منذ اعتلائه الخاطف لقمة السلطة السورية، الرئيس السوري أحمد الشرع، عام كامل من الأقنعة المتراقصة
يقول الكاتب البريطاني الشهير ويليام شكسبير "في مسرح الحياة تتراقص الأقنعة بين مخلص ومتلاعب"، فإلى أي الفصيلين ينتمي الرئيس السوري أحمد الشرع الذي أثار منذ اعتلائه الخاطف لقمة المشهد السياسي السوري في 8 ديسمبر 2024، حالة من الجدل في ظل تمتعه بدعم قوي من قوى ما زالت ترى في "القاعدة" و"داعش" وأخواتها أعداء لا يمكن التعامل معهم، بينما تمهد خشبة المسرح –في الوقت ذاته- لكي يظهر الشرع في صورة "المخلص".
الأفعال تكشف الجوهر
"يمكنك وضع جميع الأقنعة التي تريدها ولكن أفعالك ستقول دائمًا من أنت"، ففي مشهد جديد من "الهندسة الإعلامية"، خرجت تسريبات الرئيس السوري السابق بشار الأسد، مدعومة بقناة "العربية" السعودية، لتظهر الأسد في تسريبات مجتزأة في صورة "البطل الشرير" أملا في استكمال تغيير صورة الشرع النمطية وإظهاره في صورة البطل، مثلما فعلت جريدة "نيويورك تايمز" من قبل مشيرة إلى أن "الشرع كان يتعاون مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة تنظيمي داعش والقاعدة، منذ سيطرته على مناطق كانت خاضعة لسيطرته في شمال غربي سوريا منذ 2016".
لكن عاما كاملا من حكم الشرع كشف مدى براجمايته، حيث تخلى علنا عن مواجهة مع الغرب، وصور نفسه كـ"رأس جسر بين الشرق والغرب"، والتقط صورة من يقف طائعا إلى جوار مكتب سيد البيت الأبيض "دونالد ترامب"ـ ليصرح ترامب عقب اللقاء قائلا: "إنه قائد قوي للغاية، ويأتي من مكان صعب، وأنا أحبه وأجد انسجاما معه"، مؤكدا ثقته بأن "الشرع قادر على جعل سوريا عنصرا ناجحا في استقرار المنطقة وإحلال السلام فيها".
وتشير مجلة "نيوزويك" إلى أن "الشرع شق طريقه إلى ترامب بمساعدة الحملات النشطة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي نسب إليه ترامب علنا الفضل في مساعدة المتمردين على الإطاحة ببشار الأسد، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي استضاف أول اجتماع مصيري لهما؛ حيث كانت مصافحة ترامب الشهيرة للشرع خلال زيارته للرياض في مايو 2025 بمثابة نقطة محورية في إعادة تأهيل الشرع على المستوى العالمي".
الحماية الأمريكية مقابل التواجد العسكري الأمريكي في قلب سوريا
والمقابل، بحسب وسائل الإعلام قبول الشرع بـ"انتشار قوات أمريكية داخل قاعدة جوية سورية قرب دمشق لمراقبة الأمن الإقليمي والمساعدة في أنشطة مكافحة الإرهاب"، في مشهد لا يختلف كثيرا عن قبول بشار الأسد امتلاك روسيا لعديد القواعد العسكرية الجوية والبحرية على الأراضي السورية لـ"تسهيل العمليات العسكرية الروسية في سوريا وأفريقيا من خلال إنشاء وتوسيع قواعد عسكرية رئيسية أهمها قاعدة حميميم الجوية التي جرى تأسيسها عام 2015 بعد توقيع اتفاقية بين موسكو ونظام الأسد، وقاعدة طرطوس البحرية، وهي القاعدة الوحيدة التي تمتلكها روسيا في البحر المتوسط، وتعمل كمركز للدعم اللوجستي والتقني لأسطول البحر الأسود الموجود في البحر المتوسط، إضافة لرصد نشاطات قوات حلف الناتو وتحركاتها"ـ وفق دراسة أجرتها هاجر أيمن الباحثة بوحدة الأمن والدفاع في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.
وامتد قناع الشرع البراجماتي لما هو أبعد، حيث ذكر نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر سورية وروسية أن "الإدارة السورية الجديدة وضعت ثلاثة شروط للموافقة على إبقاء القواعد الروسية بالبلاد وهي الحصول على مليارات الدولارات، وتحديد مستقبل بشار الأسد المتواجد في روسيا، وإعادة الأموال السورية التي يعتقد أنها هربت إلى روسيا.
تطبيع مبطن للعلاقات الإسرائيلية السورية
مؤخرا، أجرى الشرع مقابلة مع شبكة "سي إن إن"، قال فيها: "إن إسرائيل تعمل على تصدير الأزمات إلى الدول الأخرى والهروب من المجازر التي ترتكبها في قطاع غزة، وتبرير كل شيء بالمخاوف الأمنية، بينما سوريا منذ التحرير أرسلت رسائل إيجابية لإرساء دعائم الاستقرار الإقليمي"، حسبما نقلت عنه وكالة "سانا" السورية للأنباء.
هذا ما قاله الشرع، لكنه على الجانب الآخر، يسوق نفسه كـ"جسر آمن لتقارب سوري إسرائيلي آمن بعد عقود طويلة من عداءات دمشق وتل أبيب"، مشيرا في تصريحات لجريدة "مللييت" التركية إلى أن "هناك مفاوضات بوساطة أمريكية بين سوريا وإسرائيل قد تُثمر إلى التوصل لاتفاق قريبا يُشبه اتفاق عام 1974".
وعلى مدى عام كامل، شنت سلطات الاحتلال الإسرائيلية عمليات توغل في ريف دمشق والقنيطرة ودرعا، وفرضت سيطرة كاملة على على الحدود السورية مع الأراضي المحتلة، ونفذت عمليات مداهمات للمناطق الحدودية، فيما اكتفى الشرع بـ"الإدانة والشجب والاستنكار"!
مقترح لتقسيم المنطقة الجنوبية في سوريا إلى ثلاث دوائر جغرافية وأمنية
تقول هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي": "نشر المعهد الأمريكي لدراسات الحرب على موقعه الإلكتروني خريطة تفصيلية قال إنها توضح مقترحا لتقسيم المنطقة الجنوبية في سوريا إلى ثلاث دوائر جغرافية وأمنية، في إطار يتعلق بالترتيبات الأمنية المستقبلية على الحدود مع إسرائيل".
ستشهد المنطقة الأولى توسيع المنطقة العازلة الحالية بين إسرائيل ومحافظة القنيطرة بمقدار كيلومترين داخل الأراضي السورية، ما يعزز المسافة الفاصلة بين قوات الجانبين؛ فيما تقع المنطقة الثانية مباشرة بعد المنطقة العازلة وتُعد الأقرب إلى الحدود الإسرائيلية، ولن يُسمح فيها للقوات العسكرية السورية أو للأسلحة الثقيلة بالانتشار، في حين سيُسمح لجهاز الأمن العام السوري والشرطة بدخولها وممارسة نشاطها. أما المنطقة الثالثة، فتمتد من المنطقة الثانية وحتى العاصمة دمشق، وستُصنف كمنطقة حظر جوي، ولا يزال غير واضح ما إذا كانت ستُفتح أمام انتشار القوات العسكرية والأسلحة الثقيلة، أو ستخضع لقيود إضافية، بحسب ما نقلته "بي بي سي" عن "المعهد الأمريكي لدراسات الحرب".
الاحتقان الطائفي لم يغادر المشهد السوري
لطالما تعهد الشرع بدولة سورية تراعي حقوق الجميع، لكن الواقع على الأرض يؤكد أن الاحتقان الطائفي لم يغادر المشهد السوري؛ إذ إن الشرع نفسه يتبنى خطابا طائفيا في مواجهة العلويين والشيعة والدروز في سوريا، وفق دراسة نشرها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات".
وليس أدل على ذلك من الصدامات الطائفية التي شهدتها منطقة الساحل السوري في مارس الماضي وراح ضحيتها أكثر من 1700 سوري في أعمال انتقامية نفتها عناصر محسوبة على الإدارة السورية الحالية، بحسب "الشبكة السورية لحقوق الإنسان".
ويشير "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" إلى أنه "على مدى عام كامل، مثلت الصدامات الطائفية التي شملت المناطق ذات الأغلبية الدرزية في محيط دمشق والسويداء، استمرارا للعنف الطائفي الذي بات ينتقل من منطقة سورية إلى أخرى، بسبب انتشار السلاح بين الأفراد والجماعات المحلية، في ظل غياب موقف واضح وحاسم من السلطة تجاه التجييش الطائفي والخطاب الديني المذهبي الذي يستخدمه نظام الشرع غطاء له. أضف إلى ذلك أن السلطة لم تتمكن من ضبط الفصائل المسلحة التي تتصرف باسمها أو ترتبط بها".
مخاوف من تحول سوريا إلى كانتونات طائفية متناحرة
ويضيف: "ما زالت الإدارة السورية الجديدة عاجزة عن التعامل مع جذور المشكلة الطائفية وتراها بعض الأوساط القريبة منها أمرا طبيعيا. وتتحمل هذه الإدارة مسؤولية رئيسة في رأب الشروخ بين فئات المجتمع السوري دون انحياز إلى تيار سياسي أو مذهبي معين؛ وتفعيل المادة السابعة من نص الإعلان الدستوري التي تحظر إثارة النعرات والتحريض على العنف من خلال تجريم التجييش المذهبي والطائفي العلني في سورية، ومنع قوات الأمن من التمييز بين المواطنين بناء على انتمائهم الطائفي، وإطلاق مسار للعدالة الانتقالية يحد من عمليات الانتقام خارج إطار القانون، وتجنب تحول سوريا إلى كانتونات طائفية متناحرة".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا




