رئيس التحرير
عصام كامل

الدكتور هاني أبو العلا يكتب: فيلم "الممر" يجمع البيت المصري مرة أخرى

الدكتور هاني أبو
الدكتور هاني أبو العلا

طالما اشتقنا، نحن من عشنا إبداعات ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، إلى أن نستشعر ونشم عبق روائح الحس الوطني من جديد في وسط هذا الزخم الإعلامي شديد القتامة.


فبعدما تربينا على نشيد الصباح في مدارسنا والقسم الذي كنا نحفظه عن ظهر قلب ويحفظنا إياه أهلونا كما حفّظونا أسماءنا، وبعدما كنا نستيقظ وننام على المانشات العسكرية تفتتح وتُغلق عليها شاشات التليفزيون، وبعدما كنا ندرس ونتعلم التربية الوطنية في المدارس، وبعدما كنا نتسابق في مسابقات الوعي الوطني والقومي وندخل مكتبات المدارس ونستمع لنشرات الأخبار ونقرأ في الجرائد من أجل البحث عن المعلومة التي تتعلق بوطننا وتنميته والأحداث التي تدور داخليًا وخارجيًا وبعدما رأينا أبواب منازلنا تنفتح إما لاستقبال هدايا من جيراننا، كما كنا نهاديهم.

بعدما كنا ننتظر يوم السادس من أكتوبر ليس كيوم عادي للإجازة وإنما لنجهز لاحتفالية المدرسة بالكلمات والمسرحيات والحوارات عن أمجاد أكتوبر التي تنفسناها وكأننا كنا جنود في المعركة.

بعد كل هذا ونحن ما زلنا نعيش على تراب نفس الوطن ورغم إن الأمجاد باقية أبد الدهر، إلا إننا وجدنا الأحاسيس وردود الأفعال تتغير وأصبحنا لا نشعر إلا بحس باهت مآله إلى أحداث متغايرة، تقع مسئوليتها ويتحمل تبعاتها جيلٌ بأكمله.

فقد ألِفَ جيل الشباب اليوم أحداث وأمجاد أكتوبر العظيمة، تلك الانتصارات التي أبهرت العالم بأكمله فأصبح الحكم على الشخصية المصرية مرتبطًا بها، فلم تعد أحداث أكتوبر ترتبط في أذهانهم إلا بهذا العدد من الأفلام الوثائقية وأفلام سينما الأبيض والأسود، التي تذاع على شاشات التلفاز أيام الخامس والسادس من أكتوبر في كل عام، وقد تناست الآلة الإعلامية تلك الأمجاد طوال العام وجهلت بآثار التوعية بتلك البطولات وانشغلت إما بالشائعات ترويجها أو الرد عليها، أو بأخبار الفن والفنانين ولاعبي الكرة.

و إذا بفيلم الممر (رائعة شريف عرفة)، الذي حقق ثاني أعلى إيرادات السينما المصرية في عيد الفطر ٢٠١٩ يُعاد عرضه على شاشات التلفاز في مساء السادس من أكتوبر ٢٠١٩ فيحيي ما قد افتقدناه، ليجتمع أفراد العائلة المصرية مرة أخرى حول شاشة التلفاز، لنتلقي اتصالات الأصدقاء هنا وهناك مذكرين بموعد عرض الفيلم، كما تبهرنا أسئلة أبنائنا حول المعركة وأحداثها.

فرحنا مرة أخرى بالانتصار، بعد ما صار إلفًا للعادة، وهنا لا بد من وقفة ودعوة لاستعادة الحس الوطني المفقود من خلال مدارسنا وبيوتنا، من خلال صيانة الآلة الإعلامية.

دعوة لإشراك جميع طوائف المجتمع المصري مرة أخرى لإحياء الحس الوطني من خلال مبادرة (يلا نحيي أمجادنا وانتصارات أجدادنا) حتى نستطيع أن نستجلي عظمة الشخصية المصرية مرة أخرى وسط هذا الغثاء الإشاعاتي.
الجريدة الرسمية