رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى استشهاده.. تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة عثمان بن عفان

ذكرى وفاة ثالث الخلفاء
ذكرى وفاة ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان
هو الصحابيّ الجليل عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن مناف قرشي وهو من بني أميّة ، ويلتقي مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في سلسلة النسب في عبد مناف.


مولده
ولد عثمان في السنة السابعة والأربعين من الهجرة، عام 576 ميلادية، وكان أول مهاجر إلى أرض الحبشة لحفظ الإسلام ثم تبعه سائر المهاجرين إلى أرض الحبشة، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة المنورة، وكان رسول اللَّه يثق به ويحبه ويكرمه لحيائه وأخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين والذين آمنوا بالله، وبشّره بالجنة كأبي بكر وعمر وعلي وبقية العشرة، وأخبره بأنه سيموت شهيدًا.

ثالث الخلفاء
وعثمان بن عفّان رضيّ الله عنه هو ثالث الخلفاء الراشدين ، وهو من الذين حضروا الهجرتين ، وكان رضيَ الله عنهُ من أشدّ الصحابة حياءً، والدته هي أروى بنت كريز و أم أروى بنت عبد المطلب عمة الرسول صلى الله عليه و سلم ، حيث لقب عثمان بن عفان رضي الله عنه بذي النورين لأنه تزوج ابنتي الرسول صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم.

زواجه
تزوجت رقية بنت الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من عتبة بن أبي لهب و تزوجت أم كلثوم من عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت سورة المسد : (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) فارقا ابنتي الرسول صلى الله عليه و سلم رقية و أم كلثوم ، وتزوج عثمان بن عفان رضي الله عنه رقية رضي الله عنها في مكة وهاجرت معه إلى الحبشة ، و سمي عثمان بن عفان بأبي عبد الله الذي ولدته رقية وتوفيت رضي الله عنها يوم بدر، كما تزوج عثمان بن عفان من أم كلثوم و هي الأخت الصغرى لرقية حيث تزوجته بعد وفاة أختها ولم تلد منه ولدا

إسلامه
أسلم عثمان بن عفان في أول الإسلام قبل دخول الرسول صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وكان سنه قد تجاوز الثلاثين، حيث دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام فأسلم، وكان رابع من أسلم مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.

خلافته للمسلمين
أصبح عثمان بن عفان، خليفة للمسلمين بعد وفاة عمر بن الخطاب سنة 23 هـ (644 م)، واستمرت خلافته نحو اثني عشر عامًا، وفي عهده جمع القرآن وعمل توسعة للمسجد الحرام وكذلك المسجد النبوي، وفتحت في عهده عدد من البلدان وتوسعت الدولة الإسلامية، فمن البلدان التي فتحت في أيام خلافته أرمينية وخراسان وكرمان وسجستان وإفريقية وقبرص. وقد أنشأ أول أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطئ الإسلامية من هجمات البيزنطيين.

اللحظات الأخيرة
في عهده وقعت فتنة ثار فيها المتمردون عليه حتى هاجموا داره، وتصدى لهم جمع من الصحابة يدافعون عنه، فناداهم قائلاً: "الله الله، أنتم في حلٍّ من نصرتي"، فأبوا، لأنه كان واثقاً من استشهاده بشهادة النبي له بذلك، وأراد ألا تُراق دماء مسلم بسببه، وتنشب فتنة بين المسلمين.

يقول الإمام ابن العربي المالكي في كتابه "العواصم والقواصم" يصف ما حدث: "وجاء زيد بن ثابت فقال له: إن هؤلاء الأنصار بالباب يقولون: إن شئت كنا أنصار الله مرتين، قال عثمان: لا حاجة بي في ذلك، كفوا.

وقال له أبوهريرة: اليوم طاب الضرب معك. قال: عزمت عليك لتخرجن.

وكان الحسن بن علي آخر من خرج من عنده، فإنه جاء الحسن والحسين وابن عمر وابن الزبير ومروان، فعزم عليهم في وضع سلاحهم وخروجهم، ولزوم بيوتهم.

فقال له ابن الزبير ومروان: نحن نعزم على أنفسنا لا نبرح، ففتح عثمان الباب ودخلوا عليه في أصح الأقوال، فقتله المرء الأسود".

حرق المتمردون باب بيت سيدنا عثمان والسقف، وكان يصلي، ويقرأ سورة طه من المصحف الشريف، وكان يومها صائمًا، فدخل عليه رجل من المحاصرين، ولما رآه سيدنا عثمان قال له: بيني وبينك كتاب الله، فخرج الرجل، ودخل آخر أسود البشرة، مصري يُقال له: الموت الأسود، فخنقه وكانت روحه لينة وجسده رقيق، فغاب عن الوعي وظن أنه مات فخرج.

ثم دخل على سيدنا عثمان رضي الله عنه كنانة بن بشر الملعون، وحمل السيف، وضربه به، فاتّقاه بيده فقطع يده، فقال عثمان رضي الله عنه عندما ضُرب هذه الضربه: بسم الله توكلت على الله. فتقطرت الدماء من يده، فقال: إنها أول يد كتبت المفصل، وتقاطر الدم على المصحف، وتثبت جميع الروايات أن هذه الدماء سقطت على كلمة: {فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ}.. [البقرة:137].

بعد ذلك ضربه كنانة بن بشر وضربه بعمود على رأسه، فخرّ رضي الله عنه على جنبه، ثم طعنه في صدره، ثم قام سودان بن حمران بحمل السيف، وطعن سيدنا عثمان رضي الله عنه في بطنه فمال رضي الله عنه إلى الأرض فقفز على بطنه، واتّكأ على السيف بجسده ليتأكد من اختراق السيف لجسد عثمان رضي الله عنه، ومات رضي الله عنه وأرضاه بعد هذه الضربة، والمصحف بين يديه، وفار الدم على المصحف الذي كان يحتضنه.

وكان آخر لقاء له مع المسلمين بعد أسابيع من الحصار قال لهم: "يا أهل المدينة إني أستودعكم الله، وأسأله أن يُحسن عليكم الخلافة من بعدي. وإني والله لا أدخل على أحد بعد يومي هذا، حتى يقضي الله فيَّ قضائه، ولأدعنَّ هؤلاء الخوارج وراء بابي، ولا أعطيهم شيئاً، يتخذونه عليكم دخلًا في دين أو دنيا حتى يكون الله هو الصانع في ذلك ما أحب".

وفي آخر أيام الحصار وهو اليوم الذي قُتل فيه، رأى في منامه وأصبح يُحدّث الناس ليقتلني القوم؛ ثم قال: "رأيت النبي، ومعه أبوبكر وعمر، فقال النبي: يا عثمان أفطر عندنا"، فأصبح صائماً، وقتل من يومه.

مصادر:

- كتاب "العواصم والقواصم" - الإمام ابن العربي المالكي.

- كتاب "البداية والنهاية" – الإمام ابن كثير.
الجريدة الرسمية