رئيس التحرير
عصام كامل

"جلود الأضاحي.. ثروة قومية في مهب الريح".. غرفة الدباغة: تدني الأسعار وراء التخلص منها في الشوارع.. الجباس: الحرب التجارية بين أمريكا والصين وراء كساد السوق.. وقيراط: إلقاء الجلود في الطرقات كارثة

فيتو

انتشرت مؤخرا بعض الصور التي تشير إلى التخلص من جلود الأضاحى بالشوارع والطرقات بدلا من الاستفادة منها بشكل طبيعى ودباغتها لاستخدامها في صناعة الجلود، حيث يتم إهدار جلود طبيعية بملايين الجنيهات ولعل السؤال الذي يطرح نفسه من المسئول عن هذه الخسائر؟


كارثة مادية وبيئية
إلقاء الجلود في الشوارع كارثة مادية وبيئية لأنها تصاب بالعفن وتعتبر مصدرا للذباب والحشرات والروائح الكريهة وانتشار الأمراض والأوبئة.

وأرجع عبد الرحمن الجباس، عضو غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات، لجوء المواطنين إلى إلقاء جلود الأضاحي بالشوارع إلى تدنى الأسعار عالميًّا؛ نظرًا لحالة الكساد في السوق العالمية للجلود، والتي تعد الحرب التجارية بين أمريكا والصين أحد مسبباتها.

وأوضح الجباس، في تصريحات خاصة لـ"فيتو"، أن التخلص من الجلود بالشوارع يرجع إلى تدني أسعار الجلد عالميًّا، لافتا إلى أن أسعار الجلود مرتبطة بالأسعار العالمية، وأكد أن الدباغة صناعة تصديرية.

اتحاد الصناعات: استخدام جلود الأبقار والجاموس في صناعة الأحزمة والشنط

وأشار إلى أن قطعة الجلد الطبيعى تمر بمراحل عديدة، بداية من "الجزار أو صاحب الماشية"، وصولًا إلى المدبغة، وتتضمن قيام العامل بتمليح الجلد، ثم نقله، وأيضا الانتظار لموعد معين للبيع، مما يمثل تكلفة لـ "تاجر الجلد الخام".

كساد سوق الجلود
وأوضح الجباس أن هناك كسادًا عالميًّا في سوق الجلود، مرجعا ذلك إلى عدة أسباب من بينها: الحرب التجارية بين أمريكا والصين، مما جعل الأخيرة تمتنع عن شراء الجلود الخام من أمريكا الجنوبية والشمالية بوجه عام؛ مما ساهم في خلق وفرة كبيرة في الجلد الخام نتج عنه تدني السعر، لأن أمريكا لم تعد تشتري من الصين منتجات جلدية، وبالتالى الصين امتنعت عن شراء الجلد الخام منها.

وأشار إلى أن الموضة في الصيف والشتاء أصبحت "الأحذية الرياضية"، والمصنوعة من خامات صناعية، وليس جلود طبيعية، وبالتالى فليس هناك طلب على الجلد الطبيعى، وأيضا المنتجات الحريمى منتجة من الجلد الصناعي، كما تم الاعتماد على منتجات الجلدية للتنجيد على الجلد الصناعي؛ مما أضاف نوعا من الكساد في الطلب على الجلد الطبيعى، وبالتالى نتج عن ذلك وفرة كبيرة.

ولفت إلى أن المدابغ لا ترغب في الشراء لأنها لا تستطيع بيعها بالخارج نتيجة الكساد العالمى.. وفى المقابل فإن تاجر الجلد الخام يفكر في بعض النقاط، وهي "ما يتحمله من مصاريف ذكرته سابقا، بالإضافة إلى أنه سيضطر إلى تخزينه انتظارا لموعد بيعه مما يمثل أعباء عليه، ويكون الاتجاه الآخر هو التخلص منه لتفادي تلك المصروفات".

وأشار إلى أنه كان يتم بيع قطعة الجلد البقرى والجاموسى من الجزار لتاجر الجلد بسعر 400 جنيه منذ 4 شهور، بينما تراجع سعرها اليوم ليصل إلى ما بين 100 و70 جنيهًا؛ مما يعد تراجعا واضحا، وبالتالى فإنه يتجه للتخلص منه.

التخلص الآمن من الجلود
وقال عبد الرحمن الجباس: إن البرازيل، على سبيل المثال، كانت تتخلص من الجلود من خلال دفنها في مدافن صحية وخفية بعيدا عن التلوث البيئي؛ نظرا لعدم وجود طلب عليها.. وكان يتم توريدها لمصانع الجيلاتين كجلد كامل، بعد ما كان يتم توريد جزء منها فقط لصناعة الجيلاتين وذلك لعدم قوة الطلب على الجلد.

وأكد عادل قيراط، عضو مجلس إدارة غرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات، أن إلقاء جلود الأضاحي بالشوارع والطرقات هذا العام يعد كارثة مادية وبيئية وإهدارا لثروة قومية تقدر بالمليارات، لافتا إلى أن هذه تعد المرة الأولى من نوعها.

وأشار قيراط، أن السوق المحلي يشهد انهيارا في أسعار الجلود مرجعا ذلك إلى انهيار السوق العالمية للجلود، ما أدى إلى قلة التصدير وزيادة المعروض من الجلود في السوق المحلي، وترتب على ذلك زيادة أجل الدفع لما يقرب من 24 شهرا، وهبوط حاد في أسعار الجلود "المشطبة" بنسبة 50٪.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ "فيتو"، أنه كان يجب البحث عن آليات ومقترحات لتخفيف هذا المعروض خاصة مع موسم جلود الأضاحي التي تمثل 30٪ من حجم الجلد الخام على مدار العام، لافتا إلى أن أزمة انهيار أسعار الجلود الخام بدأت منذ شهر رمضان، وكان لا بد من تحرك سريع من الجهات المعنية عن تلك الصناعة والممثلة في المجلس التصديري للجلود وغرفة دباغة الجلود باتحاد الصناعات من خلال مخاطبة الوزارة والحكومة بحجم الأزمة التي يشهدها القطاع لسرعة حلها، ولكن هذا الأمر لم يتم.

تصدير الجلود
ودعا قيراط إلى أهمية استصدار قرارين هامين وهما "السماح بتصدير جلود "الويت بلو"، والذي يعنى الجلد بعد المرحلة الدباغة الأولية، والقرار الثاني ضرورة إلغاء رسم الصادر على جلد "الكراست الأبيض" قبل مرحلة التشطيب لمدة 6 أشهر، وأن هناك قرارا من وزارة الصناعة بشأن باستمرار رسم الصادر المفروض على الجلود من الكرست الأبيض، والذي يحدد قيمة الرسم عن كل جلد يتم تصديرها بواقع 250 جنيها على الجلد البقري والجاموسي، و150 جنيها على الجلد اللباني، و15 جنيها على الجلد الضاني، و7.5 جنيه على جلد الماعز، و150 جنيها على الجلد الجملي.

وأشار إلى أن صدور هذين القرارين يساهم في الاستفادة من الثروة القومية المتمثلة في جلود الأضاحي، وعدم إهدارها بهذه الصورة وذلك أسوة بدول كثيرة كالبرازيل والأرجنتين وغيرها. وحتى تستمر عجلة الإنتاج في جميع المدابغ المصدرة والتي تنتج للسوق المحلي.

وقال: إنه لأول مرة يتم بيع "جلد السلخانة" من الجلاد أو الجزار إلى المدبغة بسعر يتراوح من 50 إلى 100 جنيها هذا العام بعدما كان يباع بسعر من 500 جنيه إلى 600 بالعام الماضي، كما حدث تراجع في سعر القدم الجلد المشطب ليصل إلى 15 و20 بعد ما كان 30 إلى 40 جنيها بالعام الماضي.

وتابع: "لا بد من صدور قرارات لحماية ثروة قومية والتي تهدر بالشارع الآن لافتا إلى أن 30 % من حجم الجلود الخام "تم إهداره".
الجريدة الرسمية