رئيس التحرير
عصام كامل

المحافظ العاجز

لا أعلم إنْ كانت هناك آلية جادة ومنضبطة وحاكمة لتقييم أداء المحافظين، أم إن الأمور تسير بـ"الود والمحبة وجبر الخواطر"، وعلى المتضرر من أداء المحافظ، الهجرة إلى محافظة أخرى، أو مناطحة أقوى جدار حديدي، أيُّهما أقرب.


محافظ الجيزة "أحمد راشد" واحدٌ من هؤلاء المحافظين المثيرين للجدل والدهشة والاستغراب والشفقة فى آن واحد. مرَّ أكثرُ من عامين على استدعاء الرجل، وتعيينه مُحافظًا لواحدة من أهم محافظات الجمهورية على الإطلاق. تنبع أهمية "الجيزة" من كونها محافظة تاريخية تضم مجموعة كبيرة من المقاصد السياحية التى انضم إليها مؤخرًا المتحف المصري الكبير، بما يمثله من أهمية كبيرة، ولا أدرى إنْ كانت هذه المعلومة تحديدًا نَمتْ إلى عِلم المحافظ أم لا.

هوامش برلمانية

 لم يقدم المحافظ "المستجد" أىَّ إنجاز يبرر الاستعانة بخدماته بعد إحالته إلى التقاعد، أو يُضاف إلى رصيده، أو يدعم استمراره فى هذا المنصب الكبير والذى يبدو فضفاضًا عليه، ينطبق هذا على الريف والحضر، على القرى والمدن القريبة من مكتبه والبعيدة عنه. لا يزال المحافظ عاجزًا عن تقديم أوراق اعتماده أو إثبات وجوده، ولا ندري إن كان هذا العجز ناجمًا عن ضعف قدرات المحافظ كما أسلفنا، أم عدم توفير المقومات التي تساعده على النجاح والتميز، وإن ظل الطرح الأول هو الأرجح للواقع.

الأمانة تقتضي التأكيد على أن "الجيزة" محافظة منكوبة بمحافظيها. خلال العقدين الأخيرين.. لا تحتفظ الذاكرة الجيزاوية باسم محافظ لامع ومؤثر، وكان الأمل معقودًا على "أحمد راشد"، ولكن أداءه خيَّب الظنون تمامًا.

عجزُ المحافظ الحالي امتدَّ إلى عدم قدرته على رفع مستوى المنطقة المحيطة  بديوانه، فما بالك بالمدن والقرى البعيدة عنها؟ البعيد عن العين بعيد عن القلب وعن الاهتمام. يبدو أن المذكور لا يستوعب جيدًا مفردات مهام المحافظ، أو يتوهم أن المنصب مكافأة نهاية الخدمة، ومن ثم لا يتطلب عملاً دؤوبًا ومتجددَا، أو يظن أن مسؤولية المحافظ تتلخص في المحافظة على الفوضى وجميع مظاهر التراجع والتدني على صعيد الخدمات والتمكين للعشوائية، التي ورثها عن أسلافه وتفاقمت فى عصره غير الميمون حتى إشعار آخر.

جمهورية التكاتك

 الجيزة صارت محافظة الفوضى والعشوائية بلا منازع، حالة الفوضى والعشوائية التى تحاصر المتحف المصري الكبير، الذي تعوَّل مصر عليه كثيرًا ويوليه الرئيس اهتمامًا شخصيًا، تؤكد أن المحافظ مرفوعٌ دائمًا من الخدمة، وليس على قدر الحدث ولا مواكبة المستجدات والمتغيرات من حوله.

لو تخلى وزير التنمية المحلية محمود شعراوي عن حسابات "الزمالة القديمة" مع محافظ الجيزة، ووضع أداء المحافظ المذكور فى ميزان التقييم السليم والعادل، فلن يجد صعوبة في رفع تقرير وافٍ لرئيس الحكومة، يؤكد فيه أن الأمور ليست على ما يرام، ويجب التفكير  وبشكل عاجل في الاستعانة بشخص ذي قدرات مختلفة، لتحقيق رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسى، ونقل "الجيزة" إلى المستوى الذي تستحقه، تاريخيًا وحضاريًا ومستقبلاً، وخلق حالة جادة وصارمة من الانضباط الذي تفتقده  فى مدنها وميادينها وشوارعها وقراها التى تعجُّ بالتكاتك والقمامة والبلطجة وجميع صور الفوضى وعدم الانضباط، فهل تشهد مصر قريبًا "حركة محافظين"، تتخلص من خلالها من محافظ الجيزة ومن يحذون حذوه فى التكاسل والتخاذل والخمول والعمل بعقلية الموظفين؟!
الجريدة الرسمية