رئيس التحرير
عصام كامل

ارتياح بين الألمان بالأقصر بعد الكشف عن مصير الداعشي عيسى الصباغ

فيتو

عمت حالة من الارتياح بين مواطنى مدينة الأقصر، وأفراد الجالية الألمانية المقيمة في المدينة بشكل دائم، بعد إعلان مصر عن مصير الشاب الألمانى عيسى محمد الصباغ، الذي كان مسار حديث وسائل الإعلام الألمانية طوال أسبوع مضى، إثر احتجازه بمطار الأقصر الدولى، على خلفية قدومه لمصر بهدف الانضمام لخلايا تنظيم داعش الإرهابى بسيناء.


ورغم من عدم متابعة الكثير من المصريين والألمان، لواقعة احتجاز "الصباغ " وعدم سماعهم بها، إلا أن الأوساط السياحية في الأقصر، كانت تتخوف من استغلال وسائل إعلام تسيطر عليها بلدان وجماعات معادية لمصر، لما أثير من تحليلات بشأن الشاب عيسى الصباغ، في التأثير بالسلب على حركة السياحة الوافدة لمصر بوجه عام ومدينة الأقصر بوجه خاص.

وما بين إلقاء القبض على الشاب الألمانى من أصل مصرى، عيسى محمد الصباغ، خلال دخوله للبلاد عبر مطار الأقصر الدولى، في السابع عشر من شهر ديسمبر الماضى، وإعلان مصر أن الشاب جرى اعتقاله على خلفية محاولته الانضمام لتنظيم داعش في شبه جزيرة سيناء، انشغلت وسائل إعلام ألمانية وأوروبية وعربية، بنشر أخبار وتحليلات على مدار قرابة أسبوع كامل، عن الواقعة، وعن مستقبل العلاقات بين القاهرة وبرلين، وحالة الأمن في مصر، وبينما كثير من الألمان منشغلون بمتابعة تفاصيل واقعة منذ لحظة الإعلان عن اختفاء الصباغ فور وصوله لمطار الأقصر، وحتى لحظة إعلان توقيفه وترحيله لألمانيا، كان الألمان ممن يقيمون بشكل دائم في مدينة الأقصر، الغنية بمعابد ومقابر ملوك وملكات ونبلاء الفراعنة، في صعيد مصر، منشغلون بالاستمتاع بالشمس الساطعة، والتجول بين الآثار والحقول، وإعداد العدة ربما لركوب منطاد فوق سماء المدينة، أو القيام برحلة وسط مياه نهر النيل الخالد.

هكذا كانت وما تزال تسير حياة المواطنين الألمان بشكل طبيعى هنا في الأقصر، وسط تناغم لافت في علاقة هؤلاء المواطنين الألمان بأصدقائهم المصريين، ومن الطريف أن كلا الطرفين من مصريين والأمان في مدينة الأقصر، لم يسمعوا شيئا عن ما نشر في الإعلام الألمانى بشأن اختفاء واحتجاز وترحيل الشاب الألمانى من أصل مصرى عيسى محمد الصباغ.

وقالت أنتيا اسلفكا المواطنة الألمانية البالغة من العمر 70 عاما، المقيمة في أحد ضواحى مدينة الأقصر، إنها لم تعلم شيئا عن اختفاء الشاب الألمانى، ولم تسمع عن احتجازه وترحيله، مشددة على أن مصر آمنة، ولأنها تقيم بالفعل في مدينة مصرية، فهى تعلم بحقيقة الأمن والأمان في مصر، أكثر ممن يقيمون خارج مصر.

وأشارت أنتيا اسلفكا إلى أنها ترى أن مثل تلك الوقائع حالات فردية، لا تؤثر على ثقة المواطنين الألمان في حالة الأمن التي ينعمون بها في مصر، ولن تؤثر على علاقات مواطنى الشعبين.

ويقول زوجان ألمانيان يعيشان في مدينة الأقصر، إنهما ينعمان بحياة سعيدة وآمنة، وسط أهل الأقصر، وأنهما لن يغادرا المدينة التي وقعا في عشقها، مهما حدث، وأنهما لا يلتفتان إلى ما يثار من جدل وأخبار في الإعلام الغربى، والتي تدور حول حالة الأمن في مصر.

وتعد مدينة الأقصر، من أكبر المدن الجاذبة للمواطنين الأوروبيين، بحسب محمد صالح، المحامى الذي يتولى رعاية أعمال عدد من المقيمين الأجانب في المدينة، وقال إن الأقصر صارت مركزا للتعايش السلمى لمواطنين من شتى الجنسيات والأديان والثقافات.

ويرتبط المواطنون الألمان بعلاقة خاصة مع مدينة الأقصر، فهناك مؤسسة الهرم الصغير، وهى مؤسسة المانية مسجلة بمصر منذ أكثر من عشر سنوات، وتعمل في مجال تقديم الخدمات والدعم للأسر الفقيرة وعائلات المرضى، والأشخاص من ذوى الاحتياجات الخاصة.

وفى البر الغربى للأقصر يوجد مقر البعثات الأثرية الألمانية العاملة في مجال التنقيب عن الآثار المصرية والقديمة وترميمها، وتعد البعثة الألمانية العاملة في معبد الملك أمنحتب الثالث، وتراسها عالمة المصريات الألمانية الدكتورة هوريج سورايزون، من اشهر البعثات العاملة في غرب مدينة الأقصر، وأكثرها توصلا للكثير من الاكتشافات والتماثيل الفرعونية، وربما يصل ما تكتشفه تلك البعثة أسفل أرض معبد أمنحتب الثالث، إلى مائة تمثال بالعام.

وفى الأسفل من المناطق الأثرية في غرب الأقصر، وعلى مقربة من نهر النيل الخالد، وعلى أحد الطرق الجانبية الواقعة، بمحازاة الطريق الرابط بين الميناء النهرى، وتمثالى ممنون الشهيرين، يقع داخل حدود قرية البعيرات، منزل في يعلوه علم دولة ألمانيا، وربما يكون المنزل لمواطن مصرى، من عشاق ألمانيا، أو ربما تقيم به عائلة ألمانية، من بين عشرات العائلات التي تقيم في الأقصر بشكل دائم، ضمن مئات الأجانب والأوروبيين الذين هجروا بلدانهم واختاروا العيش في الأقصر وقراها، للاستمتاع بطقس المدينة المعتدل والجاف، وشمسها التي لا تغيب طوال أشهر فصل الشتاء.

وما بين البيت الألمانى المطل على معابد الفراعنة، والمنزل الذي يرفرف فوقه علم ألمانيا بريف قرية البعيرات، في غرب مدينة الأقصر، هناك شغف المانى بمصر والمصريين، وعشق مصرى للألمان.

هنا في ضاحيتى القرنة والبعيرات، غرب الأقصر، وفى ضاحيتى العوامية والكرنك والكثير من شوارع شرق مدينة الأقصر، علاقات صداقة ونسب بين عائلات مصرية، وأخرى ألمانية، فكثير من مواطنى الأقصر، ارتبطوا بعلاقات زواج بنساء ألمانيات، البعض يقيم برفقة زوجته الألمانية في الأقصر، وآخرون هجروا الأقصر ليقيموا في المدن الألمانية بصحبة زوجاتهم الألمانيات.

ويقول محمد صالح، المحامى الناشط في رعاية مصالح المواطنين الأجانب في الأقصر، إن هناك مشكلات تنجم عن حالات الزواج المختلط ما بين مصريين وألمان، نتيجة لاختلاف الثقافات، لكن – وكما يقول صالح – فإن مثل تلك المشكلات المعتادة في الكثير من المجتمعات الأوروبية، لا تؤثر على علاقة الحب المتبادلة بين المواطنين الألمان ومواطنى ضواحى وقرى مدينة الأقصر، فالألمان يواصلون العيش في حب ومودة مع المصريين في الأقصر، وأهل الأقصر يتواصلون بشكل دائم مع أصدقائهم الألمان دون أن تتأثر تلك العلاقة فيما بينهم بما يطلقون عليه هنا بـ " الحوادث العابرة "، والمعتادة في ظل ذلك التشابك والتنامى في العلاقات الاجتماعية بين المصريين والألمان.

وانعكست حالة الأمن والأمان التي يحظى بها السكان الأجانب في الأقصر، وفى مقدمتهم المواطنون الألمان، بالإيجاب على القطاع السياحى في الأقصر.
الجريدة الرسمية