كارثة في انتخابات «مجلس النواب»!
ما أن يعلن مرشح نيته خوض الانتخابات البرلمانية، ينقسم الناس حوله ما بين مؤيد له، ومستنفع من ورائه.. ومعارض له، ومهاجم إياه.. وثالثة - وهي الأكثرية - لا تهتم به على الإطلاق.
وعندما يبدأ المرشح التحرك الفعلي تنهال عليه سهام الأسئلة، والتطاول، والاتهامات أيضا.. هو مين ده؟.. وبيشتغل أيه؟.. وتاريخه أيه؟.. وفلوسه جايبها منين؟.. وخلفيته السياسية أيه؟.. ومحسوب على مين؟.. ومؤيد لثورة 25 يناير ولّا معارض لها؟,, ومع ثورة 30 يونيو ولّا ضدها؟.. ومؤيد للرئيس السيسي ولّا معارض له؟
ورغم أن هذه الأسئلة مشروعة، ولا غبار عليها، ومن حق كل ناخب أن يعرف كل صغيرة وكبيرة عن «نائب المستقبل» الذي سيمنحه صوته، إلا أن خطورة هذه الأسئلة تكمن في طريقة «تغليفها»، وتوقيت طرحها، وهل الهدف منها «تنوير» الناخبين، أم «تشويه» المرشحين؟.. تقديم خدمات ومعلومات لـ«الناخب»، أم خدمة مرشح آخر لم يُعلن عنه بعد؟
إن بعض المرشحين بات لديهم صُحفهم الخاصة، وقنواتهم الفضائية، ومنابرهم الإعلامية التي تتولى مهمة «النبش في الدفاتر القديمة للخصوم»؛ للبحث عن مادة مثيرة يعرضونها؛ بغرض تصفيتهم سياسيًا، وفضحهم شعبيًا، مستخدمين ألفاظًا وعبارات لا يعاقب عليها القانون «يُقال، يُشاع، يتردد، تداول نشطاء، تقدم فلان ببلاغ للنائب العام ضد علان..». وقطعًا، ليس كل المشاهدين «فقهاء قانون»؛ ليدركوا الفارق بين «مستندات التورط، وحيثيات الإدانة»، وبين «الأقوال المرسلة، ومؤشرات الاتهام» التي قد لا تثبت صحتها.
ما نود التحذير منه هو خطورة تبادل الاتهامات بين المرشحين وأنصارهم في وسائل الإعلام، خاصة تلك الاتهامات التي لا تستند على دليل قاطع؛ لأنها تفقد ثقة الجمهور فيهم، ومن الممكن أن تؤدي إلى إحجام كثير من الناخبين عن الذهاب إلى لجان الاقتراع؛ للإدلاء بأصواتهم، في الوقت الذي تصور كاميرات الإعلام اللجان وهي خاوية على عروشها، لتعيدنا إلى مشاهد الانتخابات التي كان «يسلقها» الحزب الوطني في عهد مبارك.
نحن بالفعل أمام كارثة بكل المقاييس في انتخابات «مجلس النواب» المقبلة، التي لم يتحدد موعدها حتى الآن.. فقد نجحنا في تشويه جميع المرشحين، سواء الذين أفصحوا عن نيتهم، أو الذين تكتمونها، واتهمنا الجميع بـ«الخيانة، والعمالة، والفساد، والإرهاب..».
ولم تتوقف سهام التشويه لهم عند الاتهامات السياسية، بل امتدت لحروب غير أخلاقية، بالخوض في الأعراض، وخراب البيوت.. وأعتقد أنه لو نزل «ملك» من السماء؛ ليخوض الانتخابات، فليس من المستبعد أن يخرج علينا أحد «المحفلطين»؛ ليخبرنا بأن عضوية هذا «الملك» مطعون في دستوريتها؛ لأنه وَقَّعَ لـ«الأهلي والزمالك» في توقيت واحد، ولن يُسمح له بممارسة دوره الرقابي والتشريعي، إلا بعد حصوله على «البطاقة الدولية»، و«إخلاء طرف» موقع من اتنين موظفين!