رئيس التحرير
عصام كامل

مرضى التأمين الصحي «بلاك ليست».. القانون يمنحهم الحق في العلاج.. والمستشفيات ترفض استقبالهم.. ديون الهيئة تحرم 52 مليون من العلاج.. وارتفاع التكلفة يضاعف المشكلة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

طفلة لم تخطُ بعد عتبة عامها الأول.. شاء القدر أن يكون ميلادها غير سعيد.. 60 يومًا فقط بعد يوم الميلاد اكتشف خلالها الأطباء أنها مصابة بـ”فشل كبدي” و”ثقب في القلب”، أسرتها البسيطة سرعان ما دخلت في دوامة “البحث عن علاج”، أطباء مستشفيات الجامعة والتأمين الصحي أصابتهم الحيرة في تشخيص حالة المولودة، وبعد رفعهم الراية البيضاء أمام الأسرة، لم تجد الأخيرة سوى بدء رحلة البحث الجديدة عن العلاج في القطاع الخاص، وعندما وجد أهل الطفلة أن العلاج تكلفته مرتفعة تصل إلى 40 ألف جنيه، حاول الأهل أن يتحمل التأمين الصحي التكلفة المادية للعلاج إذ إن القانون ينص على أن الأطفال منذ لحظة الولادة يكون لهم حق في التأمين الصحي إلا أن المستشفى رفض قبول قرار من التأمين بتحمل جزء من تكلفة العلاج، وأكد لهم أن “مرضى التأمين الصحي قائمة سوداء”.



نماذج متكررة
حالة الطفلة السابقة نموذج صغير ضمن آلاف النماذج اليومية من مرضى التأمين الصحي، الذين يحتاجون إلى إجراء جراحي أو طبي غير متوفر في مستشفى تابع لهيئة التأمين الصحي الموجودة بالمحافظات، ويلجأون إلى مستشفيات أخرى سواء تابعة لوزارة الصحة من خلال هيئاتها المختلفة التي تشمل هيئة المعاهد التعليمية وأمانة المراكز الطبية المتخصصة والمؤسسة العلاجية؛ لأن كلا من تلك الهيئات لها لائحة مالية مستقلة بعيدًا عن لائحة مستشفيات وزارة الصحة العامة التي تعالج المرضى بالمجان، تلك الجهات تعالج بأجر ليس في مستوى المستشفيات الخاصة والاستثمارية، لكن بمقابل مادي يناسب الطبقة المتوسطة.

ومن ضمن لائحتها التعاقد مع التأمين الصحي لاستقبال مرضاه واستقبال مرضى قرارات العلاج على نفقة الدولة أو مستشفيات الجامعات التخصصية التي لها لوائح مالية مثل مستشفى عين شمس التخصصي أو أكاديمية القلب أو قصر العيني الفرنساوي أو مستشفيات الشرطة أو مستشفيات القوات المسلحة، جميعهم متعاقد معهم التأمين الصحي، لكن نظام تعاقد التأمين يكون من خلال دفع قيمة الإجراء الطبي وفقًا لأسعار التأمين الصحي التي يحددها، وليس وفقًا لسعر الإجراء بالمستشفى الذي يجري به المريض العملية، وعلى سبيل المثال جراحة تركيب مفصل عظام تبلغ قيمتها 50 ألف جنيه في مستشفى من المستشفيات السابقة، وقيمة تلك الجراحة في مستشفيات التأمين الصحي 15 ألف جنيه، يتحمل التأمين ذلك المبلغ فقط، ويدفع المريض بقية التكلفة حال رغبته في مستشفى بعينه غير تابع له، أو مستشفى يقدم خدمة غير متوفرة في مستشفيات التأمين الصحي.

ديون التأمين الصحي
بعد ارتفاع تكلفة الخدمة الطبية بجميع أنحاء المستشفيات بالجمهورية بكل أنواعها، ونظرًا لضعف موارد التأمين الصحي، أصبح مرضى التأمين الصحي البالغ عددهم 52 مليون مريض مغضوبًا عليهم، وتم وضعهم في القائمة السوداء؛ نظرًا لأن التأمين الصحي يعطي المرضى قرار علاج بقيمة معينة ترسل إلى المستشفى الاقتصادي، ولا يسدد التأمين الصحي قيمة التكلفة المالية وتتراكم على الهيئة ديون ولا يستفيد المستشفى.

ضعف الموارد المالية
في السياق ذاته كشف مصدر مسئول من وزارة الصحة، أن مستشفيات المؤسسة العلاجية وأمانة المراكز الطبية المتخصصة والمعاهد التعليمية، ترفض جميع مرضى التأمين الصحي ولا تقوم بتحويلهم إلى مستشفيات التأمين التابعين لها التي تمتلئ قوائم الانتظار بها.

على الجانب الآخر دائمًا تعاني هيئة التأمين الصحي ضعف الموارد المالية بسبب ضعف الاشتراكات للفئات الخاضعة للتأمين الصحي سواء الطلبة أو الموظفين أو الرضع مع زيادة الأعداد، وضعف ميزانية التأمين الصحي التي زادت مؤخرًا إلى 14 مليار جنيه، حسبما أكد وزير الصحة الدكتور أحمد عماد بعد حصيلة ضرائب السجائر التي أضيفت له.

ووفقًا للاشتراكات التي تحصلها هيئة التأمين الصحي بالنسبة للطلاب، يدفع الطالب 4 جنيهات سنويًا، وتدفع وزارة المالية لكل طالب 12 جنيهًا، واشتراكات الموظفين وفقًا للقانون 79 لسنة 1975، 1% من أساس الراتب ويدفع صاحب العمل 3%.

تكلفة الخدمة
من جانبه قال الدكتور صلاح أبو طالب، مدير فرع التأمين الصحي بالفيوم سابقا: تكلفة الخدمة الصحية ارتفعت مؤخرا ثلاثة أضعاف، وهيئة التأمين الصحي تتعاقد مع مراكز أشعة ومعامل وجهات خاصة بأسعار منذ سنوات كانت تحقق تلك المراكز والجهات الخاصة والمستشفيات أرباحا من وراء هيئة التأمين الصحي، إلا أنه نظرًا لارتفاع تكلفة الخدمة والمستلزمات، مع ثبات سعر التعاقد أصبحت تحقق الخدمة الطبية خسارة على الجهة التي تقدمها لصالح مرضى التأمين الصحي، فأصبحت ترفض تقديمها.

وأكمل: على سبيل المثال عملية القلب المفتوح تكلفتها في معهد القلب القومي أو مستشفى عين شمس التخصصي 50 ألف جنيه، والتأمين الصحي يدفع قيمة 20 ألف جنيه فمن يتحمل فارق التكلفة سوى المريض، والميزانية المخصصة للإنفاق الصحي ضعيفة وهيئة التأمين الصحي تعتمد في تمويلها على الاشتراكات، وهناك 6 قوانين تحكم العلاقة بين التأمين والمواطنين، وأصبح المواطن حائرًا له تأمين صحي وتخصم منه اشتراكات ولا يحصل على خدمة طبية، مع الأخذ في الاعتبار أنه في الثمانينيات والتسعينيات كان التأمين الصحي قادرًا على التعاقدات مع جميع المستشفيات بجميع أنواعها ويسدد التكلفة، لكن مع زيادة الأعداد وتحرير سعر الصرف وارتفاع قيمة التكلفة أصبح غير قادر ولا يدفع ويسدد الديون.

الجريدة الرسمية