رئيس التحرير
عصام كامل

بنكهة البطيخ.. اختراع أمريكي ينهي عصر البن

بنكهة البطيخ.. اختراع
بنكهة البطيخ.. اختراع أمريكي ينهي عصر البن
في بداياتها، لم تكن كل المشروبات مقبولة في أنحاء واسعة من العالم كونها مرتبطة أكثر بظروف وثقافات شعوب معينة.

لكن بعض المشروبات أضحت مع الوقت سلعة عالمية ومطلوبة بكثافة وتقف خلفها شركات ومصالح واستثمارات بمليارات الدولارات.


حدث هذا مع الشاي والقهوة، بل وبعض المشروبات المصنعة مثل المياه الغازية بالنكهات المختلفة، وبالتالي لن يكون مستغربا أن يسيطر مشروب مصنع جديد على مزاج العالم مستقبلا.

قهوة من بذور البطيخ
في أمريكا، حيث تضخمت أدوار التكنولوجيا لتلتهم جزءا كبيرا من حياة الناس، تعمل شركة "أتومو كوفي" الناشئة لتكنولوجيا الأغذية، على اختراع جديد تعتقد أنه سيؤدي إلى طفرة في عالم "مشروبات المزاج".

وتعمل الشركة على إنتاج "قهوة أتومو"، التي هي في الحقيقة خالية من القهوة، إذ أنتجت من مكونات معاد تدويرها مثل قشور بذور عباد الشمس وبذور البطيخ.

وتخضع تلك المكونات لعملية كيميائية حاصلة على براءة اختراع لإنتاج جزيئات تحاكي نكهة وشعور القهوة الحقيقية.

ويتم تحضير القهوة المنتجة تماماً مثل أي فنجان قهوة عادي، بل وتحتوي على مادة الكافيين.

كما يعمل فريق من علماء الأغذية والكيمياويين بقيادة الصديقين والشريكين المؤسسين آندي كليتش، وجاريت ستوبفورث، على أمل إنتاج مكونات لبدائل اللحوم، والبيض من منتجات بديلة، وكذلك الأمر بالنسبة للحليب.

نهاية عصر البن
تعدُّ صناعة القهوة التي تبلغ قيمتها 100 مليار دولار من أكثر الصناعات عرضة لتغير المناخ في العالم.

وتعدُّ قهوة أرابيكا، الأكثر شيوعاً في العالم، ويفضلها محبو القهوة والسلاسل التجارية الكبرى، مثل شركة "ستاربكس".

وتزدهر النباتات الحاملة لحبوب هذا النوع من القهوة، في المناطق الباردة التي تمتاز بمواسم ممطرة وجافة، إلا أنَ الاحتباس الحراري يتسبَّب في تقلص حجم هذه المناطق.

ومن المحتمل أن تفقد هذه النباتات تحديداً ما لا يقل عن 50% من موطنها، في غضون العقود السبعة المقبلة، وذلك بناءً على تقرير صدر عام 2019 عن علماء من الحدائق النباتية الملكية "كيو" في بريطانيا.

ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، ونقل المزارعين لمزارعهم بحثاً عن درجات حرارة أكثر برودة، ترتفع معدلات إزالة الغابات أيضاً.

عامان من التطوير
ومن هنا تأتي هذه التهديدات لتدفع بعمل كليتش وستوبفورث في هذا المجال.

وبعد أكثر من عامين من التطوير، سيطرحان أخيراً قهوتهما للبيع هذا العام في علب مشروب بارد.. وهما يخططان للتوسُّع في مجال البن الجاهز للاستخدام في المنزل والحبوب الكاملة في نهاية المطاف، وهي استراتيجية نموذج الشركة، وفقا لبلومبرج.

وقال ستوبفورث، الذي أمضى العقدين الماضيين في العمل في علوم الأغذية والتنمية: "نحب أن نعتبر أنفسنا "تسلا عالم القهوة"".

ويذكر أنَّ كليتش، هو رائد أعمال متعدد المشاريع، وعمل سابقاً في شركة "أمازون" كمدير منتج.

وتابع ستوبفورث: "قبل ظهور سيارات "تسلا"، لم يكن لديك أي خيار في حال أردت سيارة فاخرة وقوية لا تستخدم الديزل والوقود، والأمر كذلك بالنسبة لشركة "أتومو"، إذ لم يكن لديك أي خيارات في حال أردت قهوة جيدة غير مرتبطة بعمليات إزالة الغابات. لكنَك اليوم تملك ذلك".

الأطعمة النباتية
وفي حين أنَ هناك العديد من التصديقات والشهادات المتاحة لإثبات أنَّ المنتجات التي يتمُّ الحصول عليها تأتي من مصادر مستدامة، إلا أنَّ عدم وجود معيار موحد بمقاييس شفافة يترك الباب مفتوحاً على مصراعيه لاحتيال المنتجين وانعدام الثقة من المستهلكين، إلا أنَّ المستثمرين أصحاب الخبرة في دعم تكنولوجيا الأغذية النباتية يراهنون على أنَّ شركة "أتومو" تستطيع سدَّ هذه الفجوة.

وقد نجحت الشركة في جمع نحو 11.5 مليون دولار في جولتي تمويل منذ عام 2019، عندما انطلقت بحملة بداية بقيمة 25 ألف دولار.

ويشمل داعمو الشركة شركة "هورايزونز فينشرز" في هونغ كونغ، التي استثمرت أيضاً في شركة "إمبوسبل فودز" وشركة "أس 2 جي فينشرز"، التي تضمُّ شركة "بيوند ميت".

منافسة محتدمة
وتعدُّ الأطعمة النباتية ضمن الفئات الأكثر نمواً اقتصادياً، وهي لا تقتصر على الشركات الناشئة فحسب.

فشركة "نستلة"، على سبيل المثال، تطرح جميع أشكال المنتجات النباتية من الشوكولاتة إلى بدائل النقانق النباتية. وهناك أيضاً شركة "ماكدونالدز" العملاقة للوجبات السريعة، التي تقوم بإجراء تجربة على أول "برجر ماك بلانت" خالٍ من اللحوم في أوروبا، الذي تمَّ تطويره مع شركة "بيوند ميت".

وحتى أكبر شركة لحوم في أمريكا، وهي شركة "تايسون فودز" كشفت النقاب عن خطِّ منتجات لحوم نباتية بنسبة 100% في شهر مايو، التي تتضمَّن "لحم البقر" المفروم، وأنواعاً متعددةً من "النقانق".

ولكن حتى في ظل ذلك، تظل سوق القهوة سوقاً صعبة بشكل خاص. فعلى سبيل المثال، لدى العديد من الأشخاص علاقة خاصة مع القهوة أكثر من غيرها من المنتجات الغذائية، حتى المنتجات الشهيرة، مثل: المثلَّجات، وشطائر الـ"هامبرجر".

ومن ناحية أخرى، تختلف ثقافة القهوة بشكل كبير من منطقة إلى أخرى.

يذكر أنَّ الاسم "أتومو" جاء من الكلمة الإيطالية "أتوم"، هو تكريم لمقاهي الـ"إسبريسو" الشهيرة في ذلك البلد.
الجريدة الرسمية