رئيس التحرير
عصام كامل

كندا الجنة الجديدة لرؤوس الإرهاب.. تقرير أمريكي يكشف قبلة «البغدادي» الجديدة بعد هزيمة الأشهر الماضية.. واللاوندي: إستراتيجية أمريكية.. و«أوتاوا» أول الخاسرين من «الدواعش»

البغدادي
البغدادي

الضربات المتتالية التي تلقاها تنظيم «داعش» الإرهابي، طوال الأشهر القليلة الماضية، والتي ترتبت عليه خسائر متتالية للأراضي التي وضع يده عليها، دفعت قياداته للبحث عما يمكن وصفه بـ«الملجأ الآمن»، والمكان الذي يمكن أن يتمكن فيه التنظيم الإرهابي من إعادة ترتيب صفوفه، والابتعاد عن الملاحقات الأمنية التي أرهقت قوته.


«داعش» الذي يمكن القول إنه وجد عددا من الدول العربية، بيئة صالحة– في وقت ما- لإعلان خلافته المزعومة، لم يتخذ قرارًا باللجوء إلى إحداها، لكنه – وعلى غير المتوقع- اتجه غربًا، وتحديدًا كندا، التي يحلم التنظيم بصناعة «جنته» على أرضها.

المفاجأة
تقرير حديث صادر عن معهد «جيت ستون» البحثي بأمريكا، أكد أن كندا قد تكون الجنة الجديدة لتلك الجماعات المسلحة، بالاعتماد على تقرير صادر من وكالة استخبارات الدولية الأمريكية، كشف أن عشرات الجهاديين عادوا إلى كندا بعضهم كندي الجنسية وبعضهم من جنسيات أخرى، كما أن هناك العديد من أعضاء التنظيم أحرار في البلد الغني دون أن يتم اعتقالهم أو توجيه تهم لهم.

وأضاف التقرير أن أيديولوجية «داعش» لحشد عناصر جديدة من الكنديين الذين لهم أفكار إسلامية متشددة أو يكونون سريعي التأثر بأفكارهم السامة التي لا تزال مستمرة، من أجل مواصلة حشد قواها من جديد والاستمرار في أنشطتها الإرهابية داخل كندا وخارجها.

كما أشار إلى أن ما يزيد على 180 شخصا كنديا متورطون فعليا مع التنظيم الإرهابي في الخارج، ومعظمهم بسوريا والعراق، وهم يخططون لعمليات جديدة ويتدربون ويحصلون على دعم لوجيستي لجمع التبرعات ودعوة الآخرين للانضمام لهم.

250 إرهابيا
ووفقا لوزير السلامة العامة الكندي رالف جودال، فإنه رغم هزيمة «داعش» إلا أن أعداد المنضمين له من بلاد ما وراء البحار تزيد باستمرار ووصلت لـ250 فردا في نوفمبر 2017.

ومع رغبة كندا في إعادة هؤلاء المتطرفين لبلدهم وإعادة تأهيلهم، حتى يمارسون حياة طبيعية، حذر بعض المسئولين، وفقا للتقرير البحثي، من أن عودتهم جاءت بمخطط يهدف للتأثير على غيرهم والحصول على تمويلات وتسهيل سفر غيرهم للانضمام للتنظيم، فيقولون إن الحكومة الكندية وعلى رأسهم رئيس الوزراء جاستن ترودو وبعض المسئولين اختاروا أن يتم الترحيب بهم وإعادة دمجهم والتغاضي عن عيوبهم والجرائم التي ارتكبوها دون الانتباه لخطرهم.

وفي السياق.. قال لورن داوسون، مدير مشروع الشبكة الكندية للبحوث المتعلقة بالإرهاب والأمن والمجتمع، إن الكنديين الإرهابيين العائدين محبطون ولديهم صدمة مما مروا به، ويريدون العيش بسلام، مؤكدا أنه لا يجب محاكمة الجميع بسبب أيديولوجياتهم المتطرفة، ويضيف أنه لا يمكن إيجاد طريقة للخروج من التطرف الجهادي، فهي حركة اجتماعية بكل المجتمعات.

نظرية «داوسون» المماثلة لرأي الكثيرين بالدولة الغنية، تقوم على تضليل الكنديين، وفقا للتقرير، فهي تطمس الفرق الكبير بين الأيدولوجية الجهادية والإسلام وكذلك بين انتهاج فكر معين والتخطيط من أجل تنفيذه على أرض الواقع، فهي وسيلة للتهرب من المسئولية، خاصة أن حكومة ترودو غير مهيأة أيدولوجيا أو لديها استعدادات كافية لمواجهة هؤلاء المتطرفين.

تضافر الجهود
ودعا التقرير في نهايته لضرورة أن تتضافر جهود الدولة للبحث عن المتطرفين ومحاسبتهم أولا قبل تأهيلهم، فهي مسئولية ليست أحادية الجانب، وأوصى على وجه السرعة بتعيين مدع خاص للتعامل مع القضايا المتعلقة بالإرهاب ووضع قواعد وتوجيهات دقيقة لجمع معلومات استخباراتية عنهم، للكشف عن الأنشطة التي يقومون به على الأرض.

وتعقيبًا على تنبئوات التقرير الأمريكي، قال الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولي: إن ما تقوم به كندا هو مخطط جديد لواشنطن، والتي تسير خلفها «أوتاوا» وهي معصوبة الأعين، دون التفكير في مستقبلها أو خطر الإرهاب عليها، كما أن حكومة ترودو ليس غريبا عليها أن تسمح للمتطرفين بدخول البلاد دون محاكمات ومحاولة دمجهم في المجتمع، فهي لن تقدم على ذلك دون موافقة أمريكا.

«اللاوندي» أوضح أن «الخلافات الأخيرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ما هي إلا مشكلات بسيطة، لكن في الأساس السياسة الكندية جزء أصغر من الاستراتيجيات الأمريكية، وترودو ما هو إلا شكل ومن يدير السياسة الحقيقية الخارجية لكندا هو وزير خارجية أمريكا مايك بومبيو».

كما أكد أن هناك صلة دائمة بين أمريكا والإرهاب، فهي من تصنعه، موضحا أنها تهدف من هذا المخطط الدفع بالدول العربية لشراء المزيد من الأسلحة بعد تخوفهم من عودة شبح «داعش» مرة أخرى، من أجل زيادة أرباحها من جهة وزيادة انشغالهم عنها من جهة أخرى.

«اللاوندي» استنكر التهم التي دائما ما تلقيها أمريكا على الدول الأخرى -خاصة العربية- بضم جماعات إرهابية أو توفير مساعدات لهم، في حين أنها من تصنعهم لاستخدامهم في تحقيق مصالحها، داعيا الدول العربية للتوحد والتحرك من أجل عدم السماح للجماعات المتطرفة بالعودة من جديد، وعدم الانصياع للمخطط الأمريكي الهادف لفرض السيطرة على العالم.

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية