رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رئيس مركز الدراسات بالمغرب: الجماعات المتطرفة تسيء لشرع الله.. وعلاقتنا مع الآخر ملتبسة وخطرة

فيتو

  • الديانات لا تناقش لأنها مسلمات عند أصحابها.. 
  • الإسلام مكون رئيسي في الهوية الغربية.. والإسلاموفوبيا خوف ممنهج من المسلمين 

اتهم الدكتور سمير بودينار، رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بالمغرب، الجماعات المتطرفة، وجماعات الإسلام السياسي، بالإساءة لشرع الله وتشويه صورة الإسلام لدى الغربيين، مشددا في الوقت نفسه على أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر فتحت أعين العالم على الإسلام، وجعلت أتباع الديانات الأخرى يبحثون عنه وعن سيرة نبيه.
 
وأوضح بودينار في حواره مع "فيتو" على هامش مشاركته في الندوة العالمية للأزهر الشريف، أن المؤسسات الدينية لها شرعية وتأثير كبير لابد من استغلاله بشكل أكبر في تقريب وجهات النظر بين أتباع مختلف الديانات.. وإلى نص الحوار: 

في البداية... ماذا يمكن أن تقدمه مثل هذه الندوات لتقريب وجهات النظر بين الشرق والغرب؟
أولًا؛ انعقاد مثل هذه الندوات في الأزهر حول موضوع هام وهو "العلاقة بين الإسلام والغرب"، وحضور هذه النخب من السياسيين ورجال الدين، والقيادات على الصعيد الدولي، فهذا أمر في غاية الأهمية، لاعتبارات عديدة، أولها وهي الظروف التي تنعقد فيها هذه الندوة تؤهلها للنجاح برسالتها، وذلك لأن الأزهر يملك شرعية القول في هذا الموضوع، ثم أن الأزهر هو محط أنظار العالم فيما يخص تصحيح صورة الإسلام حول القضايا العامة، وكلمته لها تأثير على الصعيد الدولي.

بالإضافة إلى ذلك، النخب التي حضرت كانت متعددة الثقافات والجنسيات، وهذا يستحضر الخبرات المتعددة التي تتفاعل حول هذا الموضوع، سواء كانت تلك الخبرات على المستوى الفكري أو العملي، كما أن القضايا التي أثيرت كانت متنوعة، وناقشت الموضوع من جوانب عدة مثل الحديث عن الإسلام وعن منظومة القيم والأخلاقيات التي يحتوي عليها، وعن الغرب باعتباره صورة حضارية، وعن التعليم والجامعات وقضايا الهوية، فكل هذه المداخل يمكنها أن تؤثر في مستقبل العلاقة بين الشرق والغرب، ونحن نتصور أن يكون هذا نقلة نوعية وانطلاقة ينبغي أن تستكمل من حولها هذه المشاريع، فكل هذه الشروط تضمن للندوة أن تحقق المرجو منها.

البعض يرى أن مثل هذه اللقاءات تكون مجرد أمور بروتوكولية فقط ولا ينتج عنها شيء؟
في الواقع أن ما قيل في الندوة مسألة مهمة جدًا، وهي أن الحوار لا يكون بين العقائد وإنما بين المتدينين، وأتباع هذه الديانات والعقائد لا تناقش لأنها مسلمات عند أصحابها فالذين يناقشون هم أتباع هذه الديانات يتناقشون في الرؤية الدينية في موقف الطرف الآخر، بجانب أن هذه اللقاءات لها أهمية كبيرة، لأنها تخاطب فئات مؤثرة من خلال النخب الفكرية والإعلامية، وتقدم تصورات وآراء ومواقف، بالإضافة إلى أنها تعد قيام بواجب النخب العلمية والسياسية، فهذه النخب واجبها أن تخاطب الفئات الأخرى المقابلة، لتستطيع أن تبين ما تستطيع بيانه، في إطار توضيح العلاقة بين الشرق والغرب، والتي تعتبر علاقة ملتبسة وخطرة وينبني عليها مسائل كثيرة في العالم، وأتوجه بالشكر إلى القائمين على مثل تلك الندوات، لأنهم يعون مسألة الوقت وأن الإنسانية تركب مركبا واحدًا فإن غرق جزء منها سيغرق الجميع، وأن هذا المصير المشترك يتطلب مزيدًا من التواصل والحوار والتعارف، وشرح كل طرف للطرف الآخر حقيقته ورؤيته وثقافته.

من وجهة نظرك ما أبرز الأخطاء التي وقعنا فيها نحن المسلمين وأثرت في صورتنا لدى الغرب؟
الخطأ الأول أننا تصورنا أنفسنا بعيدًا عن هذا المجال، فالغرب ليس غريبا عن الإسلام، فالإسلام مكون رئيسي في الهوية الغربية وهو جزء أساسي في الحضارة الغربية، من خلال الحضارة الإسلامية والعربية، فالإسلام عنصر رئيسي في النسيج الفكري والحضاري للغرب، الخطأ الثاني هو أن الأجيال الأولى ذهبت إلى الغرب بعقلية المهاجر أو العابر، الذي لن يقيم طويلا في هذه البلاد، فلم يتحركوا بعقلية المواطن، المشارك الإيجابي الفاعل مع المجتمع المحيط به ويؤثر فيه، باعتباره مقيم إقامة دائمة ولا كانوا معنيين بتقديم رسالتهم، والتعبير عن الأفكار، فأدى إلى اعتبارهم جماعة هامشية، وإحاطتهم بعدد من الصور النمطية والتخويف منهم، فأدى ذلك إلى وصف المهاجرين بأنهم سبب المشكلات الاقتصادية، وأزمات الهوية وغير ذلك.

كيف أثرت جماعات العنف والإرهاب على صورة المسلمين في الخارج؟
هذه الجماعات مهما كانت محدودة العدد وهامشية، إلا أنها أساءت بصورة سيئة إلى الإسلام، عندما تسمح بربط بالعنف والإرهاب والتخويف، وتهديد المجتمعات التي يقيمون فيها المسلمون في الغرب، وهؤلاء المسلمون في الوقت الحالي أصبح عددهم بالملايين في تلك الدول.

هل ترى أن الصورة التي طبعت عن المسلمين بعد أحداث الـ11 من سبتمبر ما زالت موجودة أم نجحنا في تغييرها؟
هذه أمور نسبية، وأنا أعتقد أن أحداث الـ11 من سبتمبر كانت لها تأثير هائل على صورة الإسلام في الغرب، ولكن في نفس الوقت أسهمت في فتح الأعين عن "الإسلام"، حيث بدأ الناس يقرؤون عن الإسلام وترجمات القرآن أصبح الإقبال عليها كبيرة بعد تلك الأحداث، والناس في الغرب أصبحت لديها رغبة في معرفة ما هذا الدين وما هي الرسالة وما الذي يدعو إليه، فنحن ينبغي علينا أن نستثمر هذا الاهتمام بنا، وأن نفتح أبوابا واسعة أمام أي فكر يريد أن يفهم وأن نقوي قدرتنا المؤسسية والفكرية، والثقافية والإعلامية حول هذا الموضوع، وأن نساعد الأجيال الجديدة من المسلمين في الغرب أن يقوموا بهذه المهمة بشكل احترافي ومؤسسي.

هل المجتمع الغربى مؤهل هذه الفترة لاندماج المسلمين فيه؟
الحقيقة أن مفهوم الاندماج في أوروبا أصبح مصطلحا معقدًا بامتياز، ويثار حوله الكثير من التساؤلات التي لا تجد إجابة، كما يحيطه الغموض، فالمسلمون كلما خطوا خطوة نحو الاندماج، قيل لهم لا يزال هناك الكثير من الخطوات، كما أن الإسلاموفوبيا تقف عائقا أمام هذا الاندماج، ولا بد من الاعتراف بأن هناك اليوم أصواتًا أوروبية كثيرة تتسم بقدر كبير من الحكمة والرشد، تدعو إلى نمط من الهوية المفتوحة على سياق متعدد، تغتني بالروافد الثقافية والفكرية والمجتمعية المتعددة، ومنها الثقافة الإسلامية باعتبارها مكونًا أصيلا في تشكيل هذه الهوية الغربية.

كيف ترى إمكانية القضاء على ظاهرة "الإسلاموفوبيا"؟
أولًا الإسلاموفوبيا ليست خوفًا عاديا من الإسلام، فهي رهاب الإسلام أي خوف ممنهج الناتج عن التخويف، فهي ليست شيئا طبيعيًا بل هي جهد منظم للتخويف من الإسلام، بوسائل الدعاية والتشويه وربط الأعمال العنيفة بالإسلام، وترسيخ الصور النمطية عند الطبقة البسيطة لذلك فهي تحتاج إلى جهد مقابل، فلا يمكن الاقتصار على قولنا بأن المسلمين ليسوا كذلك وأنهم بريئون من هذه التهم، فالمسألة أكبر من ذلك وتحتاج إلى جهد مؤسسي، وأعتقد أن حضور الأزهر في هذا المجال هو ضروري جدًا.

هل ترى أن المؤسسات الدينية في الشرق نجحت في الوصول إلى المسلمين في الغرب؟
بالتأكيد أن هذه المؤسسات وعلى رأسها الأزهر الشريف تقوم بخطوات في هذا الشأن، ولكنها تحتاج بالتأكيد إلى جهد كبير، وهذه المؤسسات لها شرعية كبيرة ينبغي أن تستثمر، ولها تأثير ينبغي أن يؤدي وهي تستطيع أن تقوم به بحيث لا ينافسها في هذا المجال أحد، أو ينازعها في هذا الشأن، فالقضية أننا ينبغي أن نكون بصدد جهد مركب على المستوى التعليمي والتعريفي والتثقيفي والإعلامي، فهذه المؤسسات مثل مؤسسة الأزهر في مصر وجامعة الزيتون في تونس، وغيرها تقوم بدور كبير.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...
Advertisements
الجريدة الرسمية