رئيس التحرير
عصام كامل

حقيقة تورط شركات أدوية عالمية في انتشار "الحصبة".. إسرائيل المصدر الأول للفيروس.. واشنطن تفتح تحقيقا لمواجهة انتشار المرض.. و20 مليون طفل لم يتلقوا التطعيمات اللازمة


حالة من الذعر تعيشها حكومات ودول العالم، بعد تصاعد نسب الإصابة بمرض الحصبة، بأعداد دعت المنظمات الصحية العالمية للتحذير من مخاطر عدم التصدي للمرض قبل تصاعد انتشاره، ووصوله إلى نسب يصعب السيطرة عليها، في حال لم تتوخ المؤسسات الصحية في كل دول العالم الحذر من المرض.


وأعلنت منظمة الصحة العالمية "اليونيسف" أنه خلال الثماني سنوات الفائتة لم يتلق 20 مليون طفل في العالم لقاح الحصبة، موجهة تحذيرا شديدا من تضاعف فرص تفشي المرض الذي يضرب دول العالم بشكل لم يسبق له مثيل، وبحسب الإحصائية التي نشرتها عن العشر دول الأعلى دخلا في العالم، ولم يحصل فيها الأطفال على جرعة اللقاح ويرجح تفاقم المرض فيها، حلت الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الأولى بعدد 2.5 مليون طفل، تلتها فرنسا والمملكة المتحدة والأرجنتين وإيطاليا واليابان وكندا وألمانيا وأستراليا وتشيلي.

وتظهر إحصائية صادرة عن مركز التحكم بالأمراض والوقاية الأمريكي، أن أكثر من 20 مليون شخص يصاب بالمرض كل عام، بنسبة وفيات تصل إلى 164 ألف شخص سنويا، وتقع نصف تلك النسبة في الهند، وبالعودة إلى عام 1963م نرى أن نسبة الإصابة بمرض الحصبة وصلت إلى 4 ملايين مواطن أمريكي سنويًا، بل وكان المرض يقتل 500 شخص من بينهم، إلى أن بدأت حملات حكومية للتطعيم ضد الحصبة، حتى عام 2000 الذي أعلنت أمريكا خلاله قضائها على المرض نهائيا في البلاد، بما يشير بحسب أطباء أمريكيين.

إلى أنه خلال مدة عام كامل لم يتم رصد حالات انتقال أو إصابة بالعدوى للمرض داخل الولايات المتحدة الأمريكية، وأرجع هؤلاء الأطباء إمكانية البلاد في القضاء على المرض إلى حملات التطعيم القوية التي نظمتها، بالإضافة إلى نظام الصحة العامة الذي نجح بقوة في مواجهة تفشي المرض، وبحسب «مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» الأمريكية فإن عودة فيروس الحصبة للبلاد عام 2008 جاء عن طريق إصابة المسافرين ممن لم يحصلوا على التطعيم سواء كان من المواطنين الأمريكيين الأصل أو الزائرين الأجانب، ودخلوا إلى البلاد حاملين المرض.

وانتقل من خلالهم إلى بعض الأشخاص غير المحصنين أو المطعمين ضد المرض، ويلاحظ أنه في الفترة بين عامي 2000 و2007 كانت نسب الإصابة بالحصبة متدنية قليلا، حيث وصلت إلى تسجيل 67 إصابة خلال العام، أما بعد 2008 فتم رصد ارتفاع النسبة إلى 131 حالة، ومع مرور السنوات وبالتحديد في عام 2014، رصدت وزارة الصحة الأمريكية وجود 667 حالة مصابة بالمرض في ولاية أوهايو التي لم يحصل عدد كبير من مواطنيها على التطعيم، ثم عادت النسبة للارتفاع من جديد حتى وصلت إلى 372 مريضًا.

وانتشرت في ولايتي نيويورك ونيوجيرسي، وارتبطت أغلب الحالات بالعدوى من مسافرين نقلوا المرض معهم بعد عودتهم من إسرائيل، ولكن مع تصاعد عدد الإصابات بالمرض فرض بيل دي عمدة مدينة بروكلين بنيويورك حالة الطوارئ الصحية العامة لمواجهة التفشي المتصاعد للمرض.

وخلال العام الجاري وحتى شهر أبريل رصدت الولايات المتحدة وقوع 555 حالة إصابة المرض موزعين على 20 ولاية، بما يشكل أكبر عدد من المصابين بالمرض في عام واحد منذ عام 2000، مع تصاعد أسباب أخرى إلى جانب نقل العدوى من الخارج، وهي رفض أعداد كبيرة من المواطنين تلقى التطعيمات، باعتبارها محاولة بشرية لمواجهة إرادة الله كما تفعل مجتمعات الآميش والمجتمعات اليهودية المحافظة بالولايات المتحدة الأمريكية، إضافي إلى استعانة البعض من معارضي التطعيم لدراسات بحثية تظهر عدم جدوى عمليات التطعيم.

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دخل على خط الأزمة من خلال دعوته للأمريكيين لحماية أنفسهم عن طريق تلقى التطعيمات المخصصة لمواجهة تفشي المرض، معلنا فتح تحقيقات مكثفة في قطاع الصحة العامة لمواجهة انتشار المرض، والتحقيق في شبهات أطلقها نشطاء محليين حول إمكانية تورط شركات أدوية في ارتفاع وتفشي نسبة الإصابة بالمرض لرفع نسب أرباحها من جراء نشاط عمليات البيع للأدوية المخصصة لعلاج المرض في كبرى دول العالم، أما إسرائيل فأعلنت مع نهاية الشهر الماضي ارتفاع ناقوس الخطر بعدما تم تسجيل آلاف الحالات المصابة بالحصبة خلال العام الماضي، واستمرارها خلال العام الجاري، وبلوغ بعض الحالات مرحلة خطرة من الإصابة أبرزها تعرض مضيفة طيران وطفل يبلغ من العمر 10 أعوام لتلف في الدماغ غير قابل للعلاج، في ظل تصاعد الأزمة مع وجود قرابة 45 ألف طفل إسرائيلي لم يتم تطعيمه حتى الآن.

ونشرت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» تفاصيل الحالة المتدهورة التي تعرضت لها المضيفة بشركة «إل عال» ودخولها المستشفى مصابة بغيبوبة، ونقلت إلى وحدة العناية المركزة وتطورت حالتها إلى أن أصيبت بالتهاب دماغ أميبي، وهو مرض يؤدي إلى التهاب الأغشية الواقية للدماغ، كما تم نقل طفل إلى مركز «شنايدر» الطبي، ويعتقد أنه أصيب أيضا بتلف دماغي وتم وضعه على جهاز التنفس الاصطناعي لمتابعة حالته.

وخلال شهر نوفمبر الماضي تم تسجيل حالة وفاة لطفل رضيع في الشهر الثامن عشر من عمره، وهي أول حالة وفاة بسبب مرض الحصبة يتم تسجيلها خلال الأعوام الـ15 الأخيرة، ثم تم تسجيل حالة أخرى بوفاة سيدة تبلغ من العمر 82 عامًا بعد إصابتها بالمرض ووصول حالتها إلى مرحلة خطيرة، وفي أول 10 أسابيع من العام الجاري سجلت ألمانيا نحو 203 حالات إصابة بالمرض، وهي النسبة التي تصل إلى ضعف النسبة التي تم رصدها خلال العام الماضي، وأرجعت السلطات الحكومية تصاعد نسبة تفشي المرض إلى غياب وعي أولياء الأمور بأهمية تطعيم أبنائهم ضد المرض، وقدم وزير الصحة الألماني ينس شبان.

في سياق محاولته لوقف تفشي المرض، فرض غرامة مالية على الآباء الذين لم يقوموا بتطعيم أطفالهم باللقاح المضاد للمرض، وتصل نسبة الغرامة إلى 2500 يورو على الطفل الواحد، وتشير إحصائيات المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض، إلى تسجيل فرنسا وإيطاليا إصابة 240 مواطنا بالمرض بداية من شهر مارس العام الماضي وحتى فبراير من العام الحالي، كما تم تسجيل 1400 حالة إصابة بالمرض، بينما واصلت النسبة ارتفاعها في بريطانيا، ووصلت إلى 900 حالة خلال نفس الفترة السالف ذكرها.

بينما أعلنت سويسرا عن تعرض شخصين للوفاة نتيجة التعرض لمضاعفات المرض، الأول شخص ثلاثيني لم يتلق التطعيم، والآخر سبعيني انتقل المرض إليه عن طريق العدوى.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية