رئيس التحرير
عصام كامل

من يبني عقول هذا الجيل

حينما ننظر الآن على عقول الشباب وعلى أفكارهم وكلماتهم ومفرداتهم التى يتناقلونها عبر وسائل التشابك الاجتماعى كما أحب أن أسميها ستجد خليطا من ثقافات مختلفة وسترى تصرفات تصل لحد الهوس وستجد صراعا مكبوتا داخل عقول هؤلاء الشباب لأن الهوة بينه وبين جيل الآباء أصبحت أكثر عمقا والاختلاف أكثر وضوحا  والاغتراب عن المجتمع أكثر واقعا وأنا لا أطلب من هذا الجيل أن يحذوا حذونا أو أن يسلكوا طريقنا..


فنحن نشأنا فى ظروف مختلفة وإمكانات مختلفة وطموحات مختلفة لكن المؤكد أننا جيل كان له هوية، جيل كانت الأسرة بالأب والأم والمدرسة بالمدرسين والجامعة بالأساتذة هم جميعا مسئولون عن تربيته ونشأته، وكانت الدولة أيضا لها هوية ولها توجه وكان إعلام الدولة وثقافة الدولة وفن الدولة له توجه، كله يصب فى ااحترام قيم المجتمع فنشأنا ولم نتعرض للهزات العنيفة التى يتعرض لها جيل اليوم، الذى انفتح له العالم على مصراعيه فأصبح يرى العالم بأثره بين يديه بثقافاته المتعددة وبغرابة أفكاره وبكل تناقضاته..

لذلك من الظلم أن نطلب من جيل اليوم أن يسير على خطى جيل الأمس ولكن نطلب منهم فقط أن يحافظوا على هويتهم وعلى انتمائهم لثقافتهم التى تحافظ على هويتهم الدينية السمحة المتسامحة وعلى اانتمائهم للوطن وأن يعلوا قيمة الوطن عندهم لتكون لهم مرجعية يهتدون بها ويطمئنون لها، أما فيما يخص الإطلاع على ثقافة الآخر فلهم كل الحق ولكن بطريقة الانتقاء فليس كل ما يرونه ينفعهم أو يضمن لهم التوافق النفسى أو الفكرى..

دور الدولة
أما الدولة فيجب أن تتغير نظرتها وخطتها وأن تولى بناء الإنسان المصرى كل الااهتمام وأقول أنه الوقت المناسب الآن بعدما قطعت الدولة شوطا كبيرا فى إرساء الأمن والأمان فى كل ربوع الوطن وتخلصت من شبح الإرهاب المسلح وقطعت شوطا أكبر فى بناء مجتمع راعت فيه حق الجميع فى مسكن آمن يحفظ آدميتهم ووفرت لسكان العشوائيات مساكن متحضرة ليس هذا فقط بل وفرت لهذه الأمة بملاينها المائة  طعامها وأمنت له كل ما يحتاجه حتى فى أحلك ظروف الإرهاب وفى ظل جائحة عالمية طالت العالم كله..

نعم إنه الوقت المناسب لترعى الدولة الإنسان المصرى ليس بالأمان والمسكن والطعام فقط بل بالفكر المستنير وبالفن الهادف وبالثقافة الراقية وبتقديم كل النماذج المحترمة له وبأن يكون كل من يتعامل مع هذا الجيل من الشباب فى المدارس والمساجد وفى الجامعات أصحاب عقل وفكر وقيم حقيقية لنضمن أن يرى هذا الجيل النور الحقيقى بعدما رأى بعينيه أعواما من الظلام والتخبط والهوس الدينى والإنفلات الاخلاقى.
الجريدة الرسمية