رئيس التحرير
عصام كامل

«مصر» وذكرى أعظم مشروع في القرن العشرين


المكان: هامبشاير.. إحدى مقاطعات جنوب إنجلترا.
الزمان: نهاية القرن الماضي.
الحدث: معرض إنشائي وصناعي كبير يضم أهم شركات العالم الإنشائية والعقارية والشركات المتخصصة في البنية الأساسية والسدود.


التقرير: السد العالي في مصر أعظم بناء هندسي في القرن العشرين.

نعم.. على أرض بلادك هناك في جنوب مصر البناء الضخم الذي اختاره أعداء مصر قبل أصدقائها للإعلان عن أنه أكبر وأضخم وأهم من حيث الفائدة في القرن العشرين كله، وبالتالي في التاريخ، لأن القرن العشرين الأهم في تطور البشرية.

وفي تقديرنا أن السد العالي ليس الأرقام الهائلة التي ترتبط به، مثل حجمه الذي يعادل 17 ضعف الهرم الأكبر، ولا لأن ما ضخ من مواد بناء يبلغ 43 مليون متر مكعب، ولا لأسطورة كبيرة سنكتب عنها كاملة، وهي نقل المعابد الأثرية بالتعاون مع اليونسكو في أسطورة حقيقة لا يعرفها أغلبية المصريين، صنعها آبائهم وأجدادهم، ولا لاتساع بحيرة ناصر بطول يصل إلى 500 كيلومتر، أي مرتين ونصف طول المسافة من القاهرة للإسكندرية.

أو لأن عدد العمال بلغوا بأرقام عام 1960 ما يزيد عن 36 ألف عامل وغيرها من أرقام قياسية، إذ إن الملحمة الكبرى هي اختبار الإرادة الذي نجح فيه المصريون بامتياز، وبشكل لم يسبق له مثيل من شعب يحكم نفسه لأول مرة بعد احتلال مئات السنين، وينطلق يكسر قيود الذل والعبودية، ويتحدى دولا جبارة نهبته لعقود طويلة، ويقرر استرداد حقوقه، ولا يقبل إلا أن تكون كاملة.

فيسترد حق المصريين ممن استشهدوا في حفر القناة بتأميمها، ويسترد أمواله المنهوبة في عائدات القناة بتمصير الشركات الأجنبية ومصادرتها، ثم في الصمود الأسطوري في حرب 56 في أعظم تلاحم شعبي مع القيادة في العصر الحديث، ثم يبنى السد.

لم يكن تشويه كل ما سبق صدفة ولا اعتباطا، لكن محاولة لطعن المصريين في شرفهم الوطني وفي إرادتهم.. ولكن هيهات.. انتهى احتكار الإعلام.. وها هم أبناء شعبنا يحيون الذكرى التي لم يشأ القدر أن يشاركوا في صنعها، ولا أن يساهموا في البناء، ولا حتى نيل شرف الدفاع عن الوطن، ولا أيضا حضور افتتاح البناء العظيم، بل نشأ أغلبهم وتربى في ظل الهجوم العكسي الكاسح من جماعة ملعونة شوهت تاريخ البلاد، وسلطة متحالفة معها تركت لها الحبل على الغارب.. ولكن لا يصح في النهاية إلا الصحيح.

تحيه لروح "جمال عبد الناصر"، ولمن حفروا القناة بأرواحهم، ولمن استردوها ولأبطال بورسعيد، ولكل يد بنت وعملت في السد العالي العظيم، الذي وضع حجر أساسه في مثل هذا اليوم 9 يناير عام 1960، ولكل دعم عربي وعالمي ساندنا فيه خصوصا لروسيا الصديقة.
الجريدة الرسمية