رئيس التحرير
عصام كامل

نبي جديد لزماننا!


 

 

وما زلنا مع نسمات مباركة من شهر ربيع الأول والذي شرف بمولد سيد الخلق محمد.. تقول الكاتبة والباحثة كارين أرم سترونج أستاذة علوم مقارنة الأديان في أحد كتبها عن الرسول الكريم (نبي لزماننا): لم يحاول محمد أن يفرض معتقدا دينيا تقليديا، فلم يكن مسرفا في الاهتمام بالغيبيات (الميتافيزيقا)، ولكن جل اهتمامه كان تغيير قلوب وعقول الناس في مرحلة كان يُطلق عليها (الجاهلية)، أي زمن الجهل في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، وهي حالة عقلية واجتماعية تسببت في نشر الإرهاب والظلم والقهر والفساد بين البشر، وإنني لأحاجج على أن الغرب حاليا يعيش في جاهلية كالتي قضى عليها محمد برسالته العظيمة!!

قطعا، كاتبة هذا الكلام ليست عربية أو من خلفية إسلامية، ولم تنشأ في بيت يُجل الإسلام أو يعظم من نبيه، لكنها اهتدت للحق من أجل الحق ذاته ورأت أن الحقيقة آية نفسها، تماما كما سبقها المفكر المصرى العلامة نظمى لوقا في كتبه عن محمد وعن الإسلام في خمسينيات وستينيات القرن الماضى.. إنه حب الحق لذاته والسعى وراء النور بتجرد وموضوعية، فللحق نور يبدد ظلمة الجهل والضلال وهذا ما يجعل شهادتهم لهم ولخيرهم وليست لمحمد ورسالته.

لذا، تؤكد الدكتور كارين أرم سترونج أن محمدا أصبح شخصية مجاوزة لزمانه، وللزمان بشكل عام، فبرغم أنه كان مرتبطا جذريا بمجتمعه، وزمانه وبيئته الصحراوية بقبائلها المبعثرة المشتتة، والتي كانت بها من الغلظة والهمجية ما يصعب تخيل نجاح هادٍ ومبشر في نقلهم حضاريا إلى زمان آخر مجاوز لقسوتهم وفظاظتهم، إلا أنه كان يهديهم لطريق الإنسانية الرحبة الغير محدود، والذي ما زلنا في أمس الحاجة له ونحن في القرن الحادى والعشرين. 

وتسخر أرم سترونج بشدة ممن ادعى زورا وبهتانا بأن محمدا كان به مسه من الجن، فتسهب في وصف حادثة نزول الوحى لأول مرة في غار حراء على الرسول الكريم، وتنير كل قلب مظلم بسؤالها الرائع عن إمكانية أن يقوم الجن بإرسال رسالة تقدمية شديدة التحضر والرقى والإنسانية والثقافة لبنى البشر، وتكون أولى كلمات تلك الرسالة هي الكلمة العبقرية التقدمية السامية الحضارية.. 
إقرأ ! 

كيف يسمح الله للجن بأن يفعل ذلك بدلا منه!.. إنها بكل تأكيد رسالة سماوية سامية راقية، بل إنها أرقى رسالة نزلت من السماء للأرض، فهل هناك أعظم وأشرف من القراءة، وهل يمكن لنبى ممسوس من الجن، أو قس مارق كما ادعى بعض السفلة في الغرب على محمد، مثل الأبله العنصرى دانتى في الكوميديا الإلهية مثلا، أن يأتى بكل هذا الخير للإنسانية عامة، كيف يمكن لمشعوذ كما يدعون أن يأتى برسالة تبشر بالعلم وأصحابه، بل وتجعل منهم صفوة الخلق وأشدهم قربا من الله وخشية منه! 

كيف يمكن لمشعوذ أو ساحر أو دجال كما وصفه الغرب الغير منصف، أن يأتى بما يناقض طبيعته وغايته. إن (اقرأ) وحدها كفيلة بأن تدحض وتفند كل هذا الهراء المجحف والهزلى ضد نبى عظيم اختتمت به السماء إرسالها للأرض، لأن هذا الإرسال يكفى الأرض بمن عليها، ولأن عظمته الشخصية تسبقها عظمة رسالته وتتوافق معها، والإثنين يضمنان للبشر من بعده سموا ورقيا وتحضرا يمتد حتى قيام الساعة..

حقا.. إن عظمة محمد في صدقه وشهادته على نفسه، فالرجل لم يدع أنه نبى فقط، بل هو صاحب رسالة تدعو الناس جميعا للعلم والقراءة والتعقل والتدبر المنطقى لحقائق الكون من حولهم، فلا يمكن لأى دجال أو جاهل جهول أو مشعوذ أن يدعو الناس بالكلمة التي تهدى إلى طريق فضحه وبيان كذبه وادعائه.. هل رأيتم يوما محتالا ومشعوذا يدعو الناس لطريق العلم، بل تكون تلك هي أولى كلمات رسالته!.. وللحديث بقية عن أعظم الخلق محمد صلى الله عليه وسلم.
Fotuheng@gmail.com
 

Advertisements
الجريدة الرسمية