رئيس التحرير
عصام كامل

صلاح حافظ يكتب: إما القرش وإما المبدأ

الكاتب صلاح حافظ
الكاتب صلاح حافظ

في مجلة روز اليوسف عام 1968 كتب الكاتب الصحفى صلاح حافظ قال فيه:

نبأ سيئ لكل من يعرف القراءة والكتابة في مصر، وسوف تغلق مؤسسة التأليف والنشر التي تملكها الدولة أبوابها، وتصفى أعمالها لأنها لا يجوز أن تبقى في بلادنا مؤسسة خاسرة لا تربح.


تصوروا يا قرائنا ويا كتابنا لو طبق هذا المنطق على صناعة الرغيف الذي تدفع الحكومة عدة ملايين كل عام لتغطية خسائرها.. إذن لأغلقت كل المخابز بالضبة والمفتاح.

أن الكلام عن الكتب بمنطق الربح أشبه بالكلام عن البحث الذرى بمنطق صناعة الطرشى، ومع ذلك هيا نتناقش، هيا نضع حساب الأرباح والخسائر لكتاب واحد وليكن ثلاثية نجيب محفوظ المكونة من ثلاثة أجزاء.

لن يصعب علينا حساب تكاليف طبع الثلاثية ولكن اين العبقرى الاقتصادى الذي يستطيع أن يحسب لها إيراداتها بالقرش والمليم، ثم استفادة هذا الجيل منها واستفادة الأجيال القادمة، أين الخبير المثمن لشعر البحترى أو كتب ابى العلاء المعرى أو مسرحيات شكسبير.

إن المحاسب الذي يضع ميزانية أي كتاب متجاهلا في باب الإيرادات فائدته الاجتماعية والحضارية والثقافية..هي فائدة ستستمر لفترة ولا يمكن تقديرها.

وأن محاولة محاسبة الكتاب على أساس الربح والخسارة هي أصلا محاولة مستحيلة، بل إنها محاولة لا تنتمى إلى الاشتراكية من قريب أو بعيد، فالاشتراكية في بلادنا وفى غيرها تعلن بوضوح رفضها لاعتبار الكتاب سلعة وهى تهاجم الرأسمالية لأنها تخضع حركة التأليف والنشر لاعتبارات الربح والخسارة.

ونظريتها الثانية أن الكتاب كالرغيف غذاء للملايين وعلى الدول الاشتراكية تحمل عبء توفيره للملايين وغريب أن تجيء دول اليوم وتقرر الانسحاب من مجال إصدار الكتب لأنه يكبدها نفقات كثيرة.

نفهم أن تقول الدولة أن ظروفها صعبة ولهذا ستقلل عدد الكتب التي تنفق عليها، وهو عدد يصل إلى 600 كتاب في مقابل 2400 كتاب أصدرها القطاع الخاص.

أما أن تنسحب من الميدان اصلا فمعناه أننا كنا نمزح عندما قررنا أن تتولى الدولة هيئة العمل وتنفق عليه وتضحى من أجله بالملايين.

وحتى إذا تصورنا بلادنا رأسمالية وأردنا أن نتشبه بأمريكا ذاتها فلن نجد ما يبرر هذا الموقف فأمريكا تنفق الكثير على مؤسسة فرانكلين وفورد من أجل أن تعمر الدنيا بأفكار تخدم مصالحها.

وبذلك حتى البلاد التي تعتبر قانون الربح مبدأها ودينها تستثنى من هذا القانون صناعة الكتاب، لأن الكتاب أثمن من أي ربح وأغلى من أي رأسمال وأكثر فائدة من أي صناعة أخرى.

صحيح أن خطة الإصلاح هي هي تصلح بديلا لمؤسسة التأليف والنشر التي تريد تصفيتها والبديل هنا هيئة التخطيط.

وأن هيئة التخطيط معروض وسيوجه إلى دار النشر هنا لكنها عمليا لن تملك أي جهاز للنشر.

وأن قرار تصفية مؤسسة التأليف والنشر لا يعنى إلغاء دار إصدار الكتاب وهى دار الكاتب العربى وإنما يعنى أيضا إلغاء شركة توزيع الكتب المعروفة باسم الشركة القومية للتوزيع.
الجريدة الرسمية