رئيس التحرير
عصام كامل

قصة ولع رؤساء فرنسا بآثار الفراعنة.. فرانسوا ميتيران أحب أسوان وودع النيل قبل وفاته بأيام.. شيراك ارتبط بصداقات في الأقصر.. وساركوزي اختار ونتر بالاس لأول ظهور مع كارلا بروني

فيتو

ما إن انتهت مراسم مغادرة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون وزوجته والوفد المرافق لهما، لمدينة أبو سمبل، أحد أشهر مدن مصر القديمة، متوجها إلى العاصمة القاهرة، لبدء زيارته الرسمية لمصر، حتى بدأت مراسم ليلة لم تنم فيها المدينة الساحرة، التي اكتست بمظاهر البهجة والفرح، الذي بدا واضحا على وجوه سكانها الذين استقبلوا الرئيس الفرنسي بفرح بالغ.


وراح المنشغلون بهموم السياحة، والمعنيون باستعادة قطاع السياحة الثقافية لمكانته كأحد أبرز وأشهر أنماط السياحة بمصر، يحللون ويناقشون تأثير زيارة ماكرون وزوجته لمدينة ابوسمبل، ليس على الحركة السياحية الوافدة للمدينة فقط، بل لأسوان والأقصر أيضا، وهما المحافظتان اللتين تشتهران بالسياحة الثقافية والتاريخية، وتضمان عشرات المعابد ومئات المقابر لملوك وملكات ونبلاء ونبيلات  وعمال وفناني مصر القديمة.

حالة الفرح والبهجة في أبوسمبل، انتقلت لمدينتى أسوان والأقصر، اللتين سادتهما حالة من التفاؤل بمستقبل افضل لقطاع الثقافية بهما.

وكانت مدينة أبوسمبل التاريخية، على موعد مساء أمس الأحد، للبوح  بأسرارها الفرعونية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزوجته بريجيت، اللذين اختارا أبو سمبل كأول محطة في زيارتهما لمصر، والتي تستمر ثلاثة أيام، وتتضمن لقاء قمة اليوم الإثنين بين الرئيس ماركون والرئيس عبدالفتاح السيسي، مباحثات اقتصادية، وحوارات للرئيس الفرنسى مع كوكبة من المثقفين المصريين.

ماكرون وبريجيت، والوفد المرافق لهما،  وخلال زيارتهما لمعبدي أبو سمبل برفقة وزير الآثار الدكتور خالد العنانى، استمعا لشرح على مدار ساعتين، حول تاريخ المدينة، وقصة معبدها الكبير الذي شيًدَهُ الملك رمسيس الثانى، ومعبدها الصغير، الذي شيده أيضا رمسيس تكريما لزوجته الملكة نفرتارى، وقصة إنقاذ المعبدين ونقلهما من موقعهما القديم إلى الموقع القديم، لحمايتهما من الغرق بعد إنشاء السد العالي وبحيرة ناصر، وذلك قبيل خمسين عاما.

وكما تقول الباحثة في علوم المصريات، عزة عبدالرحمن، فإن أهمية مدينة أبوسمبل، التي كانت على موعد مع رئيس فرنسا وزوجته، لا زالت تحتفظ بالكثير من الأسرار، وبها الكثير من المعالم الأثرية المهمة، مثل "وادى النبطة" الذي عثر فيه على أول بوصلة حجرية وأقدم ساعة حجرية تحدد اتجاهات السفر وموعد سقوط المطر ويرجع تاريخهما إحدى عشر ألف سنة.

وعثر في الشمال الغربى للمدينة على أول دليل تاريخى وفلكى، حدد الاتجاهات الأربعة وبداية العام، وما يسمى بظاهرة الانقلاب الشمسى.

وأطلق ما يسمى بصندوق إنقاذ آثار النوبة، عدة مشاريع للحفاظ على آثار مدينة أبوسمبل، بينها مشروع لإعادة تركيب مقاصير أبريم وأبو عودة وعدد من اللوحات الأثرية في منطقة السبوع، وإخضاع مناطق أثرية أخرى لمشروعات تطوير وترميم وحماية لمعالمها، مثل مناطق جزيرة فيلة وجرف حسين ومقصورة بدون والسبوع والدبكة والمحرقة وعمدا الجديدة ومعبد الدر ومعبد عمدا ومقبرة بنوت وبقايا قصر أبريم.

أما مدينة ابوسمبل الجديدة، فقد انشأت بالتزامن مع تنفيذ مشروع إنقاذ معبدى أبوسمبل وآثار النوبة من الغرق، في العام 1961، حيث قسمت المدينة الجديدة لثلاثة أحياء، أحدهما أطلق عليه حى رمسيس، وكان مكانا لإقامة المهندسين والمشرفين على مشروع إنقاذ الآثار، وحى أطلق عليه حى القباب، وكان مقرا فقامة الفنيين العاملين بالمشروع، وحى ثالث للعمال.

وتطورت المدينة، بمرور الأعوام، وصار بها مطار مجهز لاستقبال رحلات الطيران المحلية والدولية، وأقيمت بها الفنادق الثابتة والعائمة.

وبحسب قول عزة عبد الرحمن، فقد كان المستكشف الإيطالي، جوفاني باتيستا بلزوني، قام في العام 1817، بإزاحة الأتربة عن معبد أبوسمبل الكبير وكان أول من دخل المعبد، وذلك خلال ثلاث رحلات استكشافية قام بها على ضفاف نهر النيل بمصر في الفترة ما بين عامي 1815 و1819 ميلادية.

ويقول المؤرخ المصرى فرنسيس أمين، إن زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون وزوجته لآثار ابوسمبل، ليست الأولى التي يقوم بها رئيس فرنسي لآثار مصر القديمة.

حيث ارتبط – بحسب فرنسيس أمين- الكثير من رؤساء وحكام فرنسا، بعلاقة عشق لآثار الفراعنة، على مر التاريخ، حيث زارت الإمبراطورة، أوجيني دي مونيتو كوتيسه، زوجة نابليون الثالث، إمبراطور فرنسا، الكثير من معابد وآثار الفراعنة بالكثير من محافظات مصر، مثل الجيزة والأقصر وقنا.

وكان الرئيس الفرنسي الراحل، شارل ديجول، مولعا بمصر، ومحبا لشعبها، وألقى خطابا خاصا من القاهرة، والرئيس الفرنسي جيسكار ديستان، الذي ارتبط بصداقة خاصة مع مصر في عهد الرئيس أنور السادات، وشارك في افتتاح متحف الأقصر عام 1975.

والرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، الذي كان عاشقا للحضارة المصرية، ولآثار الفراعنة بأسوان والأقصر، وكان يقضى ليلة رأس السنة في مدينة أسوان كل عام، وألقى نظرة أخيرة على نيل أسوان في آخر زيارة له قبيل وفاته بأيام، وارتبط بصداقات مع مثقفين وفنانين مصريين، مثل الكاتب الراحل الكبير محمد حسنين هيكل، والمخرج يوسف شاهين، كما أنشأ فرانسوا ميتران الهرم الزجاجى الذي تصدر متحف اللوفر، وكان ميران أكثر رؤساء فرنسا ارتباطا بمصر.

وكذلك الرئيس الفرنسي، جاك شيراك، الذي كان عاشقا لآثار معبد الكرنك، وارتبط بصداقة قوية مع رئيس عمال المعبد الريس عبده أحمد طه، وهناك الكثير من الرسائل المتبادلة بينهما.

أما الرئيس الفرنسى الأسبق، نيكولا ساركوزي، فقد اختار مدينة الأقصر لتشهد أول ظهور علني مع زوجته عارضة الأزياء الإيطالية كارلا بروني، حيث أقاما بفندق ونتر بالاس التاريخي، حيث امتلأت المدينة بمصورين من مختلف بلدان العالم لالتقاط أول صور علنية تجمع ساكورى بـ" كارلا بروني".
الجريدة الرسمية