رئيس التحرير
عصام كامل

سماحة وحسن خلق النبي مع المشركين وأهل الكتاب.. الرسول يسمح للنصارى بالصلاة في المسجد.. يصبر على إيذاء الكفار ويرفض الدعوة عليهم.. و«حلمه» كان سببًا في إسلام أحد أحبار اليهود


أظهرت العديد من المواقف التي ذكرت في سيرة النبى محمد صلى الله عليه وسلم حسن معاملته للكفار وأصحاب الديانات الأخرى بما يضرب أروع الأمثلة في حسن المعاملة مع البشر مع اختلاف عقائدهم وأفكارهم.


وتروي كتب السيرة أن النبي أمر بالإحسان إلى أهل الذمة الذين يعيشون في كنف الدولة الإسلامية ورعايتهم والاهتمام بأمورهم كالمسلمين فقال فيهم:" كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" لأن أهل الذمة مسئولية الحاكم ورعيته التي يحاسب عليها يوم القيامة.

تعامله مع أهل الكتاب

من أمثلة حسن تعامل رسول الله مع النصارى، أنه عندما قدم إليه وفد نصارى نجران اجتمعوا معه في المسجد فعندما حان وقت صلاتهم قاموا يصلون في المسجد، فأراد الصحابة منعهم، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دعوهم".

وفي موقف آخر وبينما كان الرسول عليه الصلاة والسلام جالسا بين أصحابه إذ برجل من أحبار اليهود يسمى زيد بن سعنة يدخل عليهم حتى اخترق صفوف الصحابة وأتى النبي فجذبه من مجامع ثوبه وشده شدا عنيفا وقال له بغلظة: أوفي ما عليك من الدين يا محمد.. إنكم بني هاشم قوم تماطلون"، حيث كان النبي قد استدان من هذا اليهودي بعض الدراهم ولكن لم يحن موعد أداء الدين بعد.

وبعد ذلك قام عمر بن الخطاب فهز سيفه وقال ائذن لي بضرب عنقه يا رسول الله فقال النبي:" مره بحسن الطلب ومرني بحسن الأداء" فقال اليهودي:" والذي بعثك بالحق يا محمد ما جئت لأطلب منك دينا إنما جئت لأختبر أخلاقك فأنا أعلم أن موعد الدين لم يحن بعد ولكني قرأت جميع أوصافك في التوراة فرأيتها كلها متحققة فيك إلا صفة واحدة لم أجربها معك وهي أنك حليم عند الغضب وأن شدة الجهالة لا تزيدك إلا حلما ولقد رأيتها اليوم فيك فأشهد أن لا إله إلا الله.. وأنك محمد رسول الله".

تعامله مع إيذاء المشركين

أما المشركون فقد تعامل النبي الكريم معهم بنفس مبدأ حسن الخلق والصبر على الغيذاء فعن عروة بن الزبير قال: سألت عبد الله بن عمرو عن أشدِّ ما صنع المشركون برسول الله، قال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي وهو يصلي فوضع رداءه في عنقه، فخنقه به خنقًا شديدًا، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه، فقال:" أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ".

كما اشتد الأذى على النبي بعد موت عمِّه أبي طالب، فيروي ابن هشام قائلًا: "فلما مات أبو طالبٍ نالت قريشٌ من رسول الله الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالبٍ، حتى اعترضه سفيهٌ من سفهاء قريشٍ، فنثر على رأسه ترابًا... فلمَّا دخل النبي الكريم بيته والتراب على رأسه، قامت إليه إحدى بناته، فجعلت تغسل عنه التراب وهي تبكي، ورسول الله يقول لها: "لا تَبْكِي يَا بُنَيَّةِ؛ فَإِنَّ اللهَ مَانِعٌ أَبَاكِ.

حسن المعاملة

ولكن وعلي الجانب الآخر فرغم هذا الإيذاء الذي ساقه الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم الا أنه لم يمنع التعامل معهم، بل ظلَّ على حُسْن المعاملة من بيع وشراء كما حفظ لهم أماناتهم التي أودعوها عنده وَرَدَّها كاملة إليهم، رغم تآمرهم على قتله ليلة الهجرة حتى أنه ترك خلفه على بن أبي طالب ليرد الأمانات إلى أصحابها.

ومن فرط رحمته وحرصه عليهم لم يَدْعُ النبي الكريم على المشركين بالهلاك فعندما قال له ملك الجبال: إن شئت أن أُطبق عليهم الأخشبين قال الرسول:" لْ أَرْجُو أَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ مِنْ أَصْلابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".
الجريدة الرسمية