رئيس التحرير
عصام كامل

نجاة الصغيرة تكتب: متاعب مطربة

نجاة الصغيرة
نجاة الصغيرة

في مجلة الكواكب عام 1970 كتبت المطربة نجاة الصغيرة (ولدت في مثل هذا اليوم 11 أغسطس عام 1938) مقالا قال فيه:

الأغنية التي تسمعها في دقائق وصلت اليك بعد عذاب وسهر وقلق استمر شهور طويلة، وربما عاما كاملا أو أكثر، وطوال هذه المدة وأنا أعيش على أعصابي مشدودة دائما.


ورحلة المتاعب التي أقوم بها عندما أستعد لتقديم أغنية جديدة تبدأ وأنا أختار كلمات الأغنية التي تناسبنى وتتمشى مع لونى.

وللعثور على كلمات الأغنية أكثر من طريق، فأنا لا أستطيع أن أطلب أغنية معينة أطلب كلمات معينة ثم تقدم لى في اليوم التالى من مؤلفها.. هذا مستحيل، وأنا عندما أدقق كل هذا التدقيق في اختيار كلمات الأغنيات التي أقدمها سببه الوصول إلى هدف.. هدف إرضاء كل الأذواق والأمزجة.

فإذا قدمت أغنية واحدة في سنة لا تحاولوا اتهامى بالكسل فإن رحلة العذاب التي أقوم بها وأنا أعد الأغنية تعفينى من هذا الاتهام وأن عثرت على الكلام المناسب والمعانى التي تدخل قلوب الناس أستعد لمرحلة تلحين الأغنية وأنا أتعامل مع ثلاثة ملحنين عبد الوهاب وبليغ حمدي وكمال الطويل.

لنبدأ بالحديث عن عبد الوهاب نجده يظل مع لحنه وهو في مرحلة الشباب بروفات وإعادة تلحين ولا يترك اللحن إلا بعد أن يجتاز مرحلة الشيخوخة.

وأسلوب بليغ على العكس تماما فهو يقدم ألحانه الجديدة لى وهى الحان كقطعة الماس الأصيل يقدمها لى على شريط مسجل بصوته ثم يتركها وينصرف.. وبعدها يتم تسجيل اللحن.

أما كمال الطويل فحكايته مثيرة فبعد أن يكتمل اللحن ونستعد للتسجيل يأتى الطويل وعلامات الشك في هذا اللحن معلنا أنه سيعيد تلحين بعض المقاطع.. وتمضي أيام وأسابيع وبعدها شهور، وفجأة اكتشف أن كمال قد كره اللحن ولا ينوى تقديمه مما يترك في نفسى أسى وحسرة.

وعندما تنتهي مشاكلى مع الكلمات والأنغام وإجراء البروفات ادخل في حلقة جديدة من رحلة المتاعب.. هي رهبتى مع الجمهور.

حقيقة أنى أشعر أن العلاقة بينى وبين المستمعين علاقة قوية متينة إلا أن هذا لا يخفف على الإطلاق من حدة الرهبة التي أعانيها وأنا في طريقى إلى المسرح في كل مرة.

وعندما أقف أمام الميكروفون أشعر وكأن العالم قد توقف تماما حتى انتهى من الغناء ويسدل الستار وينقضي ما يقرب من نصف ساعة وأنا أسأل نفسي: هل أجدت؟ ويقترب منى عشرات من الذين استمعوا إلى الأغنية كلهم مهنئين معبرين عن آرائهم بالكلمات.

وبخبرتى الطويلة لا أخدع بما اسمع لكن يمكنى أن أستشعر الإحساس الصادق لمحدثي، إلا أني رغم تفاهمي مع الجمهور ما زلت وسأظل أحس برهبة وأنا أبدأ خطواتى الأولى على المسرح وهذا الإحساس في حد ذاته مشكلة لا تنتهى.. ولا أريد لها أن تنتهي.
الجريدة الرسمية