رئيس التحرير
عصام كامل

عالمنا العربى.. وصفارة د.أبوالعزايم!

قصة ربما تكون مجرد طرفة، ولكنها وقعت بالفعل، يروى فى الستينيات، حدث إهمال من طاقم حراسة مستشفى الامراض العقلية والنفسية بالعباسية، كان نتيجة ذلك هروب 219 نزيلا إلى ميدان العباسية والشوارع المجاورة، وعلى الفور تم إبلاغ مدير المستشفى الطبيب المشهور د.جمال أبوالعزايم..

 

فطلب من كبير الممرضين الصفارة، التى تستخدم فى بعض التعاملات مع المرضى، وطلب أن يخرج معه وعشرة من الممرضين والموظفين إلى ميدان العباسية، ثم طلب من الممرضين والموظفين أن يمسكوا به من الخلف وراء بعضهم البعض فى شكل قطار، وهويصفر ويلف فى الميدان! 

تجمع خلف القطار كافة المرضى الهاربين، فأخذ يمشى بهم فى صورة قطار إلى باب المستشفى، ودخل بهم المستشفى بهدوء وبدون مشاكل .

 

مصر بين ليبيا وسد النهضة


ولكن حدثت مشكلة لم تكن فى الحسبان، عندما بدأ حصر المرضى اكتشفت إدارة المستشفى، إن عدد من كانوا فى القطار 630 وليس 219 مريضا الذين هربوا من المستشفى .

السؤال الذى يطاردنى منذ قرأت هذا الموقف، لو حدث الأمر الآن كم سيكون العدد الزائد؟ فى الستينيات كان عدد الزائد يقترب من الضعف، فهل الرقم سيقل أم يزيد؟ سأترك الإجابة لك صديقى القارىء.

القصة لها أوجه كثيرة تذكرنى بموقف حدث فى منتصف الستينيات للعالم وأستاذى الدكتور محمد خليل يوسف الذى عمل فى الستينات مع د. جمال أبوالعزايم، عندما كان يتكلم عن المرضى وعلاقته بهم، حاول أن يجعل الإبداع أحد أدوات العلاج، وشجع من يحب الرسم ومن يحب الموسيقى وقرر أن يجمع كل هذا فى يوم احتفالى بهم تحضره ادارة المستشفى وبعض المهتمين بعلاج الأمراض النفسية .

يوم الحفلة فوجىء بأحد المرضى بأنه أعد مجلة حائط أنيقة جميلة، ولكن الأهم من الأناقة والجمال قرأ فيها : الفرق بين الطبيب النفسى ومريضه هو أن المريض يشفى ويخرج من المستشفى أما الطبيب يظل فى المستشفى مدى الحياة! 

 

 جمال حمدان: مصر عقدة تركيا الدائمة!


قال لى د.محمد خليل يوسف: كيف تكون هذه عقلية مريض يوضع فى مستشفى؟ هذه العبارة كان لها تأثير كبير على حياتى وجعلتنى بعد سنوات أترك المستشفى بعد أن وصلت لمنصب نائب مدير المستشفى وقررت التحرر قبل أن أحقق رؤية هذا الانسان العاقل جدا ونتهمه بالمرض.

 

وأضاف د.خليل يوسف: لابد من الإعتراف إننا لسنا على المستوى العلمى اللائق فى مواجهة الأمراض النفسية، العالم تقدم ويتعامل مع هذه الحالات مثل أى مرض عضلى أخر، وتكون الرعاية بشكل راقى يجعل من نسب الشفاء عالية جدا!

الحقيقة إن موضوع هروب المرضى وعبقرية المرض الذى فاجأ د.خليل يوسف جعلنى أنظر لواقع العالم العربى، هل يحكمه عقلاء ممن داخل المستشفى أم مرضى ممن أمسكوا فى القطار وذهبوا المستشفى بالرغم أنهم لا يقيمون فيها؟

فى نكسة 67 وبعد أن ظهر جليا إن القضية أكبر من مجرد حرب، بل مؤامرة شارك فيها الكثير من الدول الغربية وتواطأ معهم بعض الدول العربية، بعد النكسة شعر الجميع بالخوف والرعب، وأدركوا إن نار الحرب تكاد تلامس كراسى حكامهم، لهذا حدث انجح مؤتمر قمة عربى فى الخرطوم فى 67..

 

الذى دعم دول المواجهة، واكد على أهمية التكاتف والا فان الاندثار ينتظرهم، وكانت حرب 73 والانتصار العظيم تتويج لهذا التكاتف، ولكن للأسف الشديد قرر الغرب الا يسمح للعرب بالتكاتف معا مرة أخرى..

 

الهجوم على الزعيم "عبدالناصر" موضة موسمية!

 

وحكامنا بدلا من المقاومة رفعوا الراية البيضاء لأعداء الامة، وأصبح منذ الانتصار العظيم بقايا مكان للدول العربية، رويدا رويدا، فقدنا مجرد القدرة على حلم الوحدة..

 

العالم عامة والغرب خاصة متأكدون إن وحدة العرب قوة وخطر على اطماعهم، ولكن العرب استسلموا إلى اعداء الامة، اصبح العرب أسرى لدى اعدائهم، العراق التاريخ المجيد، سوريا العظيمة، اليمن السعيد التى كان يقال عن صنعاء انها سويد العرب، ليبيا عمر المختار، السودان لحمة مصر الابدية، حتى لبنان الابداع والفنون لم يتركوها .

هل الحكام العرب ام الشعوب العربية تحتاج الى صفارة د.جمال ابوالعزايم حتى يجتمعوا ويعالجوا من أجل انفسهم وشعوبهم ومن أجل حماية الوطن .

اكتب اليوم فى أهم تاريخ منذ السادس من اكتوبر 73 وهو الثالث من يوليو 2013، لعل هذا اليوم نتمسك بشعاراته وهتافات الشعب الذى احضر الجيش واكتملت الثورة بتضافر الجميع، نحن نحتاج إلى د.جمال ابوالعزيم عسى ان ينقذنا مما نحن فيه .

تحيا مصر العروبة ..تحيا مصر العامل والفلاح ... تحيا مصر بدماء شهداء انبل ما فينا .

الجريدة الرسمية