رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«عمر أبو ليلى» ونهاية شرعية «عباس وحماس»!


كان الطقس باردا في ليلة من ليالي شهر مارس.. هناك في عرض البحر المتوسط عندما انتهى دور سفينة تجارية كانت تقل 13 فدائيا.. قفز الجميع في قاربين من المطاط على أمل التسلل والوصول بعد ساعات إلى شاطئ تل أبيب.. إلا أن الرياح فعلا أتت بما لا تشتهي القوارب المطاطية، وحالت دون وصول المجموعة إلى هدفها فقضى الجميع ليلة كاملة في المياه لا يملكون إلا أسلحتهم الخفيفة وذخيرتها.. لا ماء ولا طعام!


في اليوم التالي وصلت المجموعة إلى ساحل مستعمرة (معجان ميخائيل) ومنه إلى الطريق الرئيسي المؤدي إلى قلب تل أبيب، لا أمن ولا حرس سواحل ولا غيره.. وهناك تنظم المجموعة نفسها وتستوقف أتوبيسا كبيرا وتجبره على الذهاب إلى تل أبيب، وفي الطريق تستوقف أتوبيسا آخر، وبعد فترة تنتبه قوات العدو الإسرائيلي لما يجري، فتستعد بحواجز في الطريق ولكن تتمكن المجموعة ببطولة كبيرة من قتل كل من فيه من جنود العدو، وتستمر وتنجح في العبور من الحاجز الثاني ثم الثالث..

يجن جنون الجيش الإسرائيلي، فيستدعي على عجل مزيدا من القوات تتمكن من تفجير إطارات السيارتين، يتحدث بعض الرهائن ويقولون إنهم لم يتعرضوا إلى أي أذى، وناشدوا قوات الجيش الاستجابة لمطالبهم، والإفراج عن أسرى ومعتقلين فلسطينيين.. يرفض القائد الإسرائيلي ويقرر إطلاق النار..

تصمد المجموعة فترة طويلة أذهلت العالم، وتنتهي العملية باستشهاد 11 فدائيا، وإصابة واحد، وهروب آخر، لكن الثمن كان باهظا للعدو بمقتل 30 ضابطا وجنديا، وإصابة 80!

يسأل القائد الإسرائيلي الفدائي الجريح عن قائد المجموعة فيشير إلى تلك الشهيدة.. لا يصدقون.. كان المجرم الإسرائيلي هو "إيهود باراك"، وكانت الشهيدة ابنة العشرين عاما التي أصر "بارك" على "تعذيبها" رغم أنها فارقت الحياة هي الشهيدة "دلال المغربي"، وكانت العملية في 11 مارس عام 1978!!

بعد 41 عاما بالتمام والكمال، وفي مارس أيضا يتسلل "عمر أبو ليلى" إلى إحدى المدن المحتلة بلا أي سلاح.. يقتل -على طريقة أفلام مقاومة الاحتلال البريطاني لمصر- بآلة حادة جنديا إسرائيليا، ويحصل على سلاحه وسيارته، وينطلق بعيدا ليقتل اثنين آخرين بالسلاح الذي حصل عليه، ويحمل سلاح القتلى الجدد ليصيب به آخرين، ثم يهرب ويفر إلى داخل الأرض التي تحكمها السلطة الفلسطينية، ليحير كل جيش الاحتلال الإسرائيلي 60 ساعة متصلة..

يصبح حديث العالم، حتى استشهد وهو يقاوم كبطل لم يعرف الاستسلام، وأعاد للنضال ضد الاحتلال هيبته ومكانته وجلاله.

 هنا نتوقف.. في العملية الأولى لا أحد يعرف حتى اليوم أين ذهب الفدائي الذي هرب من قوات الاحتلال رغم أنه هرب داخل تل أبيب نفسها!!  لكن من المؤكد أن عرب الداخل حموه وهربوه.. وكانت العمليات تعطي الأمل وتكشف حقيقة العدو الذي مرمغت مجموعة صغيرة بكرامته التراب.. وفي الثانية لم تستطع المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية بقواتها وسكانها حماية "عمر أبو ليلى" ولا إخفاءه، ولا تهريبه بل يتردد العكس، وأن الاتفاقيات الأمنية بين السلطة والاحتلال ألزمت بتركه في العراء وحيدا يواجه بمفرده جيشا كبيرا استخدم ضده أسلحة ثقيلة، لتصعد روحه الطاهرة وهو أيضا دون العشرين عاما!!

ماذا تفعل السلطة إذن؟ هنا سؤال عن الضفة.. أما هناك في غزة التي تحتلها عصابة حماس فالأسئلة لا تنتهي!.. المجد لـ"عمر أبو ليلى" ومن مثله.. ولكل شهيد اشترى الدنيا بالآخرة.. فقد أسقطت شرعيتهم وتضحياتهم شرعية الجميع.. عباس وحماس!!!

فليرحل من لا يستطيع تقديم شيء لشعبه ولوطنه.. وليحترم نفسه وما قدمه.. فالتاريخ لا يرحم.. رحم الله "ياسر عرفات"!
Advertisements
الجريدة الرسمية