجود.

هناك شيخ السقايين الذي يمثل مجموعة السقايين في القطر، هؤلاء السقايين الذين انتهى وجودهم تقريبا إلا في بعض المناطق المتفرقة، كان مهمتها حتى بداية القرن الماضي تزويد المسكن بالمياه عن طريق "إرب" تصنع من جلد الماعز، ويحملها السقا على ظهره أو على حمار لتوصيلها، وكان لكل منطقة سقا خاص بها يعرف عدد الإرب التي يحتاجها كل ساكن، وتطور الإرب وأصبحت تنقل في براميل على عربة كارو.

هناك شيخ الختامين عبد الرحمن حافظ، ورث المهنة عن والده الذي أدرك العهد الذهبي للختم في مصر عندما كان الآباء يصنعون لكل طفل يولد ختما ذهبيا يستعمله حين يكبر في ختم الأوراق، وهو يرى أن انتشار التعليم قضى على مهنته ولم يعد هناك ما يهمه الختم، ويقتصر عمله حاليا على عمل أختام لكبار السن ولكبار الموظفين لاستعماله في توقيع الأوراق الروتينية في المصالح الحكومية.

أما حسن البارودي، شيخ الطرابيشية، فمازال يضع طربوشا أنيقا على رأسه لكنه يقول دائما: إيه والله واتبهدلت يا طربوش بعد ما كنت دايما فوق الرؤوس، بالذمة دي مش حاجة تجنن.. أنا مش متصور واحد يمشي في الشارع من غير طربوش، إزاي الناس تمشي حفاة الرؤوس، بقى فيه أجمل من الطربوش الأحمر المبطن بالحريرة والزر الجميل.

ويرى شيخ الصرماتية إبراهيم الحدق أن مهنته صناعة المراكيب التي يسمونها الصرم أوشكت على الانقراض، إلا أنه ما زال يصنع المراكيب المزخرفة والبلغ والشباشب التي تخدم المجال الفني حيث تشتريها الاستديوهات السينمائية والفرق المسرحية كما يعرضها على السائحين كلون من الفن الشعبي في مصر.

أما شيخ المكوجية علي داهش، فيرى أن التكنولوجيا الحديثة أصابت مهنة المكوجية في مقتل، فكل بيت الآن لديه مكواة كهربائية تغنيه عن اللجوء إلى المكوجي، سوى من قلة قليلة تفضل إعطاء العيش لخبازه، وأنه تعلم أصول هذه المهنة من والده وهي مهنة تتطلب لياقة بدنية للتحكم في المكواة التي تزن عشرة كيلو جرامات.
الجريدة الرسمية