رئيس التحرير
عصام كامل

تحية كاريوكا.. في مئوية امرأة بـ«ألف رجل»!


لم تكن مجرد فنانة تألقت وتنوع أداؤها إلى حدود مدهشة.. ولم تكن مجرد سيدة وضعت لحياتها قوانين صارمة التزمت بها حتى رحيلها، ولم تكن قصتها مجرد مغامرات مراهقة تركت بيت أبيها من أجل الفن، ولم تكن سيرتها مجرد الزواج بعدد كبير من الرجال، إنما هي حدوتة كبيرة جدا ربما تجمع كل ما سبق، لكن المؤكد أن في حياتها ما هو أهم بكثير..


"تحية كاريوكا".. سيدة "الجدعنة" على الشاشة، هي ليست الأرملة اللعوب في "شباب امرأة" فقط، ولا الأرملة الطروب في فيلم "صاحبة العصمة"، ولا الأرملة الجريحة في فيلم "وإسلاماه"، ولا الزوجة بتنوع نادر في "الفتوة" و"سمارة"، ولا الأم بتنوع باهر أيضا في "أم العروسة" و"خلي بالك من زوزو " وغيرها وغيرها.. إنما هي أيضا صاحبة مسيرة أخرى موازية لكل ذلك..

ومن يعرف شخصيتها الحقيقية يؤمن تماما بأنها "سيدة التلقائية" على الشاشة العربية.. هي تلتقي الملك فاروق في أحد الملاهي الليلية فتقول له على الفور "مكانك في القصر مش هنا"!..

 أحبت "مصطفى كمال صدقي" الضابط الشيوعي، وأعجبت بثوريته وحماسه ضد العصر الملكي، وقامت ثورة يوليو دون أن يستوعب الثورة عند قيامها، ولا التغيير الجذري الذي قامت من أجله، فيستمر في التحريض على الثورة الشاملة بطريقته، فيعتقل ويتسبب في اعتقالها معه..

  لكنها في سجن المائة يوم تتخذها فرصة، وتنظم سجن النساء، وتقف إلى جانب المظلومات منهن، وتتسبب في مكاسب لهن، وتتحول إلى ظاهرة فريدة في تعامل نجمة كبيرة مع أزمة قاسية.. ومع تسرعها في السجن بمهاجمة الثورة ولها عذرها، فإنها ومع خروجها وفهمها للأوضاع بشكل صحيح دعمت الثورة، ووقفت مع وطنها في كل الأحداث، حتى كانت في مقدمة المتبرعات للمجهود الحربي بعد 67، وسلمت الزعيم جمال عبد الناصر جزءا من مجوهراتها، وفي لقائها وصفها بأنها "امرأة بألف رجل"!

ورغم الشيخوخة والأمراض التي لاحقتها تصر في نهاية الثمانينيات أن تنضم لاعتصام الفنانين الغاضبين من قانون النقابات الموحد عام 1988، واتهموه بأنه قانون مصادرة النقابات فتكون في مقدمة المعتصمين، بل وتدير من نوافذ وشرفات نقابة السينمائيين بشارع عبد الخالق الاحتجاج ضد الحكومة، وقتها بلغت أقصى حدود القسوة على القانون الجديد ومجلس الشعب والرئيس مبارك نفسه!

هذه التلقائية دفعتها ذات ليلة في مسرحية كان يقف أمامها فيها الفنان وحيد سيف، وقد تذكرت فجأة أنها أعطته أموالا لشراء ياميش رمضان لتوزيعه على البسطاء، وقد اعتادت ذلك، وتأخر في شرائه فسألته بصوت مرتفع أمام الجمهور: "فين الياميش يا نصاب أنت"، ثم طاردته حتى خارج المسرح !!.. 

لتحية كاريوكا أبعاد مختلفة لشخصيتها، وأوجه عديدة لتاريخها الفني تحتاج إلى كتابتها بشكل مختلف !!
الجريدة الرسمية