رئيس التحرير
عصام كامل

حسن فريد: الجيش لبى النداء في 30 يونيو وانحاز للشعب

 المسشتار حسن فريد
المسشتار حسن فريد

أكد المستشار حسن فريد في أسباب حكمه في القضية المعروفة بـ"فض رابعة"، أن الأوراق والتحقيقات وتحريات الأمن الوطني وإقرارات بعض المتهمين في تحقيقات النيابة العامة وتقارير المنظمات الحقوقية وتقرير لجنة تقصي الحقائق وتقارير قسم الأدلة الجنائية ومعاينات النيابة العامة لمسرح الأحداث وتقارير اللجان الفنية لفحص الأسطوانات المدمجة والفلاشات وتقارير الطب الشرعي والتقارير الطبية الأخرى وجميع أدلة القضية الواردة بها كشفت أن المتهمين وآخرين مجهولين أعدوا عدتهم لتنفيذ مخططهم الإرهابي.


وقال فريد: "كانت وقائع هذه القضية الماثلة – التي تعتبرها المحكمة بحسبانها محكمة الموضوع – أنها إحدى صور الاستعداد والتجهيز لمخططاتهم الإرهابية في بث الرعب في نفوس المواطنين المصريين وذلك أنه في أعقاب تصاعُد الاحتجاجات الشعبِيَّة على سياسات الرئيس المعزول محمد مرسي في حكم البلاد وحدوث زخم شعبي ينادي بتظاهرات حاشدة بالقاهرة الكبرى والميادين الرئيسية بالمحافظات المختلفة بالبلاد يوم 30 يونيو 2013 وعلى أثر ثورة الثلاثين من شهر يونيو 2013 التي انتفض إليها الملايين من شعب مصر العظيم من كل طوائفه للمطالبة بعزل الرئيس محمد مرسي لما لمسوه فيه من جنوح الفكر وجنوح الإرادة وشطط في إدارة البلاد التي وإن قصرت مدتها إلا أن أحداثها كانت جسام وخطبها كان جللا وأمرها جد خطير حتى بلغ قدرا استعصى فيه على صبر الصابرين ولم تفلح معه شفاعة الشافعين فاستيأس الشعب مما آلت إليه الأحوال وبات دوام الحال من المحال فتوافق على ثورته على الحاكم الذي اتخذ من الإسلام شعار ومن الشريعة ستارا فوعد بتطبيقها وليته على الدرب سار إلا أنه ما لبث أن بلغ مآربة واعتلى منصة الحكم حتى ظن أنه قد جاء وقت الحصاد وجني الثمار فخرج على الشعب بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر ببال بشر فأمر بإخراج من كانوا من شعبته من المسجونين وكرم من كانوا لرئيس البلاد سلفا بقاتلين وأكد في خطابه على سلامة الخاطفين قبل المخطوفين فأوجس في نفس الشعب منه خيفة وشـهد عليه اعـوجاج مـساره وبلغ مـن لدنه الأعذار وأيقين أنه لا يلتقي ورئيس البلاد على قرار".

وأضاف: "فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا ودعوا ربهم أنهم مغلوبون فانتصر واستنهضوا الجيش لينجيهم ممن كان عليهم شقيا فهب الجيش قائلا من تظن أنه كان على عصيا وأمهل الجميع أياما معدودات ليتداركوا أمرهم ويدركوا أن أجلا محتوما لا بد آت فلما استحكم الشقاق لم يجد سبيلا إلا نصرة الوطن ومن هم عليهم بعزيز من بطش حاكم اتخذ آلهة هواة وجماعته وطن وسياسة ودين فكان بقاؤه غير بعيد وما لبث في الحكم إلا قليل، وعلى إثر ذلك أصدرت القوات المسلحة بيانها بتاريخ 3 يوليو 2013 الذي أعلن فية قائدها العام أنه قد آن الأوان لأن تنزل القوات المسلحة على رغبة الشعب المصري وتضطلع بدورها في حماية البلاد لتجنبها ويلات الفتنة التي طالت برأسها فشقت الصف وعظمت الفرقة وكادت أن تجر البلاد إلى جرفا هاوي، وللحفـاظ علـى كيان الـدولة باعتبارهـم جماعة دورها خدمة المصالح، الاستعمارية أنشأت لأداء هذه الوظيفة".

وأوضح: "فأبى جيش الشعب (القوات المسلحة) إلا أن يلبي النداء في 30 يونيو سنة 2013 وانحاز للشعب ضد حاكم كانت تحركه أهواء انتماءاته وتحكمه أفكار جماعته فغابت الحيدة عن كثير من قراراته، وساند الجيش (القوات المسلحة) الشعب المصري في ثورته وحماها، أنها ضربة عميقة قسمت مخططاتهم، هدفهم هدم الحضارة الإنسانية وتقسيم البلاد وتجزئة المنطقة، إلا أنها ثورة شعب حماها الجيش فأطـاحت بعرشـه وأبعدته عـن سـدة الحكم".

وتابع في أسبابه: "وحيث إن الرئيـس المعزول محمد مرسي هو مرشح حزب الحرية والعدالة ذلك الحزب الذي خرج من عباءة الإخوان المسلمين وتأسس تحت لوائها فقد استشاط أنصارها ومؤيدوها غيظًا فخرجت تطالب بشرعية الرئيس سالف الذكر بعد ثورة 30 يونيو 2013 وسقوط حكم الإخوان، وأن هذا الأمر لم ينزل عليهم بردا وسلاما بعد أن زلزلت الثورة عرش حكمهم بل ازداد سخطهم وازدادت الأوضاع سوءا بسبب المعركة الشرسة والخبيثة التي دارت بمعرفة جماعة الإخوان ومواليهم ومناوئيهم في محاولة لتصفية الثورة والانتقام من الشعب المصري لقيامه بثورة 30 يونيو 2013 التي قضت على آمالهم ونزعت فرحتهم فخرجوا للتصدي للحراك الوطني بمخططاتهم الإرهابية التي لم تتوقف فخرجوا على الشعب بوجههم القبيح يكتظون الغيظ، تملأ صدورهم مرارة الهزيمة ويشهد حالهم أنهم ما خرجوا إلا ليثأرون، وانقسموا على الشعب وتَحزبوا على أنفسهم يجمعهم هدف واحد وعقيدة أبية على الاستسلام أو التسليم بإقصاء رئيسهم على حد زعمهم طالما خاطبهم أنهم أهله وعشيرته وبث الفرقة وظهر الشقاق بين أبناء الوطن الواحد وراح أنصاره ومؤيديه بالتعبير عن جام غضبهم فخرجوا مستعرضين القوة وعرضوا حياة المواطنين وسلامتهم وأملاكهم للخطر، بقصد إحداث الرعب بينهم وترويع الآمنين العزل وبث الرعب في نفوسهم وإشاعة الفوضى والإخلال بالسلم والأمن العام من خلال إثارة أعمال الشغب والعنف ضد المواطنين، بهدف زعزعة الاستقرار داخل البلاد بالفوضى العارمة لإظهار ضعف المؤسسات الأمنية للإيحاء لوسائل الإعلام الأجنبية بوجود حرب أهلية في البلاد وتصدير هذا المشهد للخارج وليحكموا الشعب المصري بقوة السلاح لاستنزاف جهود المجتمع المصري بسلاح المظاهرات المسلحة والاغتيالات لإحداث الفوضى بالبلاد وتخريب الممتلكات العامة والخاصة بهدف إيقاع العديد من المصابين والقتلى".

وأكد قاضي رابعة : "فانتصر الشعب – مـن الرافضين لحكمـه – لـرغبته وإرادته غـير أن الآلاف من المناهضين للثورة المصرية والمؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسي والمناصرين والموالين والمنضمين لجماعة الإخوان المسلمين لم يروق لهم ذلك واعتبروه انقلابا على الشرعية التي أتت برئيسهم إلى منصة الحكم فلم يجدوا بدا سوى الاعتصام بالميادين وجمع شتات عناصرها ليعلنوا رفضهم للثورة سالفة البيان وما وصفوه بالانقلاب على الحكم، وأنهم صامدون حتى إعادة الحاكم، واتخذوا من ميدان رابعة العدوية على وجه التحديد مركزًا إعلاميًا لبث أفكارهم الشاذة ورسائلهم للداخل والخارج للتأكيد على عدم استقرار الأوضاع، وأنهم على درب المقاومة سائرون، عسى الله أن يقضي أمرًا كان مفعولًا".

وقال: "فاضطلع الرئيس الأسبق محمد محمد مُرسي عيسى العيَّاط بالاتِّفاق مع قيادات التنظيم الإخواني – مكتب الإرشاد العام – وكذا بعض مُساعديه من قيادات وكوادِر التنظيم العاملين بمُؤَسَّسة الرِئاسة آنذاك على إجهاض تلك الدعوات من خِلال حشد عناصِر التنظيم بالقاهِرة والمُحافظات لإحكام سيطرتهم على الميادين العامة والتجمهر بها والمعلن التظاهُر فيها من قِبَل جموع الشعب المصري للحيلولة دون نجاح تِلك الدعوات وبالفِعل قام مكتب الإرشاد العام بالتنظيم الإخواني آنذاك بتكليف كوادِر التنظيم بالمكاتِب الإدارية بمُحافظات الجُمهورِيَّة بالتنسيق مع بعض القُوى المُتَطرِّفة الأخرى من الموالين لقيادات التنظيم الإخواني في أعقاب ثورة 25 ينايِر المُتحالفين معهم في انتخابات مجلسي الشعب والشورى آنذاك لحشد عناصِرهم للتجمهُر بميدان رابعة العدوِيَّة ومحيطه بدءًا من يوم 21 يونيو 2013 وتمويلهم والإنفاق عليهم من وسائِل إعاشة ونقل، فضلًا عن إمدادهم بالأسلحة النارِيَّة والخرطوش والذخيرة والأسلحة البيْضاء والأدوات التي تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بهدف ترويع وتخويف جموع الشعب المصري وإرهابه والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والحقوق والحريات العامة وإلقاء الرعب بين الناس لمنعهم من التظاهر السلمي قبل ممارسات النظام الحاكم آنذاك".

وأضاف: "وفي خضم تلك الأحداث الجسام شهد ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر – القاهرة – وقائع الاعتصام الأبرز الذي ضم قيادات جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها من التيارات الدينية المتشددة الذين حرصوا بل جاهدوا من أجل استمرار بقاء الاعتصام قائمًا وحذروا من انفراط عقده ليكون لهم بمثابة القبلة التي يلوذ إليها مناصريهم وأتباعهم والوجهة التي يقصدها كل من وجد في نفسه تجاههم ميل أو هوى، واتخذوا من جمعهم هذا بنيانًا يشد بعضه بعضًا، فأصبح لهم كالحصن الحصين والمقر الآمن ومنارة الإرشاد والتوجيه التي يبثوا منها رسائلهم للداخل والخارج وتصدير ما يعن لهم من صور وأحداث تتفق ومصالحهم وتخدم قضيتهم، وكان ذلك من خلال منبر إعلامي أنشئ بالميدان ووصف أنه المنصة الرئيسية".

تلك المنصة التي كانت محط أنظار واهتمام وسائل الإعلام كافة لنقل أحداثها وفعالياتها بحسبان أنها تمثل لسان حال الجماعة التي تعكس رؤيتها وموقفها من الأحداث وما ينبغي عليها أو تنتوي فعله، كما كانت صوتها النافذ إلى قلوب وعقول أنصارها ومؤيديها تحمل إليهم خارطة الطريق ومنهجية العمل لمجابهة ما أسموه بالانقلاب العسكري نحو إعادة الرئيس المعزول إلى سدة الحكم، فما كان يصدر عنها محض أهواء أو شتات كلمات أو خطاب عشوائي لمتحدث يملك من الأمور زمامها، بل هو الرأي المجمع عليه والفكر الذي عقدوا العزم على تصديره وفق إطار يتفق ومنهج الجماعة في إدارة أزمتها، فما كان ليعتلي تلك المنصة سوى قيادات جماعة الإخوان ومرشدها وشخصيات ورموز لها قدرها وقدرتها على التأثير في نفوس المعتصمين والمناصرين بما يخدم مصالح الجماعة في ضوء ما تم الاتفاق عليه.

وأشار في أسباب حكمه إلى أنه: "لذا فقد انتهجت جميعها نهجًا واحدًا حرصت فيه على استثارة مشاعرهم وتحفيز عقيدتهم وتهييج الرأي العام وخلق حالة من التوحد الفكري المبني على غرس الضغينة في صدورهم تجاه القائمين بإقصاء الرئيس وكذا المطالبين بهذا الإقصاء بأنهم قد اجترؤا على الشرعية فهم الخونة والكفرة ومنهم من شبههم بأهل قريش وصوروا لهم الحدث أنه معركة وطالبوهم بالجهاد ضد أعدائهم من أبناء الوطن الواحد، وبينوا لهم فضل الشهادة ومنزلة الشهيد عند الله بل وأحثوهم عليها واستصرخوهم للنزول إلى الشوارع والميادين والخروج بمسيرات من المساجد لإعادة الشرعية المسلوبة على حد زعمهم".

وتابع: "استغل قيادات الإخوان (المتهمون من الأول حتى الرابع عشر) عصبتهم وتوحدهم بالميدان، يجمعهم هدف واحد وتحركهم غاية واحدة يتدبرون من أجلها أمرهم ويتبادلون بشأنها أفكارهم للوقوف على رأي جامع بينهم، فألفوا من جمعهم هذا عصابة تهدف إلى مهاجمة طائفة من السكان ومقاومة رجال السلطة العامة بالسلاح، وتأكيدًا على ذلك وتفعيلًا له فقد دبرت قيادات جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها من التيارات الدينية المتشددة المتهمين تجمهرًا داخل نطاق رابعة العدوية لتنفيذ أغراض إرهابية تهدف إلى قطع وتعطيل وسائل النقل العامة وإصابته بالشلل المروري التام وإشاعة الفوضى والإخلال بالسلم والأمن العام من خلال إثارة أعمال الشغب والعنف ضد المواطنين بهدف زعزعة الاستقرار داخل الدولة وإظهار ضعف المؤسسات الأمنية والنظام الحاكم بعدم قدرته على السيطرة على مقاليد الدولة وعجزه عن إدارة الفترة الانتقالية وتصدير هذا المشهد دوليًا للخارج من بعد تصوير أن الفوضى العارمة تجتاح البلاد".
الجريدة الرسمية