رئيس التحرير
عصام كامل

الخبير الاقتصادى وائل النحاس: أحذر الحكومة من ترك المستهلك فريسة للتجار بعد زيادة الرواتب

فيتو


  • >> الدولة مطالبة بالتدخل لضبط الأسواق
  • >> يجب فتح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة في حل الأزمات
  • >> الفائز الوحيد من تعويم الجنيه هم المستثمرون في أدوات الدين الحكومية
  • >> السلاسل التجارية الكبيرة لرجال أعمال مصريين وخليجيين التهمت صغار التجار
  • >> قرار تعويم سعر الصرف أوائل نوفمبر 2016 أحدث صدمة لدى الجميع


مع كل مرة تتحرك فيها الأجور والمعاشات، يعيش المواطنون حالة من القلق والترقب، خوفًا من بطش التجار الذين لا يفوتون فرصة واحدة دون استغلالها أسوأ استغلال، لمصلحتهم الشخصية، فيبتلعون أية زيادة محتملة، قليلة كانت أو كبيرة، في جيوبهم التي لا تمتلئ، وبطونهم التي لا تشبع.

يحدث هذا إذا ما تحرك الدولار إلى الأمام، أو تحركت أسعار الوقود، ومع تحريك الأجور والمعاشات، يبقى ارتفاع الأسعار بصورة عشوائية هاجسًا حاضرًا في أذهان القطاع الأكبر من المصريين.

ومع بدء العد التنازلى لقدوم شهر رمضان يتضاعف القلق، حيث يسيء المصريون التعامل مع أيام الصوم، ويستبدلون الهدف النبيل من تلك الفريضة إلى الاستهلاك المفرط في كل شيء، ما يدفع التجار إلى اقتراف ممارساتهم الاحتكارية في ظل غياب الأجهزة الرقابية المعنية، والاكتفاء بأداء كاريكاتورى لا جدوى لها ولا تأثير.

خلال هذا الحوار.. نناقش هذه الإشكالية المتجددة: جشع التجار والتعامل الانتهازى مع أي متغير، دور الحكومة في المواجهة والتحدى، لا سيما مع اقتراب شهر رمضان، الدور الغائب للأجهزة المختصة بحماية المستهلكين.. وأخيرًا: سلاح المقاطعة وجدواه ومدى تأثيره.. حيث قال الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادى إن مقاطعة المنتجات ليست حلا ناجعا لمواجهة الغلاء، مشيرا إلى أن الحل الحقيقى الذي يجب أن تتبعه الحكومة لضبط الأسواق، يتمثل في متابعة كل سلعة سواء كانت محلية الصنع أو مستوردة، والبحث عن سعر التكلفة ووضع نسب ربح عادلة للتاجر أو المنتج، وطالب النحاس الحكومة بألا تترك المواطنين فريسة لجشع التجار، مشيرا إلى أن حماية المستهلك لن تتم بمبادرة أو جمعية أو معرض لتقديم السلع كالمعارض التي تقيمها الدولة مع بداية شهر رمضان، أو دخول المدارس وغيرها، وذلك لأنه في هذه الحالة فإن التاجر يأخذ أمواله كاش، في حين أن دورة رأس المال للتاجر الذي يبيع السلع بنفسه، تتراوح بين 45- 60 يوما، وبذلك فإن التاجر هو الرابح الوحيد... وإلى نص الحوار:

*هل مقاطعة السلع مرتفعة الأسعار هو الحل الوحيد لمواجهة الغلاء؟
لا يمكن أن يكون هذا الحل ناجحا تماما على كل السلع، وذلك لأن هناك سلعا ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها، وبالتالى فإن مقاطعتها غير وارد، والحل الحقيقى الذي يجب أن تتبعه الحكومة لمواجهة الغلاء يتمثل في متابعة كل سلعة سواء كانت محلية الصنع أو الزراعة أو كانت مستوردة، والبحث عن سعر التكلفة ووضع نسبة ربح عادلة للتاجر أو المنتج، وبحث كم حلقة تمر عليها السلع وصولا للمستهلك، وبالتالى يمكن السيطرة عليها، ويجب ألا تترك الدولة المواطن فريسة للتجار بحجة أن السوق حر، وفى نفس الوقت يجب أن تشجع الدولة القطاع الخاص بمزيد من الحوافز والمنح وعدم منافسته واقتسام كعكة المشروعات معه ومنافسته في رفع الأسعار على المستهلكين، لذلك يجب أن تعود الدولة لموقعها الأول والأساسى والمتعارف عليه في كافة الدول الأخرى، وهو دور الرقيب والحكم الذي يحمى مواطنيه وفى نفس الوقت يدعم الاستثمار والصناعة الوطنية، وأود أن أشير إلى أن مؤشر المشتريات وصلت إلى 48.2% وهو ما يعنى أنه أقل من النسبة الدنيا المعروفة بـ50%، وذلك بسبب رفع الدولة يدها عن حماية المستهلك فوجدنا أن الأوكازيونات والمعارض تحقق فشلا ذريعا لعدم الإقبال عليها بسبب عدم وجود سيولة لدى المواطنين الذين أنهكهم الغلاء المتواصل للأسعار، وأود أن أشيد بمبادرة الرئيس السيسي لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 2000 جنيه، وكذلك زيادة أموال المعاشات، وهى خطوة أولى يجب أن يتبعها خطوات أخرى تتمثل في حماية الأسواق من جشع التجار، كما أن الدولة بمبادرة السيسي أعطت قبلة الحياة للتاجر الذي يعانى من الركود بسبب تراجع القدرة الشرائية ولذلك سنجد حراكا جيدا في الأسواق يجب أن يتبعه إجراءات أخرى سريعة لحماية المواطنين.

*ما رأيك فيما تقوم به الدولة من معارض ومبادرات لخفض الأسعار؟
حماية المستهلك والمواطن المصرى لن تتم بمبادرة أو جمعية أو معرض لتقديم السلع كالمعارض التي تقيمها الدولة مع بداية شهر رمضان أو دخول المدارس وغيرها، وذلك لأنه في هذه الحالة فإن التاجر يأخذ أمواله كاش، في حين أن دورة رأس المال للتاجر الذي يبيع السلع بنفسه تتراوح بين 45- 60 يوما، وبذلك فإن التاجر هو الرابح الوحيد، بينما ما زالت الحلقات الوسيطة هي ما تلتهم المواطن البسيط بتلك الإجراءات التي لا تحقق أي مصلحة للمواطن ولكنها شكليات، لذلك أطالب الدولة أن تبدأ بنفسها أولا وتكون نموذجا جيدا في قدرتها في السيطرة على الأسعار وحماية المواطنين.

*هل تأثر المستثمر الأجنبي بارتفاع معدلات التضخم أو تراجع السيولة في السوق المصرى؟
برنامج الإصلاح الاقتصادى الذي بدأته الدولة بشكل فعلى منذ نوفمبر 2016 لم يراعى الآثار التراكمية للتضخم الذي نشأ عنها، خاصة أن هذا التضخم قتل القدرة الشرائية للمواطنين، وهبط بنسبة كبيرة من المواطنين تحت خط الفقر، وبالتالي أضعف الاستهلاك المحلي المحفز الأساسي للنمو الاقتصادي

*كيف ترى برنامج الإصلاح الاقتصادى الذي انتهجته مصر أواخر عام 2016؟
برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأته مصر بالاتفاق مع صندوق النقد أدخل الدولة في حالة ركود تضخمي ما زالت تؤثر على الأوضاع بشكل كبير، وأود أن أشير إلى أن هناك موجة من الأسواق الكبيرة بدأت تخترق السوق المصرى لتكون سلاسل تجارية كبيرة يمتلكها رجال أعمال مصريون وخليجيون التهمت بالتالى صغار التجار وأصحاب المحال التجارية من المصريين الذين كانت تمثل تجارتهم وسيلة لرعاية أسرهم وتشغيل أبنائهم، ولذلك زادت حالات الكساد التجارى والركود، وأشير إلى أن معاناة المصريين من آثار التضخم لن تنتهى خلال الفترة الحالية، بسبب المشكلات التي تعاني منها مصر في السنوات الأخيرة مثل تراجع السياحة والاستثمار المحلي أو الأجنبي، والتي لا تبشر بخروج سريع من الأزمة الاقتصادية، خاصة في ظل هذه المعدلات المرتفعة من التضخم والمتوقع عودتها مع إلغاء الدعم عن المواد البترولية والكهرباء، وإن كنت لا أنكر أن مصر كانت في حاجة ماسة لبرنامج إصلاح اقتصادي، خاصة بعدما وصلت عملتها لمرحلة من التراجع الشديد والسوق السوداء للدولار بل إن الإصلاح تأخر للغاية، لكن المشكلة في تزامن الإجراءات، وطريقة اتخاذها، وعدم الانتباه لتأثيره على التضخم، وعدم وجود حل لمشكلات القروض الخارجية وأعباء الديون.

*هل المستثمرون الأجانب في المحافظ المالية المستفيد الأكبر من سياسات الحكومة؟
الجميع استفاد من برنامج الإصلاح الاقتصادى ولكن فقط على الورق، فقرار تعويم سعر الصرف أوائل نوفمبر 2016 أدى إلى حالة من الصدمة لدى الجميع، وبات أصحاب الممتلكات رابحين ولكن فقط على الورق بمعنى أن السيارة التي كانت بــ100 ألف جنيه أصبحت بــ400 ألف جنيه، لكن دون فائدة فعند بيعها لن يستطيع صاحبها شراء غيرها بنفس القيمة، وبالتالى فإن قيمة سيارته ارتفعت على الورق دون مصلحة شخصية يحققها في الواقع، ومن ثم فإن الإجراءات الحكومية كافة تسببت في موجة تضخمية عنيفة، أضرت بالقدرة الشرائية للمواطنين، وضربت الاستهلاك المحلي في مقتل.. وبدت كأن كل هذه الإجراءات هدفها فقط ضبط سعر الصرف، حتى لو ضحينا بالنمو والاستهلاك، وأشير إلى أن الحكومة عندما نفذت برنامج الإصلاح الاقتصادى كانت تسعى لجذب الاستثمار الأجنبي بعد توحيد سعر الصرف، والقضاء على السوق السوداء لكن الحقيقة المؤلمة أن الفائز الوحيد من كل تلك الإجراءات هم المستثمرون في أدوات الدين الحكومية وأصحاب الأموال الساخنة التي دخلت السوق، وحققت أرباحا سريعة ثم تخارجت بنفس السرعة التي دخلت بها دون أي فائدة على الاقتصاد الوطنى.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو".

الجريدة الرسمية