رئيس التحرير
عصام كامل

الاستشراق بين دراسة الشرق والافتراء عليه «تقرير»

فيتو

اختلف العرب والمسلمون على ما قدمه المستشرقون من كتابات عنهم، خصوصا وأن بداية قدومهم للشرق كان مع الاستعمار، فالبعض يعتبرهم مصدر غير موثوق لما قدموه من صورة غير حقيقة عن الإسلام والعرب متأثرين بالأهداف الاستعمارية التي كانت وراء قدومهم للشرق، ومع ذلك ابتعد اخرون عن الاهواء والمصالح الشخصية ووقفوا على الحياد في دراستهم للشرق.


مفهوم الاستشراق
ويعني مفهوم الاستشراق دراسة البنى الثقافية والحضرية والسياسة الشرقية من وجهة نظر علماء ومؤرخي الغرب.

وفقا للدكتور المبروك المنصورى في كتابه "الدراسات الدينية المعاصرة من المركزية الغربية إلى النسبية الثقافية" ينقسم الاستشراق إلى ثلاث مراحل أساسية أولها الاستشراق الاستعماري والذي ترجع بدايته إلى الحركة الرومانسية الغربية وحتى ١٩٦٠، وثانيها الاستشراق ما بعد الاستعمارى والذي ظهر بعد المرحلة الاستعمارية وارتكز على الجانب الثقافي واللغوى، أما الشكل الثالث فتمثل في الاستعمار الجديد والذي ظهر بداية القرن الحادى والعشرين وأسسه "كريستول لكسمبورج" في كتابه "القراءة السريانية الآرامية للقران".

وتناولت البحوث التي كتبها المستشرقون مجموعة من المجالات والعلوم أبرزها التاريخ، الاقتصاد، الجغرافية، الآداب، اللغة، الأديان.
وتختص الجامعات الغربية الآن بدراسة تاريخ الأمم ومنها العرب والأتراك والمصريون.

أشهر المدارس
تعددت مدارس الاستشراق، واختلفت توجهات كل منها، فالاستشراق الفرنسي والهولندي مثلًا اهتم بالجوانب اللغوية والأدبية، فيما اهتمت المدرسة الألمانية والفَرنسية بتحقيق ودراسة المواضيع العلمية في الحضارة العربية، واهتم الاستشراق البريطاني والألماني بدراسة العقائد الإسلامية والدين الإسلامي، أما المدرسة الروسية فقد اهتمت بدراسة التراث.


وتعد المدرسة الفرنسية هي الأشهر والأكثر توسعا في الاستشراق ومن أشهر روادها أرنست رينان والذي وضع كتاب عن بن رشد كما رد على افتراءاته على الإسلام جمال الدين الأفغاني في كتابه "الإسلام والعلم".


ولويس ماسينيون والذي اهتم بمفاهيم التصوف الإسلامى، ونشر ديوان "ابن الحلاج" مترجما للفرنسية.

الإسلام والاستشراق
لم يتخذ جميع المستشرقين موقفا معاديا للإسلام، فالبعض منهم دافع عنه بضراوة ضد المفترين عليه، ومنهم من درسه ووقف منه على الحياد، وآخرون تأثروا بالإسلام حتى اعتنقوه ومنهم الفرنسي ميشو بللر الذي تخصص في تاريخ المغرب، وكتب بالعربية والفرنسية وأسلم وتزوج من مغربية، والسويسري جوهن لويس بوركهارت وكان من أوائل الأوروبيين الذين كتبوا عن عرب السودان، أتقن اللغة العربية، وتفقَّه في الدين الإسلامي، واعتنقه سنة 1809.
 
أما المجرى عبدالكريم جرمانوس فأشهر إسلامه في مسجد دلهي الأكبر، وجاء إلى القاهرة ليتعمق في دراسة الإسلام على يد شيوخ الأزهر، ومن أشهر كتبه "التيارات الحديثة في الإسلام" بالإنجليزية، "القومية العربية" باللغة الفرنسية.


نقد إدوارد سعيد
لعب الكاتب والمنظر الفلسطينى إدوارد سعيد دورا مهما في نقد الاستشراق وذلك في كتابه الذي حمل نفس الاسم، واتهم فيه الاستشراق بالتحيز المستمر والماكر من دول مركز أوروبا تجاه الشعوب العربية الإسلامية، واعتبر أن الغرب لا ينظر للعرب والمسلمين الا على انهم مزودين بالنفط أو إرهابيين محتملين.


وقد أثار الكتاب جدلا واسعا خصوصا من قبل بعض الاستشراقيين الأكاديميين من بينهم وليم مونتجمري والذي اعتبر كتاب الاستشراق كتابًا معيبًا في الفكر الأكاديمي الغربي، كما اتهم بعض النقاد سعيد بالمساهمة في إنشاء الاستغراب لمعاكسة الاستشراق في الخطاب الغربي.
الجريدة الرسمية