أفريقيا تشهد 215 محاولة انقلابية منذ الاستقلال.. و10 خلال آخر 5 سنوات.. غرب أفريقيا الأخطر.. غينيا بيساو وبنين أحدث المحاولات.. الديمقراطية الزائفة والضعف الاقتصادي أبرز الأسباب
10 محاولات انقلابية في أفريقيا خلال 5 سنوات فقط.. منذ استقلال الدول الأفريقية عن الاستعمار البريطاني والفرنسي والبلجيكي، تجاوز عدد الانقلابات العسكرية المعلن عنها 215 محاولة، نجح نصفها تقريبًا في إزاحة الأنظمة الحاكمة، فيما تمَّ إحباط النصف، وبهذا باتت البيئة السياسية الإفريقية، أكثر مناطق العالم تعرضا للانقلابات العسكرية.
وخلال أيام قليلة، شهدت منطقة غرب القارة السمراء محاولتين انقلابيتين، الأولى خلال نوفمبر الماضي، في غينيا بيساو، والثانية قبل ساعات في بنين.
لم تستغرق الأزمة في بنين طويلا حتى أصبح "الوضع تحت السيطرة، ولم ينجح المتمردون في الاستيلاء على مقر إقامة الرئيس أو القصر الرئاسي"، وقد أوشكت الأوضاع أن تعود إلى طبيعتها.
ودعا وزير الداخلية، الحسن سيدو، المواطنين إلى “استئناف أنشطتهم الاعتيادية”.

وعلى الرغم من السيطرة المعلنة، لا يزال الغموض يخيّم على المشهد، ويترقب السكان بيانًا رسميًا يوضح تفاصيل العملية وما إذا كانت هناك خسائر بشرية.
ومن جانبه، سارع الاتحاد الإفريقي إلى إدانة محاولة الانقلاب “بشدة وبشكل قاطع”، داعيًا الجيش إلى العودة إلى ثكناته، وحاثًا “جميع الأطراف المتورطة” على وقف الأنشطة غير القانونية والعودة إلى مهامهم المهنية دون تأخير.
أما المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) فقد أعلنت أنها أصدرت أوامر بالنشر الفوري لعناصر من قواتها الاحتياطية في بنين، بعد إحباط محاولة انقلاب في البلاد.
وذكرت المنظمة في بيان، أن القوة، التي تضم جنودًا من نيجيريا، تهدف إلى دعم الحكومة الشرعية وحماية النظام الدستوري.
وأشار الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو، في بيان، إلى أن سلاح الجو النيجيري تدخل بطلب من السلطات البنينية لتأمين المجال الجوي وتنفيذ عمليات عاجلة بالتنسيق مع كوتونو، مؤكدًا أن التدخل جرى ضمن تفويض إيكواس بهدف حماية الشرعية الدستورية، مشيرا إلى أن بنين طلبت أيضًا دعمًا بريًا، وأن وحدات من القوات البرية النيجيرية موجودة بالفعل داخل الأراضي البنينة.

وحسبما ذكر بيان الرئاسة النيجيرية، فقد ساعدت الطائرات المقاتلة في إبعاد المتورطين في المحاولة الانقلابية من مبنى التلفزيون الحكومي ومن إحدى القواعد العسكرية.
كما أفادت تقارير إعلامية بسماع دوي انفجارات عقب غارة جوية يُشتبه في وقوعها في مدينة كوتونو الساحلية، مقر الحكومة.
الوضع أصبح تحت السيطرة الكاملة
فيما أكد رئيس بنين باتريس تالون، في تصريح للتلفزيون الحكومي مساء الأحد، أن الوضع أصبح تحت السيطرة الكاملة، موجهًا الشكر إلى القوات المسلحة والقيادة العسكرية على "ولائهم للدستور". وشدد على أن محاولة الانقلاب "لن تمر دون عقاب".
في غضون ذلك، أدان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل ليوناردو سانتوس سيماو، محاولة الانقلاب في بنين غربي إفريقيا، وذلك في بيان أصدره مكتب الأمم المتحدة للاتصالات الاستراتيجية والإعلام العام، أمس الأحد.
قبل ذلك، كانت مجموعة من الجنود قد ظهرت في وقت سابق من أمس الأحد، على التلفزيون الرسمي في بنين، معلنة حلّ الحكومة.
وأعلن العسكريون الذين عرفوا أنفسهم باسم "اللجنة العسكرية لإعادة التأسيس": أن مجموعتهم "اجتمعت الأحد 7 ديسمبر 2025، وتداولت وقررت إقالة باتريس تالون من مهامه كرئيس للجمهورية".
محاولة الانقلاب جاءت في الوقت الذي تستعد فيه بنين لإجراء انتخابات رئاسية في أبريل، والتي من المنتظر أن تضع نهاية لولاية الرئيس الحالي تالون الذي يتولى السلطة منذ عام 2016.
طالع للمزيد: قارة لا تعرف النوم، 200 انقلاب فى أفريقيا منذ الاستقلال، خمس وأربعون واقعة استيلاء مسلح على السلطة خلال عقد، والجابون لن تكون آخر القائمة
وقبل أيام من محاولة الانقلاب الفاشلة في بنين، نجح الجيش داخل غينيا بيساو في الاستيلاء على السلطة إثر انقلاب عسكري فيما يعد الانقلاب العاشر الذي تشهده القارة السمراء في غضون خمسة أعوام.
وخلال هذه الأعوام، شهدت كل من السودان ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وكذلك مدعشقر وغينيا بيساو وغينيا والجابون انقلابات عسكرية، أطاحت حكامًا مدنيين وسط عجز التكتلات الإقليمية على غرار الاتحاد الأفريقي عن وقف هذه العدوى.
وبعد نجاحهم وعد الانقلابيون بإجراء انتخابات عامة وتسليم السلطة إلى المدنيين، لكن بعضها مثل مالي شهد انقلابات عسكرية أخرى أطالت أمد المرحلة الانتقالية، وقوضت بصورة كبيرة الآمال باستعادة الحكم المدني، خصوصًا مع تنامي العنف المسلح.
التكتلات مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) خنق العسكريين الذين انقلبوا على الحكم في بعض الدول مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو اقتصاديًا من أجل الضغط عليهم لتسليم السلطة إلى المدنيين، لكن مساعيها لم تنجح.

ورغم الوعود البراقة التي أطلقها الحكام العسكريون الذين صعدوا إلى السلطة في أفريقيا وتتعلق باستعادة الأمن والاستقرار وتحقيق التنمية، فإن الأوضاع تتدهور بصورة مستمرة في القارة.
أسباب الانقلابات
من جانبه، رأى الباحث السياسي النيجري عبدول ناصر سيدو أن "من الضروري التأكيد أن الانقلابات جاءت بسبب مشكلات في الحوكمة وإدارة البلدان المعنية، ووسط عجز الحكام السابقين عن إيجاد حلول لانشغالات وحاجات السكان".
وأضاف أن "أفريقيا عانت لعقود من حكام فاسدين يحظون بدعم من دول غربية، وهؤلاء الحكام كانوا متورطين في نهب ثروات دولهم التي كانت تتخبط في أزمات اقتصادية حادة، لذلك جاءت الانقلابات كرد فعل على ذلك".
وتتوالى هذه الانقلابات العسكرية في وقت تعاني فيه الدول المعنية أزمات أمنية واقتصادية حادة في ظل انتشار غير مسبوق لجماعات مسلحة بعضها يسعى إلى الانفصال، وبعضها الآخر يتبنى أفكارًا متشددة.
الأوضاع الاقتصادية
وفي السياق، يؤكد الباحث السياسي المتخصص في الشؤون الدولية نزار مقني، في تصريحات صحفية، أن "القارة الأفريقية شهدت بالفعل منذ خمسة أعوام موجة انقلابية، وصلت إلى 10 انقلابات كان آخرها في غينيا بيساو، وهي موجة لا يمكن اختزالها في نزوة عسكرية ولا في صدف سياسية متلاحقة، بل خلف هذه الانقلابات تقف بيئة سياسية وأمنية واقتصادية هشة، تنتج وضعًا يسمح للجيوش بأن تتقمص دور المنقذ حين تتعطل آليات الحكم المدني أو تتآكل شرعية السلطة القائمة".
موجة الانقلابات العسكرية
الدكتورة نجلاء مرعي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، وخبير الشئون الأفريقية، تقول، في تصريحات لـ"فيتو": شهدت بنين محاولة انقلاب قادها العسكريون بعد انقلاب نوفمبر 2025، في غينيا بيساو، وهذا يطرح أمامنا عدة تساؤلات حول عودة موجة الانقلابات العسكرية مرة أخرى في أفريقيا، خاصة أننا شهدنا خلال السنوات الخمس الماضية 11 انقلابا ناجحا، غير المحاولات الفاشلة، ومنها محاولة أمس الأحد في بنين، وشهدت منطقة غرب أفريقيا وحدها 7 انقلابات ناجحة، حتى إن بعض الخبراء يطلقون على هذه المنطقة "حزام الانقلابات الجديد"، وأعتقد أن ذلك دليل واضح على تراجع موجة التحولات الديمقراطية، وزيف الادعاءات الانتخابية، فأصبحنا نشهد المحاولات الانقلابية المتعددة في القارة الأفريقية، وخاصة في الغرب، مشيرة إلى أن بنين تمثل واحدة من صور الديمقراطيات المزيفة في أفريقيا، وجاءت المحاولة في الوقت الذي تستعد فيه لإجراء انتخابات رئاسية في أبريل القادم بعد انتهاء ولاية الرئيس الحالي الذي تولى السلطة في 2016، وهذا يطرح العديد من الأسئلة حول الأسباب الحقيقية للانقلابات.
صور ديمقراطية لغطاء ديكتاتوري
وأضافت: أعتقد أنه في منطقة الساحل بالذات هناك صور ديمقراطية لغطاء ديكتاتوري، وهناك أنظمة موالية للنفوذ الفرنسي مثلا، مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجرر، على سبيل المثال هناك كثير من القادة العسكريين الشباب، يدبرون مشهد الانقلابات المتكررة في غرب أفريقيا.

وأضافت: رغم السيطرة على الوضع الأمني خلال ساعات، فإن هذا يمثل استجابة لتغيرات في داخل المجتمعات الأفريقية على مستوى رفض النخب العسكرية والشبابية في العديد من دول القارة، وخاصة الغرب الأفريقي، لاستمرار الأنظمة القديمة المدعومة من الغرب، ولا ننسى ضعف اقتصادات هذه الدول التي أصبحت هشة بل وصارت المنطقة كلها هشة، نتيجة عدم احترام المواثيق الديمقراطية فلجًا كثير من العسكريين لاسيما القادة الشباب لمحاولات الانقلاب.
وردا على تساؤل لـ"فيتو" حول دور "الإيكواس" (مجموعة غرب أفريقيا الاقتصادية"، تؤكد د. نجلاء مرعي أنه في الحقيقة لو أخذنا مثلًا للإيكواس، ما هو دور الإيكواس؟ وهذا سؤال مهم.. تحدثنا عنه كثيرًا في محاولة انقلاب غينيا بساو، وينطبق الأمر بالنسبة لمحاولة انقلاب بنين، بمعنى أن الإيكواس فيما يتعلق بغينيا فإن إعادة غينيا بيساو إلى النظام الدستوري هي فرصته الحقيقية، فتدخلها ليس مجرد مبادرة إنقاذ، بل هي اختبار شرعية لفرض قواعد الدستور والانتخابات في مواجهة الانقلابات المتكررة، ولإعادة الثقة مرة أخرى بأن الانتقال الديمقراطي لا يزال خيارًا قائمًا خصوصًا بعد ما انسحبت دول مثل النيجر ومالي وبوركينا فاسو من نطاق التأثير، إذن فأي فشل في غنيا بيساو سيكلف المنظمة كثيرا؛ لأن غنيا بيساو هي التي تحقق بها الانقلاب بالفعل، أما في بنين فهي مجرد محاولة حتى الآن. الخلاصة أن انقلاب غنيا بيساو أي فشل فيه يعني انتكاسة كبيرة لسمعة الإيكواس كضامن للاستقرار في غرب أفريقيا.
اختبار الإيكواس في غينيا بيساو
وأشارت د. نجلاء مرعي إلى أن قدرة الإيكواس في النجاح في غينيا بساو تعتمد على مدى استعداد العسكريين للتراجع وما الى ذلك.. الإيكواس لديها اختبار للشرعية مهم جدا أعتقد أنها لابد أن تثبت نفسها في غينيا بيساو؛ حتى لا يتكرر الوضع وحتى لا تحقق بنين انقلابها العسكري الحالي وتصبح محاولة ناجحة بعد ذلك.
وتضيف: الإيكواس بالنسبة إلى غينيا بيساو أمامها ثلاثة سيناريوهات بعد زيارة وفد الإيكواس لغينيا بيساو: إما أن تحاول إقناع العسكريين بالاستجابة المحدودة، يعني عبر قبول نشر النتائج، وبدء حوار مشروط، أو تحاول أن تفرض بعض العقوبات وبعض العزلة، ولكنها ستتحسب من تكرار ما حدث في النيجر، بأن يتم انسحاب غينيا بيساو ايضا، أو أن تحاول ان يكون هناك انفراج جزئي يقبل من خلاله الانقلابيون بتقصير الفترة الانتقالية، مع الاحتفاظ طبعا بقدر من النفوذ، ولكن من المتوقع ان الإيكواس تواجه مشكلة كبيرة تتعلق بإثبات مدى قدرتها على الاستقرار في غرب أفريقيا.
وبعد انتهاء الأزمة في بنين، من المتوقع أن نشهد قيام وفد من الإيكواس بمحاولة زيارة بنين، للاطمئنان على استقرار الأوضاع كما حدث في غينيا بيساو.
وتعليقا على ما حدث، تقول د. نجلاء مرعي: ما حدث في بنين، لو رجعنا لبنين فما حدث هو نتيجة تفاعل معقد بين إرث تاريخي في الدول الافريقية، وواقع سياسي واقتصادي مضطرب لم يجد المعالجة بصورة صحيحة، ما يعني هشاشة البناء البنية المؤسسية وتراجع الثقة في الأنظمة المدنية، كما نؤكد أنه كان المفروض أن تشهد البلاد في إبريل القادم انتخابات رئاسية ولكن تم الاستعجال من قبل العسكريين لأنهم من الواضح أنهم يعلمون النتائج مسبقا.. وأيضا لا ننسى غياب الإصلاحات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية.
وهذا هو المشهد الذي يسيطر على غرب أفريقيا والمحاولات المتكررة الانقلابية التي تزعزع استقرار المنطقة وتساعد على التدخل الدولي وزيادة النفوذ التقليدي من بعض الدول.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا


