رئيس التحرير
عصام كامل

«المبعوث الدولي».. شياطين ترامب في «بلاد العرب».. أمريكا تدخل على خط «أزمات الخرطوم» بإرسال متخصص في الشئون الأفريقية.. و«جيفري» عدو موسكو وطهران يهبط على أرض د

الرئيس الامريكي دونالد
الرئيس الامريكي دونالد ترامب

«المبعوث الدولي».. الغطاء الدبلوماسي الذي يستخدمه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لتمرير مخططاته التآمرية إلى مناطق النزاعات والتوترات، ليس هذا فحسب، بل يستخدم الرجل الأول في البيت الأبيض، المبعوث الدولي، كأداة جيدة في تنفيذ سيناريوهات الفوضى والتخريب في غالبية الدول، لا سيما بلدان الشرق الأوسط، التي حظيت – حتى وقتنا الحالى- بالنصيب الأكبر من «مبعوثي ترامب».


«بوث».. شيطان ترامب في السودان
«صراعات الأطراف المحلية».. الثغرة التي تسهل في غالبية الأحيان مرور «شيطان ترامب»، ولعل ما يحدث في السودان حاليًا خير دليل، فمع تدهور العلاقة بين المجلس الانتقالي السوداني والمعارضة وفقدان الثقة بينهما، باتت أدوار الوساطة مطلبًا دوليًا وإقليميًا لبحث عدم تصعيد الأزمة بين الطرفين، ومحاولة إيجاد حلول مرضية للطرفين والحصول على ضمانات كافية لتنفيذ خارطة طريق تمنع البلاد من الدخول في نفق مظلم.

لذلك جاءت الاستجابة في البداية من الجارة الأفريقية «إثيوبيا» التي حاولت تقريب وجهات النظر والدفع لمفاوضات جادة تحقق مصالح السودان في المقام الأول، ولكن بطبيعة السياسة الأمريكية القائمة على التدخل في شئون الدول لتحقيق مصالحها، قررت واشنطن إيفاد رجلها دونالد بوث، وجاء قرار واشنطن إرسال مبعوث خاص لها في السودان -دونالد بوث- باعتباره دبلوماسيا أمريكيا سابقا، ويعد أحد أبرز الدبلوماسيين الأمريكيين الذين عملوا في القارة السمراء، فكانت فترات عمله كسفير في دول مثل «إثيوبيا، زامبيا، وليبريا» لفترات طويلة ظل خلالها سفيرا تحت الإداراتين الجمهورية والديمقراطية، إضافة إلى أنه سبق وأن عمل مبعوثا خاصا للسودان وجنوب السودان، أثناء حكم إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.

المثير في الأمر هنا أنه ورغم غياب أي صوت أمريكي فعال تجاه السودان منذ اندلاع الاحتجاجات فيه، والإطاحة بالرئيس السوداني المعزول عمر البشير، إلا أنها وفي لحظة من الزمن قررت التدخل ولعب دور الوسيط، لاستعمال ما وصفته بـ«سياسة العصا والجزرة» في معالجة الوضع بين المعارضة السودانية والجيش، وترتيب خارطة المستقبل التي تضمن تحقيق مطالب الطرفين، كما أنها في نفس الوقت وجدت منفذًا لها لإقحام أنفها في الشأن السوداني وتحقيق مصالحها بعد سنوات من القطيعة في عهد «البشير»، وعدم تركها ساحة لفرض النفوذ الروسي المتمدد في الشرق الأوسط.

وفيما يتعلق بدور الدب الروسي في السودان، فإنه امتد طوال سنوات حكم «البشير المعزول»، حيث أمدت موسكو الخرطوم بالأسلحة رغم فرض حظر أممي على بيع السلاح لها خلال عام 2005م، كما كان السودان أول دولة عربية تحصل على الطائرة «سو 35» من الجيل الرابع، وهو ما أصاب السلطات الأمريكية بحالة من التوتر، في الوقت الذي تبحث فيه عن المزيد من الأسواق لبيع السلاح والمركبات العسكرية، وكذلك تنفيذ خطتها بإصابة تجارة السلاح في روسيا بالركود.

وذكرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية في تقريرًا لها، أن «القائم بأعمال السفير الأمريكي في الخرطوم سبق والتقى قوى الحرية والتغيير السودانية والمجلس الانتقالي لكن لم يجد الحديث إليه قبولًا، بل ووصل الأمر إلى أن وصفته المعارضة بالشخص المتعجرف، لذلك كان على واشنطن البحث عن شخصية دبلوماسية محنكة على دراية بالشأن الأفريقي جيدًا يمكنه أن يقود الحوار بين الطرفين، وفي الوقت ذاته ويضمن لواشنطن في المقام الأول تحقيق أهدافها على الأراضي السودانية».

جيمس جيفري.. صاحب «بصمة أمريكا العراق»
سوريا هي الأخرى لم تكن بعيدة عن «شياطين ترامب»، حيث وضعت واشنطن الدبلوماسي السابق جيمس جيفري، مبعوثًا لها في جمهورية «الأسد»، نظرا لدرايته بأحوال وطبيعة الأنظمة في سوريا والدول المحيطة بها، والمشكلات التي تعاني منها، إضافة إلى كراهيته الشديدة لإيران وروسيا والتي لم يحاول إخفاءها خلال فترة عمله باحثًا في معهد واشنطن للشرق الأدنى، بالإضافة إلى فترة عمله السابقة كسفير في العراق وتركيا، وإيمانه الشديد بضرورة بسط النفوذ والسيطرة الأمريكية على دول الشرق الأوسط.

«جيفري» له موقف شهير عندما أعلن عام 2011م رفضه انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وأكد أن بلاده لم تترك البصمة المطلوبة على الأراضي العراقية وكان لا بد وأن تظل متواجدة فيها من أجل تحجيم المصالح الإيرانية والروسية في العراق، وبالتالي يدعم «جيفري» فكرة البقاء العسكري لواشنطن في سوريا خاصة في ظل ترحيب قوات سوريا الديمقراطية التي تلقت الدعم العسكري الأمريكي على مدار سنوات من الحرب السورية.

الملفت هنا أنه تزامنًا وهبوط طائرة المبعوث الأمريكي على الأراضى السورية، أعلنت واشنطن تجميد 230 مليون دولار، سبق وأن خصصتها للمشاركة في فرض الاستقرار وإعادة الإعمار بسوريا، الأمر الذي مثل خطوة شديدة الخطورة فيما يخص رغبة واشنطن في الإبقاء على الصراع العسكري على الأراضي السورية لحين تعزيز نفوذها المتراجع أمام تقدم قوات الجيش السوري المدعومة من روسيا، أو الوصول إلى اتفاق من شأنه أن يضمن لها مصالحها في مرحلة «إعادة الإعمار»، وكذلك المصالح الإسرائيلية التي أصبحت مهددة بسبب التراجع الأمريكي وتعاظم الدور الإيراني على أراضي سوريا.

جيسون جرينبلات.. صديق «الصهاينة الوفي»
من أكبر الابتلاءات التي أصابت بها أمريكا الشرق الأوسط، مبعوثها للسلام في المنطقة جيسون جرينبلات، المحامي العقاري الذي لا يتمتع بأي خبرة دبلوماسية رسمية في تولي قضايا هامة مثل القضية الفلسطينية، ولم يرتبط سوى بالكيان الصهيوني في الماضي عندما كان شابًا ودرس في مدرسة «بيشيفا»، الموجودة داخل مستوطنة يهودية في الضفة الغربية، وكتب بعد عودته إلى واشنطن كتاب أسماه «رحلة عائلة إلى إسرائيل».

والمثير هنا أن «ترامب» الذي يتعامل مع أبجديات العمل السياسي بمنطق «البزنس مان»، رأى أن «جرينبلات» سيكون مصدر ثقة في إدارة المفاوضات الجارية حول اتفاق السلام المزمع بين فلسطين وإسرائيل والمعروف إعلاميًا بـ«صفقة القرن»، برفقة صهره جاريد كوشنر، الذي لطالما تصدر المشهد والحديث عن ذلك الاتفاق، رغم أنه وبحسب تقرير سابق لمجلة «ذا هيل» الأمريكية، فإن «جرينبلات» يعد صاحب التوجيهات والآراء الرئيسية في التخطيط للاتفاق.

ويكتفى «كوشنر» بتقديم العون في بعض المسائل البسيطة فقط، ويقوم بدور المنفذ في إجراء الاتصالات وفتح قنوات الاتصال مع الأطراف المهمة المرتبطة بالاتفاق،كما أنه معروف عن «جرينبلات» انحيازه الواضح للكيان الصهيوني، والدفع نحو كل مخطط من شأنه تغليب المصالح الإسرائيلية على الفلسطينية، ولم يخف ذلك من خلال تصريحاته التي أظهر من خلالها محاباة واضحة للجانب الإسرائيلي، بما يقوض إمكانية الوصول لاتفاق عادل يعيد الحقوق لأصحابها، الأمر الذي أكدت شبكة «إن بي سي» الأمريكية، من خلال إجراء تحليل لتغريداته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، والتي أظهرت انحيازا غير عادي لكل إجراء أو قرار إسرائيلي ضد الفلسطينيين، في ظل وصفه للفلسطينيين بالإرهاب والعنف، ولم يتم رصد أي انتقاد لإسرائيل وقاداتها، بل جاءت تغريداته جميعها بالمديح في رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية