رئيس التحرير
عصام كامل

الصم في جامعة القاهرة.. دراسة بـ«نكهة الإشارة».. تجربة فريدة من نوعها داخل أروقة التربية النوعية.. «المترجم» كلمة السر في التعلم.. الإقبال متزايد.. و«فيتو» تكشف تفاصيل ال

فيتو

في مدخل كلية التربية النوعية بجامعة القاهرة، مبنى صغير، يغلب على ظاهره الهدوء، لكن بالداخل ستجده شعلة من الأمل والطاقة، لدى شباب في عمر الزهور، يتحدون الواقع وعناصره، ويرسمون لأنفسهم لوحة من الأمل لتحقيق ذاتهم، وإثبات وجودهم بين عناصر المجتمع، ونقطة التأهيل بالنسبة لهم، بمجموعة الصم وضعاف السمع بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة.


قبل 4 سنوات، تسلمت كلية التربية النوعية بجامعة القاهرة قرار المجلس الأعلى للجامعات، بقبول طلاب الصم وضعاف السمع، بالقسم الفني في الكلية، والتي تتكون من 3 أقسام، هي "الإعلام والموسيقى والفن"، فكان الأنسب كبداية لطلاب الصم، هو الالتحاق بالشعبة الفنية، حيث النحت والتشكيل المعدني، وغيرها من المواد.

الإقبال المتزايد
وخلال 4 سنوات، زاد إقبال طلاب الصم على الكلية بشكل كبير، وفقا للدكتورة هبة عبد الفتاح أستاذ الموسيقى بالكلية والمسئول عن مجموعة الصم، والتي أكدت أن العدد في تزايد منذ 4 سنوات، فكلما زاد قبول الطلاب بالكلية، تزداد نسبة طلاب الصم من بينهم، لأن طلاب الصم يندمجون مع الأسوياء في سكاشن المحاضرات، حيث يدرس بالكلية من الصم 3 بالفرقة الرابعة، 7 بالفرقة الثالثة، 9 بالفرقة الثانية، و16 بالفرقة الأولى.

يدرس طلاب الصم بالكلية مواد أشغال فنية وطباعة وتصوير، أشغال معدنية، نسيج وغيرهم بالعملي، أما بالمواد النظرية، فيدرسون علم النفس، التربية، إعداد معلم، مناهج وطرق تدريس، وكل ما يخص إعداد معلم محترف، أما عن الأساتذة، فقد اكتسبوا خبرة التعامل مع الطلاب بلغة الإشارة بسبب التعامل معهم لفترة طويلة.

الدراسة
يقول الدكتور علام محمود مساعد أشغال المعادن بقسم التربية الفنية بالكلية: إنه تعامل مع طلاب الصم من الفرقة الأولى وصولا للرابعة الآن، فبدأت الدراسة بشكل مبسط حسب المقرر الدراسي، من خلال عرض طرق التشكيل البسيطة والأدوات، حتى المستويات الأكبر، مشيرا إلى أن بعض الكلمات لا يستطيع الأساتذة توصيلها للصم، وفي هذه الحالة يستعينون بالمترجمين.

أما الدكتورة أمل عبد الله أستاذ ورئيس قسم بالكلية، فتؤكد أن الطلاب ينتبهون للشرح النظري من خلال تصوير الكلام بنظرهم، ومطابقته مع لغة الإشارة التي تستعين بها من خلال المترجم.

مترجم
لكل فرقة دراسية مترجم لغة إشارة خاص بها، وهم "إيستر" للفرقة الأولى، "جانت" للفرقة الثانية، "دهب" للفرقة الثالثة، و"نسمة" للفرقة الرابعة، أما عن الأساتذة والإداريين، فيحاولون التعامل مع الطلاب بشكل لا يفرق بينهم وبين الأسوياء، وتشير الدكتورة هبة عبد الفتاح المسئولة عن المجموعة إلى أن الكلية تحاول تطبيع المعاملة مع الصم، لأن بعضهم لديهم ضعف سمع وليس فقدانا كاملا للسمع.

أما عن الامتحانات في نهاية العام، فمرت بمراحل تدريجية، المواد العلمية منذ البداية وحتى الآن، لا يواجه بها الطلاب والأساتذة أزمة، أما الامتحانات النظرية، فكانت في البداية مقالية مثل الطلاب الأسوياء، وكان طلاب الصم يحفظون الكلام المكتوب كالصورة المرسومة، لأنهم غير قادرين على القراءة فكانت الامتحانات مقالية يصور الطالب الكلمة بعينيه وينقشها بالامتحان، وتم تسهيل الأمر على طلاب الصم لأنهم يواجهون مشكلة بالكتابة، وأصبحت الامتحانات "صح وغلط"، لأن تركيبهم للجمل يختلف لديهم عن الأسوياء، مما يسبب أزمة عند قراءة الإجابات، نظرًا لضعفهم بالخط، واللغات سواء العربية والأجنبية.

في ورش عملية صغيرة، عايشت "فيتو"، طلاب الصم وزملاءهم الأسوياء، والمترجمين، أثناء الشرح والتطبيق العملي بالكلية.

يبدأ اليوم الدراسي من التاسعة صباحًا بالمواد النظرية، ثم التطبيق العملي، وتوضح "جهاد"، 22 عاما، طالبة من الصم بالفرقة الثالثة أن التعامل مع الأساتذة والطلاب لا يوجد به أزمة بالنسبة لها، فهي تستعين بمترجم الإشارة الموجود، أو إشارات الدكتور أثناء الشرح، وتدرس بهدف التعلم، أما عن العمل بعد الدراسة فلا تعيره الاهتمام في المرحلة الحالية، ولكن الكتابة والقراءة أزمات تواجه ابنة الـ22 عاما، لأن الدراسة بالمدرسة منذ الصغر، لم تكن مهتمة بتعليم الصم الكتابة والقراءة، ولكن التعامل بلغة الإشارة كان الأهم بالنسبة لهم.

أما «نورهان» الطالبة بالفرقة الثالثة، وإحدى الطلاب الأسوياء بالكلية فتوضح أن التعامل مع الصم لا يسبب لها أزمة، نظرًا لمعرفتها بلغة الإشارة من خلال المترجمين.

من جهة أخرى فإن المترجمين فهم الجنود المجهولة خلف ستائر مسرح الصم بالكلية، فتعتمد عليهم المحاضرات والامتحانات بشكل أساسي، فتمكث "دهب، ونسمة"، مترجمي لغة الإشارة بالكلية، وينقسم عملهم بين الشرح النظري للطلاب ببداية اليوم، والعملي منذ الظهيرة وحتى نهاية اليوم الدراسي، حيث يتم شرح الفكرة والشكل للطلاب الصم، ويتعامل الطلاب بأسلوبه بعد ذلك.

"نقلا عن العدد الورقي...."
الجريدة الرسمية