رئيس التحرير
عصام كامل

شيخ "المحمدية الشاذلية": "مصطفى محمود" و"الشعراوي" و"عبد الحليم محمود" أبرز أبناء الطريقة



  • تصوفنا قائم على إصلاح القلوب



الطريقة «المحمدية الشاذلية» تعتبر من الطرق التي حظيت بشهرة واسعة داخل مصر وخارجها، أسسها الشيخ الصوفي المجدد الدكتور "محمد ذكي إبراهيم"، الذي تربى على يدي والده الداعية الأزهري، وعندما شعر أن لديه طريقا خاصا في الوصول إلى الله، أخذ البيعة من مشايخ الطرق الصوفية وأسس «المحمدية الشاذلية» رسميًا عام ١٩٧٦، واعتمدها الرئيس الراحل محمد أنور السادات عام ١٩٧٨.

فرضت الطريقة «المحمدية الشاذلية» نفسها على التصوف المصري، بعد أن رفعت راية إصلاح الصوفية، ودخل شيخها في حروب شرسة لتجديد الفكر الصوفي في مصر، وكانت تضم بين صفوفها فضيلة الإمام الأكبر "عبد الحليم محمود"، شيخ الأزهر، والشيخ "إبراهيم الدسوقي مرعي"، وزير الأوقاف الأسبق، والدكتور "صوفي أبو طالب"، رئيس مجلس الشعب، والشيخ "محمد متولي الشعراوي"، والشيخ "حسنين مخلوف"، والدكتور "مصطفى الشكعة"، والدكتور "أحمد عمر هاشم"، والأستاذ "خالد محمد خالد"، والدكتور "مصطفى محمود"، والشاعرة "علية الجعار"؛ والدكتور "علي جمعة"، الذي تتلمذ على يد مولانا الإمام الرائد، وكانت بينهما علاقة مودة وأخوة كبيرة، والدكتور "أسامة الأزهري"، والدكتور "مجدي عاشور".

«فيتو» التقت شيخ الطريقة الحالي الشيخ "نور محمد عصام محمد ذكي إبراهيم"، وكان الحوار التالي:.

بداية.. حدثنا عن الطريقة المحمدية الشاذلية؟
الطريقة المحمدية الشاذلية هي طريقة (صوفية، سلفية، شرعية، مستنيرة، قديمة) معترف بها رسميًا من المجلس الصوفي، أساسها علم الكتاب والسنة الذي يخدم الفرد والأسرة، والمجتمع والأمة، والدين والدولة والوطن جميعًا، وسبيلها العلم والعمل في سماحة ورفق، وتدرج وأدب، واحتياط واستمرار، وعلاقة تامة بالله عز وجل؛ فالتصوف الحق أشرف خصائص الحياة وطريقتنا تَنتسِب إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لا إلى أحد غيره من البشر، بسلسلة الإمام علي أبي الحسن الشاذلي وأساس طريقتنا العلم بالدين وأحكامه، والثقافة العامة المتجددة، وتحري العزائم جهد الطوق، والبدء بإصلاح الباطن، وجهاد النفس والشيطان والإقبال على العبادة، وخصوصًا النوافل.

وما الفارق بين الطريقة والعشيرة المحمدية؟
العشيرة للخدمات الإسلامية العامة، والطريقة للسلوك إلى الله، لمن شاء أن يتخصص أو يجمع بينهما؛ وبهما تنتج العلاقة الروحية السامية في إشاعة جو من المحبة والود.

ما أهم معالم المنهج الصوفي الذي تتبناه وتدعو إليه العشيرة المحمدية؟
من طريق الدعوة الصوفية النقية القوية نمحو الأمية الدينية والاجتماعية والروحية ونكافح الرذائل، وكل ذلك بالحسنى وعلى أساس الحب والسلام والعلاقة بالله، كما نجاهد البدع والمنكرات والمذاهب اللادينية والانحلالية والخلافات المذهبية، ومجاهدة البدع، ونحن دعاة تجمع وتكامل وسماحة وتيسير في حدود شرع الله الميسر المبارك الفسيح؛ فلا نكفر مسلمًا أبدًا، ولا نخرج من دين الله عبدًا أبدًا، عصى أو خالف أو جهل، لكنها الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، والتدرج العلمي والروحي والفهم الأصيل حتى تستقيم الأمور، ونسعى إلى الأفضل بعد أن انكشفت عورات المتسلف وعبيده ﴿الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ﴾.

إذن.. كيف السبيل لعلاج القلب وتهذيب النفس من خلال التصوف؟
أساس تصوفنا قائم على إصلاح القلوب، فليس مما يهمنا أبدًا تنميق الظاهر وتزويقه، فإنه ما لم يكن الظاهر أثرًا لحركة الباطن، كان نفاقا أو رياءً أو خدَاعًا أو تَضليلًا يهدي إلى التخلف والجمود، والذل والاستعباد والتفاهة، ليس من دين الله، وفى الحديث الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول «ألَا وإن في الجسد لمضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألَا وهي القلب».

البعض ينتقد التصوف بسبب بعض التجاوزات.. تعقيبك؟
التصوف غير الإنسان الصوفي، كما أن الإسلام شيء غير الرجل المسلم؛ فهل نترك الإسلام لأن المنتسبين إليه قتلة أو زُناة أو لصوص أو ملازمين لكبائر الإثم والفواحش، كذلك التصوف غير الصوفي، فهل نترك الربانية القرآنية التي أمرنا الله بها أمرًا صريحًا، باعتبارها جمع «التزكية والتقوى والتبتل» من أجل انحراف من اندس في التصوف بالجهل والتخريف، وأدخل فيه ما ليس منه من الدجل والشعوذة والجهل وطلب الدنيا وزينتها؟!.

هل يوجد أي مظاهر للاحتفالات في طريقتكم؟
ليس في طريقتنا «طبل، ولا زمر، ولا رقص» وإنما هي صورة صحيحة من السلف الصالح رضي الله عنهم أقوالًا وأعمالًا وأحوالًا، على أساس التواضع المطلق والعلم الصحيح والسماح وحسن الظن بكل عامل به.

حدثنا عن جدك الشيخ محمد زكي إبراهيم رائد التجديد الصوفي في مصر؟
جدي الشيخ المجدد "محمد زكي إبراهيم"، خريج الأزهر، وكان مفتشا للتعليم بوزارة التربية والتعليم، ثم أستاذًا بالدراسات العليا والمعهد العالي لتدريب الأئمة والوعّاظ بالأوقاف، ثم عميدًا لمعهد «إعداد الدعاة» الذي أنشأته العشيرة، قبل أن تضمه إليها وزارة الأوقاف وكان يجيد عدة لغات، فقد ترجم لشعراء عن الفارسيّة، والألمانية، بمجلة «أبولو» التي كان يشارك في الإشراف عليها أمير الشعراء أحمد شوقي، وله ديوانَا شعر مطبوعان.

ما أهم الركائز التي وضعها جدك في الطريقة؟
أسس جدي رحمة الله عليه مجلة «المسلم» وهي المجلّة الصُوفية الأولى في العالم الإسلامي، ومؤسس معهد إعداد الدعاة؛ أول معهد شعبي صوفي من نوعه، ومؤسس المركز العلمي الصوفي، أول مركز من نوعه في العالم الإسلامي، ثم كان عضوًا بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، واللجنة الدينيّة العليا بمحافظة القاهرة، والمؤتمر العالمي للسيرة والسنّة، ومؤتمر التبليغ والدعوة العالمي، وبعض المجامع العلمية بالبلاد العربيّة والإسلامية وله مكتبته الفاخرة، العامرة بـأمهات الكتب القيّمة والنادرة، القديمة والحديثة، مطبوعة ومخطوطة.

تم تكريم جدك من رؤساء مصر السابقين.. هل تذكر تفاصيل التكريمات هذه؟
أهداه الرئيس "جمال عبد الناصر" وشاح الرواد الأوائل ونوط التكريم، وأهداه الرئيس "السادات" نوط الامتياز الذهبي من الطبقة الأولى، كما أهداه الرئيس "حسني مبارك" «وسام العلوم والفنون» المخصص لكبار العلماء والأدباء، ثم أهداه نوط الامتياز الذهبي من الطبقة الأولى أيضًا، وأهداه الرئيس اليمني "عبد الله السلال" وشاح اليمن والخنجر.

كيف كانت علاقته بالشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق؟
كان مؤسسا مع الدكتور "عبد الحليم محمود" لمؤتمر الهيئات والجمعيات الدينية للعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية بمشاركة الشيخ "حسنين مخلوف" عميد الإفتاء، وعضوية رؤساء وعلماء وممثلي الجماعات الإسلامية الرسمية والشعبية بمصر، الذي انعقد في الثمانينيات ثلاثة أيام.

وماذا عن دوره في حرب 1973؟
شارك في الإعداد لحرب عام 1973م هو وتلاميذه، وكبار أعضاء العشيرة والطريقة بأعمال التعبئة والتوعية والإعداد، حتى إنه كان يبيت الليالي ذوات العدد مع جنود الجبهة على البحر الأحمر، وزميله الشيخ "عبد الحليم محمود" والشيخ "محمد الغزالي"، وكم تعرض ومن معه للأخطار الداهمة، وواجه الأَسْر والقتل بين بورسعيد والإسماعيلية والسويس أمام الهجمات اليهودية.

ما أهم وأبرز مؤلفات الشيخ في التصوف؟
للشيخ عشرات من مؤلفاته النادرة الكثيرة في التصوف الإسلامي، والدفاع العلمي عنه، مثل كتاب أصول الوصول- أدلة أهم معالم الصوفية الحقة من صريح الكتاب وصحيح السنة، أبجدية التصوف الإسلامي- بعض ما له وما عليه، الإفهام والإفحام أو قضايا الوسيلة والقبور، بركات القرآن على الأحياء والموتى من الحديث النبوي الشريف، وقد كافح التطرف والتشدد.

ما أبرز القيادات الدينية التي تنتسب للطريقة؟
طريقتنا تضم القادة وصفوة الجماهير الراشدة، وقد صحب جدنا الإمام الرائد "محمد زكي إبراهيم"، وتتلمذ على يديه وحضر مجالسه علماء أكابر أمثال فضيلة الإمام الأكبر "عبد الحليم محمود"، شيخ الأزهر، والشيخ "إبراهيم الدسوقي مرعي" وزير الأوقاف الأسبق، والدكتور "صوفي أبو طالب"، رئيس مجلس الشعب، والشيخ "محمد متولي الشعراوي"، والشيخ حسنين مخلوف، والدكتور "مصطفى الشكعة"، والدكتور "أحمد عمر هاشم"، والأستاذ "خالد محمد خالد"، والدكتور "مصطفى محمود"، والشاعرة "علية الجعار"؛ والدكتور "علي جمعة"، الذي تتلمذ على يد مولانا الإمام الرائد، وكانت بينهما علاقة مودة وأخوة كبيرة، والدكتور "أسامة الأزهري"، والدكتور "مجدي عاشور"، ولا تزال العشيرة المحمدية عامرة بأبنائها العلماء العاملين، حاملي لواء الدعوة المحمدية وتبليغها في مصر وأقطار الأرض.

أخيرًا.. ما مدى اهتمام الطريقة بالمرأة؟
لدينا قسم السيدات المحمديات الداعيات إلى الله، له تاريخ قديم في النشاط العلمي وخدمة اليتامى والفقراء، والحركة والتجديد والصحوة ونشر الدعوة، والمشاركة الصامتة الفعالة في كل عمل (إنساني، أو اجتماعي، اقتصادي، أو ثقافي).. فالسيدات عندنا لهن ما لنا وعليهن ما علينا من كل شؤون الدعوة في الطريقة والعشيرة في الحد الإسلامي المشروع المفضل المحدود.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية