رئيس التحرير
عصام كامل

اللواء فؤاد فيود في ذكرى أكتوبر: نصر 73 أجبر الإسرائيليين على الانسحاب من سيناء

فيتو


* نصر أكتوبر بدأ برفض الشعب تنحي عبد الناصر وأعاد بناء القوات المسلحة. 
* دمرنا 80% من خط بارليف.. وتخلصنا من الرهبة في حرب 73 بفعل التدريب المتواصل. 

* قوات الصاعقة نجحت في جعل سيناء كرة من اللهب تحت أقدام العدو. 



اللواء فؤاد فيود الخبير الإستراتيجي والعسكري هو أحد النماذج التي نالت شرف قتال العدو في حرب أكتوبر، وكان وقتها برتبة ملازم أول بسلاح المشاة.
يقول في حوار لـ "فيتو" بمناسبة ذكرى نصر أكتوبر "إن تحرير سيناء بدأ يوم 11 يونيو 1967، عندما هتف الشعب المصري للقائد الزعيم جمال عبد الناصر رغم الهزيمة، وقام بتفويضه بالتصرف مع العدو الصهيوني المغتصب، "على أن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة".. لم ينم الجيش المصري بعدها لحظة واحدة.. وبعد 20 يوما دارت معركة "رأس العش" عندما تقدمت قوة إسرائيلية شمالا من مدينة القنطرة شرق - شرق القناة، في اتجاه بور فؤاد - شرق بورسعيد، لاحتلاله. وهي المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل أثناء حرب يونيو، وتصدت لها قواتنا، ودارت معركة رأس العش".
حيث تمكنت سرية من الصاعقة المصرية عددها 30 مقاتلًا من قوة "الكتيبة 43 صاعقة"، بقيادة المقاتل سيد الشرقاوي من عمل خط دفاعي أمام القوات الإسرائيلية، وهنا تمكنت قواتنا من تدمير ثلاث دبابات معادية، وثاني يوم عاود العدو الهجوم مرة أخرى، إلا أنه فشل في اقتحام الموقع بالمواجهة أو الالتفاف من الجنب.. وكانت النتيجة تدمير بعض العربات نصف جنزير، بالإضافة لخسائر بشرية، واضطرت القوة الإسرائيلية للانسحاب، وهذه كانت أول مراحل الحرب، وظل قطاع بور فؤاد هو الجزء الوحيد من سيناء الذي ظل تحت السيطرة المصرية حتى نشوب حرب أكتوبر 1973.

وإلى نص الحوار...
• عقب هزيمة 5 يونيو تم الاستعداد لمواجهة العدو الإسرائيلي جيدا.. حدثنا عن استعدادات القوات المسلحة وقتها؟
- الجيش المصري دائما يتعلم من أخطائه ونحن كعسكريين نقوم بدراسة الأخطاء والتعلم منها فبعد النكسة مباشرة عكف الخبراء العسكريون وقادة القوات المسلحة بدراسة العدو دراسة دقيقة ومتأنية قائمة على العلم والحقائق والدقة فقمنا بدراسة الأمن الإسرائيلي نقاط القوة فيه ونقاط الضعف وقمنا بتحليلها لاستغلالها في المعارك القادمة.

* ما أهم ملامح حرب الاستنزاف والمعارك التي دارت فيها؟
- بدأ الثار من العدو الصهيوني مباشرة بعد أيام من الحرب ففي شهر يوليو 1967، حيث قامت القوات البحرية المصرية مدعومة بقوات الصاعقة، باستهداف تشوينات الأسلحة والذخائر الخاصة بالجيش الإسرائيلي في سيناء، وتدميرها وتدمير كل الأسلحة التي خلفها الجيش المصري قبل انسحابه من سيناء، ويوم 21 أكتوبر استخدمت الصواريخ البحرية لأول مرة في تدمير المدمرة "إيلات"، وإغراقها أمام مياه بورسعيد، وهي المرحلة التي أطلق عليها وقتها مرحلة الصمود.

دخلنا في مرحلة الدفاع النشط من سبتمبر 68 حتى 8 مارس 69، وقمنا بعمل غارات وكمائن على العدو الإسرائيلي، وألحقنا بهم الخسائر الفادحة، وبدأنا في معركة الاستنزاف منذ يوم 10 مارس 1969، واشتدت المعارك ثاني يوم استشهد فيه الفريق عبد المنعم رياض رئيس حرب القوات المسلحة؛ حيث كان في الخط الأول في المهاجمة مع الجنود والقوات عند النقطة نمرة 6 في الإسماعيلية وهذا دليل على عظمة القيادة.
وقد استمرت معارك الاستنزاف حتى عام 1970، وخلال تلك المعارك كنا قد دمرنا 80% من خط بارليف، وكل ذلك كان تحت قيادة الزعيم جمال عبد الناصر، وتم أيضا إعادة بناء وتنظيم القوات المسلحة المصرية وتسليحها وتدريبها وبناء حائط الصواريخ ونجاح القوات المسلحة في إسقاط الطائرات الفانتوم الإسرائيلية، وظل عبد الناصر يحارب حتى آخر يوم في عمره.

* كيف تري سياسة السادات في إدارة فترة اللاحرب واللاسلم؟
- عقب رفض إسرائيل المتكرر في كل المفاوضات السلمية دخلنا في حالة اللاسلم واللاحرب اتخذ الرئيس محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام قرار حرب شاملة لتحريك القضية رغم عدم المقارنة بين أسلحة العدو وأسلحتنا من حيث النوعية والكيف والكم ولكن تفوقنا عنهم من ناحية الكفاءة القتالية وإرادة الشعب المصري التي تصنع المستحيل وطبقنا مبدأ المفاجأة وهو أهم مبادئ الحرب وهو يعني القيام بعمل غير متوقع في مكان غير متوقع في زمن غير متوقع.

* كيف تم اختيار ساعة الصفر؟
- تم اختيار يوم الهجوم يوم سبت حيث كان يوم إجازة عند اليهود والحركة عندهم محرمة، وكان يوم عيد الغفران عندهم وشلل لعملية التعبئة للاحتياطي في إسرائيل، فضلا عن أن هذا الشهر كان وقت انتخابات الكنيست ومعظم أعضاء الكنيست من القادة الإسرائيليين فكانوا مشغولين بالانتخابات، وكان يوم 10 رمضان أي أن ضوء القمر سيستمر حتى منتصف الليل مما سيساعد سلاح المهندسين في عمل الكباري على القناة.. وبعد منتصف الليل عبر سلاح المشاة القناة بالقوة والعدة والعتات في العتمة المظلمة لنفاجئ العدو بعد أن صرح الجانب الإسرائيلي بأن المصريين لو فكروا في عبور القناة سيجعلون القناة دما.. ولو نجحوا في العبور سيدهسون القوات المصرية تحت جنازير الدبابات.

* كيف كان شعورك عند عبور قناة السويس إلى ميدان المعركة؟
- عبرنا القناة.. وكنت واحدا من قادة أطقم اقتناص دبابات العدو، وأحدثنا خسائر مروعة للعدو وفشلوا في استرداد خط بارليف، وكانت قواتنا الجوية قد دمرت الأهداف الحيوية للعدو كاملة، وألحقت بهم خسائر فادحة، واستيقظ العالم كله على هزة عنيفة وهو غير مصدق لهزيمة إسرائيل الأسطورة التي لا تقهر.

* ما أهم المعارك التي شاركت فيها؟
- من أهم المعارك التي شاركت فيها كانت هناك مهمة خطيرة كلفنا بها وهي تأمين العمق التكتيكي للجيش الثاني الميداني انتظارا لأعمال التطوير فلما حدثت الثغرة قمنا بالتصدي للقوات المعادية التي كانت تحاول الاستيلاء على مدينة الإسماعيلية، ونجحنا في هذا بالتعاون مع قوات الصاعقة المتمركزة في منطقة أبو عطوة في إيقاف تقدمها بعد مواجهة شرسة لأن القتال في الثغرة كان أشرس أنواع القتال".. وذلك لأن القوة الرئيسية للقوات المدرعة الإسرائيلية كانت عبارة عن ثلاث مجموعات عمليات بقيادة الجنرال شارون ودان وتم إعداد أكثر من كمين على ترعة المنايف نظرا للقتال المستمر في منطقة التعثرة حتى لا يستطيع العدو أن يستعيد قوته ويرتب أوراقه من جديد.. وأقوى المعارك التي شهدتها منطقة "نفيشة" والثغرة هي معركة أبو عطوة ومازالت بها الدبابات الإسرائيلية المدمرة موجودة حتى الآن.
* ما أهم نتائج حرب أكتوبر من وجهة نظرك كخبير ؟
- حرب 73 أدت إلى استرداد الأرض والعرض ومفتاح أرض الفيروز وهي التي أجبرت الإسرائيليين على الانسحاب من سيناء جزء بالحرب والجزء الثاني بالمفاوضات التي ترتكز على أسس من القوة لأن إسرائيل لا تحترم الضعيف ووافقت على وقف إطلاق النار بالمفاوضات بدلا من السلاح.. وأنا أتذكر مقولة ديفيد بن اليعازر، رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي، عندما قال: "لكل حرب مفاجآتها ولم تكن مفاجأة حرب أكتوبر 73 إلا نوعية المقاتل المصري".. لم نكن نتخيل أنه سيقاتل بهذه الضراوة وهذه القوة والشراسة، فالشعب المصري قادر على صنع المستحيل عندما تسنح له الفرصة.
الجريدة الرسمية