رئيس التحرير
عصام كامل

ريمون ميشيل يكتب: صداقة الجاهل تؤذي نفسك

ريمون ميشيل
ريمون ميشيل

قالوا قديمًا في الأمثال قُل لي من هم أصدقاؤك وسَاُخبرك من تكون أنت، ذلك لأن المشاعر والأفكار يَتَقاربان بالعشرة مع كثرة الاختلاط بالآخرين تمامًا كالعدوي التي تنتقل من شخص لآخر بالمُجاورة والاقتراب، ولذلك يقول المثل المصري القديم أيضًا من جاور السعيد يسعَد ، ومن صادق العطار نال من عطره، ولكن ما مدي صحة وصدق ذلك الأمر؟


مُنذُ عدة أشهر وفي أثناء عملي كان هناك طفل لديه صعوبة في نُطق الكلمات، وعند اختلاطه بطفل آخر سليم تمامًا لمدة من الزمن اكتسب ذلك الطفل السوى تلك المشكل،ة واُصيب هو أيضًا بصعوبة في النُطق فما إذن تفسير ذلك؟ إنه تأثير العِشرة والاختلاط بين الطفلين هو ما تسبب في حدوث ذلك الأمر.

تخيل معي ماذا سيحدُث لك عندما تمتلئ الأجواء من حولك بالكلمات الإيجابية والمواقف التي تشع السرور والبهجة والراحة بداخل القلوب، ستتسلل بالطبع تلك الطاقة بداخل نفسَك تلقائيًا، وستُصبح ممتليئا بطاقة من الإيجابية والسعادة تمامًا كما سيحدُث لمن هم حولك، وعلي نقيض ذلك فإنك إن قمت مثلًا بقراءة بعض العبارات السلبية وكلمات الشكوي والضيق كما هو الحال في تلك العبارات المؤذية لنفوسنا التي ملأت مواقع التواصل الاجتماعي أو إن سمعت بعضها من أحد بعبوس الوجه، فإن ذلك سيسبب لك الكثير من مشاعر الحزن والضيق، ومع تكرار الاقتراب إلى مصادر تلك الطاقة ستُصبح بمرور الوقت جزءا أصيلا من مشاعرك وأفكارك وردة فعلك التلقائية.

وحيث إن نُضج العقل لا يَكتَمِل إلا بزيادة المعرفة والوعي فيجب ألا تستهين أبدًا بأي كلمة سلبية تتردد على مسامعك، لأن تكرار ذلك سيضعف من مناعتك، وبدون إدراك منك ستجد نفسك في حالة من اليأس الشديد من الحياة.

أحيانًا قد نكون في اضطرار للتعامل مع أشخاص بعينهم، كما لو كان ذلك الشخص السلبي هو أب أو أم أو زميل عمل، في تلك الحالة تُصبح ثقافة الحكمة هي الانسحاب والابتعاد قدر الإمكان من تلك المواقف التي تسبب كثرة الجدال في أمور مُرهقة، والتي لا يأتي فيها الحديث إلا بالضرر والندم، وبذلك الانسحاب نحن نُحَصِن أنفُسنا ضد سموم كلمات وأفعال الجُهال.

الإيجابي هو شخص لا يهتز بسهولة فهو يُدرِك تمامًا متى يجب عليه أن ينسحب من تلك المواقف التي تجلب التعب في الحياة، بينما يقوم الشخص السلبي بعدة محاولات يائسة كما لو كان قليل الحيلة لا يدري ماذا ينبغي أن يفعل فيزداد الأمر سوءًا.

يُخبرنا الملك سليمان قديمًا في كتاب الأمثال: إن المُسايِر للحُكماء يصير حكيمًا، بينما رفيق الجُهال يُضَر، فهو يُضَر من سموم أقوالهم ومن أفعالهم أيضًا، فمن امتلك البصيرة التي يعي بها ذلك، صار من أسعد الناس وعاش مُستمتعًا ببهجة الحياة.
الجريدة الرسمية