رئيس التحرير
عصام كامل

القبض على وزير النقل!!


صديقي الشرير لا يزال يصطاد في الماء العكر.. زارني فجأة وهو يقول: هل سمعت بالخبر؟ ودون أن ينتظر مني إجابة قال لا فض فوه: لقد قبضت الحكومة على وزير النقل للتحقيق معه بتهمة القتل في قضية مركب الوراق. وأضاف: إن تحرك الدولة يأتى كدليل على أن الأمور تغيرت وأن بالبلاد قامت ثورتان إحداهما رفعت لوأد كرامة المصرى باعتبارها قضية وطنية هي الأهم.


وقال الشرير: إن القبض على وزير النقل واتهام رئيس الوزراء بالتورط فى كارثة المركب أكبر دليل على أن الثوار انتصروا لكرامة الإنسان المصرى ودليل أيضا على أن طبخ الأمور أيام مبارك لم يعد له مكان في ظل النظام الجديد.. نظام مبارك كان في مثل هذه الحالات يقبض على سائقى الصندل والمركب وهاتك يا تحقيقات والناس نيام عن الحقيقة المرة .. ولأننا لسنا في اليابان ولأننا شعب مؤمن يرفض فكرة الانتحار عندما يتورط المسئول في قضية قتل أو فساد فإننا نحمد لوزير االنقل صبره على ما ابتلاه ونشكر للسيد رئيس الوزراء تحمله إذ لم يعلن عن استقالته في مشهد مهيب وهو يبكى على ضحايانا في المركب وفضل المثول أمام النيابة بصدر رحب وقلب جسور.

لقد اعترف وزير النقل بشجاعة عن مسئوليته عن الحادث وأقر أن بوزارته خللا كبيرا إذ لم تقم الوزارة بالتفتيش الدوري على الصنادل والمراكب واتهم وزير الداخلية بالضلوع في الجريمة حيث تمتلك وزارته إدارة تحت اسم الإنقاذ النهرى وهى الإدارة التى لم تتورط يوما في إنقاذ غريق وتحتاج أدواتها إلى جراحات عاجلة إضافة إلى أنها تفتقد روح التجديد والتدريب.

وقال الشرير: الحمد لله أننا ليس لدينا سياحة نيلية بالمفهوم الذي تعرفه أوربا وإلا لكان نصف السائحين غرقى ونحمد الله أننا لا نستخدم النيل كوسيلة نقل حيوية ومهمة مثلما هو الأمر في ترع أوربا وإلا لكانت مصائبنا في نشرات الأخبار وكأن النيل قد انضم الى داعش احترافا في القتل!!

كنت صامتا أمام رؤاه الفاسدة وهو يمضى دون توقف وهو يقول: رئيس الوزراء معترف بمسئوليته التضامنية مع وزيري النقل والداخلية والنيابة في عمل مستمر ودائم للوصول إلى الحقيقة خاصة أن وزير النقل قال أمام النائب العام إنه ومنذ قرأ تقرير الحادث وعلم بعدد الضحايا لم يذق النوم خاصة أنه يرى أن من رحلوا كانوا في نزهة عيدية وأن الأطفال كأنهم أطفاله والشباب كأنهم أولاده أما المسنات فكأنهن في مقام السيدة والدته .. وقال الوزير لمقربين إن أرواح الضحايا تطارده ليلا ونهارا .

لم أستطع الصبر على رؤيته الخيالية وقاطعته: إن جهات التحقيق تحقق مع سائق الصندل لتصل إلى الحقيقة.. قاطعنى قائلا: تصوراتى التى تراها أنت تصورات مريضة لو حدثت سأتفق معك ساعتها أن بلادنا عاشت ثورتين أما ما يجري الآن يجعلني أحصل منك على اعتراف بأن مبارك لا يزال يدير مسرح العرائس!!!
الجريدة الرسمية